دون الدخول في مواضيع معينة أو الإشادة بشخص أو رأي أو توجه دون آخر، إلا أنه من المؤسف حقاً أن نرى عبر وسائل الإعلام المختلفة خاصة القنوات الفضائية والصحف المحلية بعض رواد الفكر وجهابذة الكلمة يتراشقون الحديث ويتبادلون الاتهامات منها ما يصل إلى التشكيك في الانتماء والمواطنة، متعدياً ذلك أحياناً إلى التجريم وطلب المسائلة أو المحاكمة وذلك عند مناقشة موضوع معين واختلاف وجهات النظر حوله أو نقد توجه أو رأي ما. فمهما كان التباين والاختلاف حول الطرح أو الميول أو التوجه، فلا يجب أن يصل الأمر إلى شخصنة الحوار وجعله فرصة لانتصار الذات والانتقال بالحديث أو اللقاء إلى الدفاع عن أفكار ورؤى لا تمت إلى الموضوع بصلة، خاصة وأن هؤلاء بما لديهم من وعي بمجريات الأحداث وعواقب الأمور يدركون تماماً بأن هذا الأسلوب من المواجهة أو المكاشفة لم ولن يعود على المجتمع بأي منفعة أو يحل أي قضية قد تكون في حجمها وأهميتها وارتباطها بالمجتمع أكبر من أن تعالج بهذا المستوى من الطرح وأنه إذا ما استمر الجدل فيها وغيرها من القضايا بهذه الطريقة فإن ذلك مدعاة للقلق وأنه بلا محالة سينعكس سلباً على رغد وعيش المجتمع بأسره لما قد يفرزه من تأجيج للصدور وإثارة للعداوة والبغضاء في وقت نحن أحوج ما نكون فيه الى التآزر والتعاون واللحمة بكل ما نملك من أجل أمن وسلامة هذا الوطن. أجزم بأنه ليس هناك تبييت للنية أو تربص أحد بالآخر وإنما نحسب والله الحسيب أن تمسكهم بآرائهم والدفاع عن وجهة نظرهم إنما هو نابع من إخلاص وقناعة بأن المصلحة العامة فيما يرونه وأنهم قبل الخوض بعمق في نقاش أي قضية لا يخفاهم تبعات ما قد يفرزه ذلك ويرون ما حلّ بمن حولنا من فتن ومصائب وكيف كانت الشعوب هي الضحية وأن الوطن مستهدف من أكثر من جهة وربما يستغل ذلك من قبل قنوات ممنهجة خارجياً ويحدث عكس ما نستهدفه من فتح هذه الملفات أمام الرأي العام دون جدوى. وما يعنينا هنا أن الاستمرار في ترك الحبل على الغارب في فتح الملفات والحوار فيها بعمق دون ضابط أو هدف محدد، يعني عدم جدوى طرحها أصلاً وجعلها لقمة سائغة للمتربصين والحاقدين عبر المنتديات والقنوات الفضائية دون نهاية واضحة بل قد تخلف رواسب فكرية عند فئة معينة من المجتمع أو خارجه يصعب حينئذ إذابتها. ومن وجهة نظري الخاصة فإنه لا مانع من إثارة أي موضوع أو طرح للنقاش وإعطائه حقه من الدراسة المستفيضة، بل قد يكون أمراً بناءً لنصل في النهاية إلى أفضل الحلول والمعالجات والتعامل معها وفقاً لما تقتضيه المصلحة العامة، ولكن ليس بالضرورة أن يكون عبر قناة فضائية أو صحيفة يومية ولكنه يطرح بآلية مدروسة وأطر واضحة تصب في مصلحة الوطن والمواطن، كأن يكون على سبيل المثال عبر مجالس خاصة تمهيدية تُعد لهذا الغرض يتم اختيار المواضيع فيها وفقاً للأحداث وحسب أهميتها وكفاءتها، كما يكون النقاش مفتوحاً في مراحل معينة بحضور ذوي الرأي والاختصاص من علماء ومفكرين وساسة، يبلور على أساسه موضوع النقاش أو المشكلة والآراء والمقترحات المتناولة ومن ثم يرفع إلى الجهة المعنية كمجلس الشورى مثلاً أو أي جهة أخرى مناسبة لمناقشته بشمولية ومن ثم رسملته وتحديد جدوى طرحه من عدمه والخروج منه بنتائج ومخرجات تصب في النهاية في مصلحة الوطن والمواطن والذي هو ما يصبو إليه الجميع. حفظ الله ديننا ووطننا وحكومتنا وأمد الله في عمرِ خادم الحرمين الشريفين وأيده بنصره ومتعه بالصحة والعافية إنه سميع مجيب.