سارعت فرنسا إلى تطويق الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت، أخيرا، مع المغرب بسبب إطلاق السفير الفرنسي في واشنطن نعوتا قدحية في حق شريكها الأول في القارة الإفريقية. وتلقى العاهل المغربي، محمد السادس، اتصالا هاتفيا من فرنسوا هولند، رئيس الجمهورية الفرنسية، على إثر هذه الأزمة الدبلوماسية الطارئة بين البلدين. وذكر بلاغ للديوان الملكي، تم تعميمه على وسائل الإعلام المحلية، أنه "على ضوء التوضيحات التي تم تقديمها في هذا الشأن، اتفق قائدا البلدين على مواصلة الاتصالات خلال الأيام المقبلة على مستوى الحكومتين، والعمل وفق روح العلاقات المتسمة بطابع التميز التي تجمع البلدين". ونشبت أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين الرباط وباريس بعد نشر وسائل إعلام فرنسية تصريحا منقولا عن السفير الفرنسي في واشنطن نعت فيه المغرب بعبارات قدحية، وهو ما أثار حفيظة المسؤولين المغاربة وخلف ردود فعل شعبية غاضبة. وبادرت الحكومة المغربية إلى التنديد بهذه التصريحات ودعت باريس إلى اتخاذ خطوات عملية وملموسة لرد الأمور إلى نصابها. كما رفضت الرباط استقبال مبعوث خاص من الرئيس الفرنسي، ما جعل الأخير يبادر إلى مهاتفة العاهل المغربي من أجل تطويق هذه الأزمة، كما أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانا كذبت فيه ما نسب الى سفيرها في واشنطن. ويشار إلى أن هذه هي الأزمة الثانية التي تنشب في ظرف أقل من ثلاثة أيام بين الرباط وباريس. وسبق أن احتجت الرباط بقوة، السبت الماضي، على "الأسلوب الفج الذي اتبعته السلطات الفرنسية" في تعاطيها مع شكاية تقدمت بها جمعية مسيحية مغمورة ضد أحد كبار رجال الأمن المغاربة حول "تورطه المزعوم في ممارسة التعذيب". وقام سبعة من رجال الشرطة الفرنسية بزيارة إلى مقر إقامة السفير المغربي في فرنسا من أجل تسليمه "إشعار باستدعاء من قبل قاضي التحقيق" لمدير المخابرات الداخلية المغربية. واعتبرت الخارجية المغربية هذا التصرف خارجا عن القواعد الدبلوماسية المعمول بها، كما استنكرت "الحالات القضائية التي تم التطرق إليها، والتي لا أساس لها". وكشفت مصادر إعلامية أن مسؤولي وزارة الخارجية الفرنسية عبروا في اجتماعهم بسفير المغرب في باريس، أول أمس الاثنين، عن استغرابهم مما حدث في قضية استدعاء مدير المخابرات الداخلية المغربية، وأكدوا أنهم لم يكونوا على علم بالأمر. ودخل مجلس الشيوخ الفرنسي على الخط في هذه الأزمة وطالب بعض أعضائه "بإلحاح" سلطات بلادهم بتقديم "توضيحات عاجلة ودقيقة بخصوص هذه الشكاية. ووصف رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية بمجلس الشيوخ الفرنسي كريستيان كامبون، وأعضاء مكتب المجموعة، في بيان نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، هذه الخطوة ب "غير المقبولة"، مؤكدين أن "من شأن هذا الحادث الخطير وغير المسبوق المساس بجو الثقة والاحترام المتبادل بين المغرب وفرنسا". كما أعرب الأعضاء بمجلس الشيوخ الفرنسي عن أسفهم لكون مداهمة سبعة من عناصر الشرطة الفرنسية لإقامة سفير المغرب بفرنسا "تأتي في وقت يقدم فيه المغرب دعما متواصلا لبلدنا" بمالي ومنطقة الساحل. وحسب البيان، فإن كريستيان كامبون وأعضاء مكتب مجموعة الصداقة "يرفضون استخدام مساطر من هذا القبيل والتي تتنافى وجميع الأعراف الدبلوماسية والاتفاقيات بين فرنسا والمغرب". وخلص البيان إلى أنه "من جهة أخرى، فإن المنهجية المتبعة والتوقيت الذي تم اختياره للترويج الإعلامي لهذا التدخل يثير العديد من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية لهذه القضية ومحركيها الحقيقيين في وقت كان فيه وزير الداخلية المغربي في فرنسا للمشاركة في اجتماع مع نظرائه الفرنسي والإسباني والبرتغالي حول الأمن".