قرر الحزب الشعبي الإسباني المعارض إحراج حكومة رئيس الوزراء خوسيه لويس ثاباتيرو في علاقاتها مع المغرب، على رغم مرور فترة قصيرة فقط على بدء حوار مغربي - إسباني لتجاوز الأزمة الأخيرة بين البلدين. ورأى مراقبون في زيارة زعيم الحزب الشعبي ماريانو رخوي المقررة إلى مليلية المحتلة بالتزامن والاستعدادات الجارية للاحتفال باحتلالها منذ قرون عدة، مؤشراً تصعيدياً، أقله لناحية وضع الحكومة الإسبانية في مأزق بعدما تعهدت بتجاوز أسباب الأزمة الأخيرة مع الرباط. وانتقدت أوساط المعارضة الإسبانية قبول حكومة مدريد ترحيل سيّاح إسبان نظموا تظاهرة مؤيدة ل «بوليساريو» في العيون، كبرى حواضر الصحراء الغربية. ورأت في ذلك إذعاناً لمطالب مغربية، فيما أقرت حكومة مدريد بسريان مفعول القوانين المغربية في الصحراء. معتبرة أن المبررات التي قدمتها السلطات المغربية حول الأعمال التي نُسبت للسياح الإسبان كانت مقنعة، ولا علاقة لها بممارسات الدفاع عن حقوق الإنسان. وفيما ترددت أنباء عن عزم أولئك السيّاح تنظيم قافلة بحرية إلى المحافظات الصحراوية، أعلنت تنظيمات مغربية غير حكومية أنها ستتصدى لأي محاولة لخرق المياه الإقليمية. ونُقل القول عن وزير الاتصال (الإعلام) المغربي خالد الناصري إن حكومة بلاده «لن تترك المسألة من دون تدخل، والمغرب دولة منظمة لها قوانينها ككل الدول التي تحترم مبدأ سيادة القانون». إلى ذلك، أعلن ناشطون مغاربة في شمال البلاد أنهم سينظمون تظاهرات احتجاج ضد زيارة زعيم الحزب الشعبي لمليلية المحتلة أمام معابر المدينة. وجاءت الدعوة بعد مبادرة سابقة شملت حظر عبور الشاحنات الإسبانية التي كانت متوجهة إلى مليلية في وقت سابق، قبل حلحلة الوضع. غير أن رئيس الديبلوماسية الإسبانية ميغيل أنخيل موراتينوس نحا في اتجاه الإشادة بمجالات التعاون القائم بين المغرب وإسبانيا، مؤكداً أن علاقات البلدين متميزة. وأوضح المسؤول الإسباني أمام مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية) أن الاجتماعات الدورية التي تُعقد على مستوى عال تشكّل أداة لتفاهم ودرس كل القضايا ذات الاهتمام المشترك، مؤكداً أن علاقات مدريدوالرباط تطاول الجانب الثنائي في ميدان الاستثمارات وتنسيق الجهود في الحرب على الإرهاب والتصدي للهجرة غير الشرعية. وكذلك في الإطار الأوروبي كون المغرب يحظى بصفة «الوضع المتقدم» في علاقاته وبلدان الاتحاد الأوروبي. ووصف المغرب بأنه «شريك موثوق وملتزم» بخاصة في إطار الحوار ضمن منظومتي الاتحاد من أجل المتوسط وفعاليات الشراكة في مجموعة 5+5 التي تضم المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا إلى جانب كل من إسبانيا وإيطاليا وفرنسا والبرتغال ومالطا. واعتبر مراقبون تصريحات موراتينوس مبادرة للتقليل من تأثير زيارة زعيم الحزب الشعبي لمليلية، كونها ذات خلفيات انتخابية تتعلّق بالصراع الداخلي في إسبانيا. على صعيد آخر، يبدأ وفد من مجلس الشيوخ الفرنسي زيارة ميدانية للمحافظات الصحراوية لتقويم الموقف. ووصف رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي زيارة الوفد بأنها تعكس التزاماً لباريس بموقفها الصريح المساند لخطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب مرجعية للمفاوضات حول الصحراء. وأجرى الوفد الفرنسي محادثات مع المسؤولين المغاربة، في مقدمهم رئيس الوزراء عباس الفاسي ورئيس مجلس المستشارين محمد الشيخ بيد الله ووزير الداخلية الطيب الشرقاوي، عرضت لآفاق العلاقات المغربية - الفرنسية وسبل تطويرها.