ابتهجت كثيرًا بما نشر في جريدة المدينة, عدد يوم الجمعة الرابع والعشرين من شهر رمضان الفائت بخصوص مبادرة سعادة الأستاذ الأديب أحمد باديب المتمثلة في شراء بيت من ماله الخاص من بيوت جدة التاريخية بحي المظلوم، وقيامه بترميمه على أصوله القديمة، وترتيبه على نحو يتفق مع بيوت البلد المكونة من مجلس ومأخر ومركّب وخزانة وصفّة وطهارة ودهليز ومقعد وسطوح ومبيت وحليق وحنية الفحم وغيرها، وقد استغرق ترميم البيت حوالي 17 شهرًا حتى جاء موافقًا ومشكلاً صورة طبق الأصل عن الماضي الجميل في منطقة جدة التاريخية طبقًا لما نشر عن هذا العمل الرائد الذي يُشكر عليه الأستاذ أحمد باديب ويُؤجر إن شاء الله, ويعدّ إضافة جديدة إلى رصيده الكبير من أعمال الخير، وإلى أياديه البيضاء في دعم الثقافة والتراث الوطني في مختلف ميادينه وحقوله، ولا نملك إلا أن ندعو الله سبحانه وتعالى له بمزيد من الخير والعطاء، وأن يجعل كل ما يقدمه من دعم وتشجيع للثقافة والمثقفين, ولمدينة جدّه التي أحبها وعشقها، ولوطنه الكبير المملكة العربية السعودية بعامَّه, أن يجعل ذلك كله في ميزان حسناته، وأن يوسع عليه في رزقه، وينسأ له في عمره, ويزيده من فضله إنه سميع مجيب. كما ندعو الموسرين من أهل جدة، ومن خلافهم إلى أن يعطوا مثل هذه الأعمال الخيّرة في مختلف أنحاء المملكة جانبًا من اهتمامهم، وأن يتعهدوها ببعض فضول أموالهم؛ ففيها شيء غير قليل من حفظ أسمائهم، وتخليد ذكراهم، وتأدية واجب وطني تفرضه المواطنة الصالحة على كل موسر تجاه وطنه ومواطنيه، ولن يخلو مثل هذا العمل الرائع من الأجر والمثوبة من الله سبحانه وتعالى، وإنني اتفق مع سعادة الأستاذ أحمد باديب في تصريحه الذي أدلى به للجريدة المذكورة في أثناء زيارة أعضاء جمعية الحفاظ على التراث العمراني لهذه المدينة الرائعة، ولابد من الإشارة - على قوله - إلى أنه لو تمكن كل مقتدر من شراء بيت قديم وترميمه لتمكنا من الحفاظ على المنطقة التاريخية, وفي نهاية حديثة بهذه المناسبة وجه دعوة صادقة لكل الموسرين من أهل جدة ممن يملكون منازل في جدة التاريخية بأنه يمكن إعادة ترميمها, والاستفادة منها على نحو يحفظ لمدينتها طابعها التاريخي المميز، ويحافظ على ما بقي لها من تلك الثروة العمرانية الرائعة التي إن لم تتوفر لها الهمم، وتتعهدها أيدي أهلها بترميمها وصيانتها والمحافظة عليها فإنها إلى سبيل الزوال لا محالة، فلابد من ترميم ما بقي منها من البيوت التاريخية بجدة، ولابد من المحافظة على الوجه التاريخي للمدينة، خصوصاً وأن الهيئة العامة للسياحة والآثار تسعى جاهدة لتسجيلها في لجنة التراث العالمي باليونسكو، ولا إخالها إلا ستنجح إن شاء الله بفضل الهمة العالية, والجهد الحثيث الذي يبذله صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار والفريق العامل معه في هذا الخصوص. وأي جهد يبذل كذلك الذي بذله الأستاذ أحمد باديب سيساعد الهيئة - دون شك - في مساعيها الرامية إلى تسجيل جدة التاريخية في لجنة التراث العالمي باليونسكو. فشكراً لك أيها الرجل المفضال الأستاذ أحمد باديب، وشكراً لجهودك المشكورة والمأجورة إن شاء الله، فما قدمته وتقدمه يعبّر تعبيراً صادقاً عن مواطنة صالحة بحق وحقيقة.