تصوير - محمد الحربي .. أمضيت ثلاث ساعات جميلة في وسط جدة التاريخية وتحديداً في بيت "أحمد باديب" التراثي التاريخي كانت الجلسة في بدايتها صغيرة وهادئة ثم بدأ الضيوف يتوافدون على مقعد "أحمد باديب" التراثي إلى أن تجمع عمد المحلات والفنانون والمهتمون بالتراث الإسلامي وبمنطقة جدة التاريخية. أضواء على الجانب الآخر تلقي اليوم المزيد من الضوء على الكواليس التي حدثت في مدينة جدة التاريخية يتحدث عنها الأديب والمؤرخ والباحث أحمد محمد باديب الذي اشترى أحد بيوتات جدة القديمة في المنطقة التاريخية واطلق عليه اسم "بيت أحمد باديب" ووضع فيه العديد من التحف والآثار الإسلامية العريقة وصرف مبالغ كبيرة في ترميم البيت ووضعه في "خدمة التراث الإسلامي". الحوار اليوم متشعب الجوانب يعود بنا إلى الجذور وإلى أهل جدة الطيبين .. كيف كانت عاداتهم في الزواج كيف كانت ألعابهم وكيف احتفظوا بالالعاب الشعبية القديمة ولنبدأ الحوار مع الأستاذ أحمد باديب. قلت في البداية وأنا في "المركاز" داخل "بيت باديب" للشيخ أحمد محمد باديب حدثنا عن هذا البيت التاريخي الذي نجلس فيه الآن وكم عمره الزمني؟ قال الأستاذ أحمد باديب : نحن نعرف أن اقدم مالك لهذا البيت هو عم يحيى محمد سلامة قبل 135 سنة هذا الرجل تملك هذا البيت بموجب "الصك العثماني" ووضعنا اسمه على الباب انه أول مالك للبيت ثم انتقل إلى شخص آخر اسمه "باسندوه" وأنا اشتريته من "باسندوة" قبل أربع سنوات واخذنا (مدة سنة) حتى حصلنا على التصاريح الخاصة بالترميم وحصلت على المعلومات القديمة من أهل البيت لنعرف كيف كان البيت وحاولنا قدر المستطاع أن نعيد البيت لما كان عليه في السابق واعتقد أن الدور الواحد مساحته تقريباً (مائة وعشرون متراً) وهو ستة أدوار ومبني على الطريقة القديمة وكله عبارة عن (مؤخر) و(مجلس) و(صفة) وهكذا كانت البيوت القديمة ونحن الآن نحاول شراء بيت "سليمان قابل" وكان من أوائل رؤساء "الغرفة التجارية" وكان من اغنى الناس في مدينة جدة وعندهم "شارع قابل" الذي سمى باسمهم وهذا البيت في يوم من الأيام كان قصراً، ومن البيوت القليلة في جدة التي كان لها حوش ومجالس دواوين ضخمة وفي آخر سنوات هذا البيت (تجده مهملا) نتيجة اختلاف الشركاء وكل ما نحاول أن نقوم به الآن هو (شراء هذا البيت) لنقوم بتعميره ونعيده إلى ما كان عليه لأنه بضخامته وكبر حجمه يمكن أن يستفاد من هذا البناء في عقد ندوات للنادي الأدبي أو إحدى المؤسسات المهمة تديره وتستغله في التنشيط السياحي وهكذا.وكل ما نحاول أن نقوم به الآن هو تشجيع الناس والتجار ومن لهم بيوت قديمة بالعودة لتأهيل هذه البيوت التاريخية القديمة للسكن لأنها الآن (غير مؤهلة للسكنى) للشخص الميسور الحال ومن يسكن فيها بعض الفقراء,وهذا ما حدث في (بيت باديب) أدخلنا فيه "المكيفات" والمياه - والحمامات النظيفة وكل الإمكانات التي تجعل الإنسان يمكن أن يعيش فيها ويمكن أن يستخدم هذه البيوت كأماكن للترفيه. عرض أشياء تراثية: ما هي أهم مكونات هذا البيت؟ بمناسبة مهرجان جدة التاريخية عملنا في أدوار هذا البيت أشياء تراثية بحيث يمكن للزائر أن يرى كيف كان التراث.في أحد الأدوار يوجد تلفزيون ووضعت فيه جميع الحلقات التي تحدثت فيها عن "جدة التاريخية" بالإضافة إلى لوحات للأخ سامي تركستاني عرضنا مجموعة من اللوحات الجميلة عن "بيوت البلد" وهذه اللوحات تتواكب مع أوضاع البيوت القديمة والسطوح تم إعداده من زجاج بحيث أنك في السطوح "تتفرج على كل بيوتات جدة القديمة" لأن هذا البيت عال ووجود الزجاج أعلى السطح يجعلك تقوم بعمل (بانوراما) لكل المنطقة التاريخية في جدة وكل زوار مهرجان جدة التاريخية كانوا يصعدون إلى أعلى البيت لمشاهدة "بيوت جدة القديمة" لأن البيت في وسط حارتي المظلوم والشام. تسهيل ترميم البيوت: ما هي علاقة أصحاب البيوت القديمة في جدة مع أمانة مدينة جدة والجهة المشرفة على صيانة منطقة جدة التاريخية؟ أنا شخصياً ليس لي علاقة مع أمانة جدة فأنا مواطن من "أهل جدة" أقوم بعملية التطوير والتأهيل للبيت الذي امتلكه بنفسي دون أية علاقة مع البلدية ولم تكن هناك أية علاقة إلا في موضوع "التصريحات" والحقيقة أنها أخذت مني وقتاً طويلاً جداً وأتمنى على الاخوان (في الأمانة) تسهيل عملية "ترميم البيوت" وليس من المقبول وضع مبالغ ضخمة وفرض شروط تعجيزية على أصحاب البيوت فتطيح جميع البيوت وتصبح (خرائب)،وعلى الأمانة تشجيع الناس في هذا التوجه. رأي العمدة عبدالصمد: وهنا تدخل في الحوار العمدة عبدالصمد محمد عبد الصمد عمدة الشام والمظلوم الذي أبدى وجهة نظره حول تطوير المنطقة التاريخية وقال:بالطبع ما دام الشيخ أحمد باديب "الهامة والقامة" تحدث فأنا أكون صغيراً أمام معلوماته,ما شاء الله,وقد أبدع عن سكان جدة التاريخية وكلنا يعرفها..إنها أربعة أحياء (يمن - بحر - شام - مظلوم) وهذه الأحياء ليس عليها جدال وجدة التاريخية لها مجموعة من المحبين من الأدباء والمفكرين والمثقفين ومن بينهم الشريف أحمد في جمعية المحافظة على التراث وهناك اخوة من جدة يعملون للمحافظة على جدة التاريخية (ومهرجان جدة التاريخية) شهد حضورا كبيرا لم تشهده جدة التاريخية من قبل وهو نوع من التعطش لأنه في كل مدن المملكة (اقيمت مهرجانات وتفوقت (جدة) والحضور أكثر مما هو متوقع - لأن - مهرجان جدة التاريخية عبارة عن (متحف متكامل) من خلال البيوت القديمة والتي تمت تغذيته بالعديد من الفعاليات بنوع من الاحترافية فقد نجح المهرجان نجاحاً كاملا والحمد لله. المعوقات: وقلت للعمدة عبدالصمد : كيف نستفيد من التراث القديم في جدة التاريخية؟ فقال هناك عدة معوقات تعيق عملية الترميم (في منطقة جدة التاريخية) من بينها الأنظمة واللوائح ونظم اليونسكو وفقا لشروط الهيئة العامة للسياحة والآثار فلديها بعض النماذج (عن البيوت المصانة) يجب الالتزام بها ونحن نرى الآن في مقعد الشيخ (أحمد باديب) أنموذجا لمقعد يقدم التاريخ,وفي هذه البيوت القديمة نجد مجموعات الصور القديمة التي كانت منتشرة أيام زمان ونحن نناشد الأمانة وكل من لهم صلة بالتراث القديم وهم في أماكن تسهيل الحصول على التصاريح لتنمية جدة التاريخية - والدولة - يحفظها الله عندما منحت الأرض - كل - أهل جدة انطلقوا إلى الخارج - وحتى - نعيد أهل جدة القديمة إليها لابد من إعادة تأهيل هذه المناطق التاريخية وايجاد الجلسات والمقاهي القديمة فهذه الأماكن لو عادت لجدة القديمة لجذبت الناس. عائلات مترابطة: وطرحت سؤالا جديدا على الشيخ أحمد باديب وقلت له:لقد تحدثت في النادي الأدبي عن بيوتات وعوائل جدة اذكر لي أهم العناوين التي تناولتها في هذه المحاضرة؟ أجاب:باختصار شديد هذه البلد كلها وأقصد مدينة جدة القديمة كانت عبارة عن (كيلو وربع × كيلو وربع) وليس هناك عائلة في هذه المدينة إلا ويربطها بالعائلة الأخرى صلة قرابة أو نسب وكل العائلات مرتبطة مع بعضها البعض ولم يكن يفرق بينهم "الغني أو الفقير" لأنك كنت تدخل المسجد وتجد أناسا يجلسون في الصف الأول واحد من أغنى الأحياء جالس يمزح مع واحد من أفقر الناس في البلد ولم يكن الفقر أو الغنى يفرق بين الناس وكان أهل جدة بطبيعتهم لا يحبون هذه الأبهة وقد حصرنا مع الأستاذ محمد صادق دياب اسماء عوائل جدة كلها ..وكانت هناك عوائل يطلق عليهم (الصنايعية) وهم من يعملون العمل بيدهم هذه عائلات تعمل في الحرف والصناعات الخفيفة وهناك مهن في البحر لارتباط طبيعة مدينة جدة مع البحر مثل بيت (بكر) و(بيت سلامة) يعملون في البحر وبيت أبوداود ثم عوائل التجار وهو أما يبيع (بالمفرق) يعني بائع صغير أو بيت تجاري أي من يستورد البضاعة ومن يبيعها ويقوم بالتعليم أيضا لأن البيوت التجارية كانت ترسل أولاد العوائل التجار ليتعلموا عند الموظفين عملية مسك الدفاتر (في التجارة) وكيف تدخل المناقصة,وكانت البيوت التجارية عبارة عن معاهد تعلم أبناء التجار. بمعنى أن جدة كان فيها عوائل تجارية كبيرة وعوائل (أصغر) ثم أصحاب المهن وهناك أصحاب مهن يعملون "بلسانهم" مثل الدلالين الذي يعملون في الحلقة والخضار لأنهم دلالون (وأ صحاب مهن) وهكذا تنوع النشاط التجاري في مدينة جدة. أراضي الحكر: ما هي أشهر بيوت جدة في الزمن القديم ومازالت موجودة حتى الآن؟ قال الأستاذ أحمد محمد باديب: أولاً لابد أن تعرف أن كل الناس لم يكن لديها بيوت فإذا كان الشاب (فلان) سيتزوج وليس مع العريس إلا مبلغ من المال ويحاول استئجار (منزل) للزواج فيه ولكن أهل الحي يرفضون ذلك ويقولون له احضر هذا المبلغ المتوفر معك واصعد لعمل دور عندي في البيت وأنا ابني لك دورا علويا في منزلي للعريس الجديد ويكتب له ورقة بحجم ما له في هذا المنزل من "قراريط" ويصبح البيت الموجود به 24 قيراط تجد فيه أربعة أو خمسة افراد يسكنونه وهذا من طيبة الناس - وكانت هناك أراضي يحكروها - وتدفع لها إيجار 5 أو 6 ريالات في السنة وكان كل الناس يسكنون مع بعضهم البعض. * وطرح سؤال عن ما معنى "الحكر"؟ ** قال الأستاذ أحمد باديب لكي أوضح معنى الحكر فانت إذا قمت بحفر بئر ماء والدولة أذا اعطيتها البئر تعطيك الدولة على حجم هذا "البئر" الذي بنيته 32 ذراعا أو 40 زراعا حول البيت - إذا - قمت بعمل 5 أو 6 أبيار يعطوك كل هذه الأراضي حولها وبالتالي لم يكن الناس يستطيعون بناء هذه الأراضي بل كانوا يعطونها لغيرهم عن طريق "الحكر" كأنك تؤجر لهم هذه الأرض بمعني أن الحكر هو التأجير وإذا هدمت الحكومة الأرض فهي تعوض صاحب البناء وصاحب الأرض..وكثير من بيوت جدة (حكر). وأذكر أن أهالي جدة كانوا يعانون من نقص في المياه ولذلك بني في جدة (360) صهريجاً في وسط جدة وفيها (مياه) تسمى مياه (رديس) وهي عبارة عن مياه ليست (حلوة) وليست (مالحة) بل وسط بين الاثنين وتستخدم في البناء والغسيل وهكذا، أما مياه الشرب فكانت تأتي من (الكنداسة) والتي أقيمت في عام 1905م وكانت بعض المياه الحلوة تأتي من عين الوزيرية ومياه قليلة تأتي من (عسيلة) ومياه من أبرق الرغامة والذي كان في السابق قشلاقا للأتراك، وكان فيها "الهاشميون" وعندما جاء الملك عبدالعزيز أخذها من الهاشميين وعملوا (أبرق الرغامة) وكان بجوارها (عين الوزيرية) وعندما جاء الملك عبدالعزيز أحضر لنا المياه من (وادي فاطمة) وعندما وصلت المياه إلى جدة عملوا في كل حي مكانا لشرب المياه اسمه (بزان) وهو اسم لمهندس تركي وصاحب المكان الذي توجد فيه المياه.. وبعد السقا ظهرت الوايتات والعربات ثم عملت الصهاريج أما العائلات الكبيرة فكان لديها "أبيار خارج المدينة" وكانت العائلات تضع على فتحاتها (بقشة) لأنه في حالة وصول مياه السيول تصل إلى البئر يعملون (البقشة) ولها حبل حتى تنزل هذه البقشة بكافة الشوائب في المياه ويأتي العم (عبدالله شرقي) ليأخذ هذه المياه النظيفة ويوزعها على الناس,وعم عبدالله شرقي هو والد الأستاذ محمد الحسون الذي كان يعمل مديراً عاماً في عكاظ ولأنه من الرياض وكل أهل الرياض يطلقون عليهم (شرقي) ثم أصبح فيما بعد مسؤولا عن الكنداسة وكان لديه أسطول من العربات لتوزيع المياه في أحياء جدة، والحقيقة أن جدة لم تتمرد وتكسر سورها إلا عندما جاء الملك عبدالعزيز بمياه من العين العزيزية.. وعند هذا الحد أصبح لدى الناس المياه فكسرت جدة أسوارها وبدأت تخرج من الحارات إلى خارج السور وكثر الناس في حي النزلة اليمانية لأن الملك عبدالعزيز كان كل أهل النزلة يأتون بقدورهم ويأخذون الطعام من القصر بدون مقابل (من القصر الملكي).والقصر مفتوحأمام أهل النزلة فبدأت تتمرد مدينة جدة على أسوارها وتخرج وتقريباً راح ربع مدينة جدة ما بين التحسينات وشارع الذهب في منطقة جدة التاريخية التي كانت حول الأسوار. لماذا هذا اللقاء؟ قلت للأديب المؤرخ أحمد محمد باديب لماذا هذه الصحبة التي أراها من عمد الأحياء القديمة في جدة عمدة الشام والمظلوم وعمدة اليمن ما هو الجديد لديكم؟ لقد تجمعنا اليوم لكي (نهنئ أنفسنا) أننا أخيرا وجدنا اهتماما ووجدنا قيمة لبلدنا (جدة التاريخية) من المسؤولين وقد كانت فرحتنا بهذا المهرجان كبيرة مثل إنسان كان عطشاناً وجاء من يسقيه المياه ويقول له أنت مازلت حياً وأعاد له الحياة إلى حد كبير وكل من نراهم اليوم في هذا المجلس هؤلاء الذين جلسوا يعملون ليل نهار على أمل أن يأتي اليوم الذي تسقى فيه (جدة بكأس من الماء) وهذا المهرجان هو الذي سقى مدينة جدة التاريخية وفرحنا به ونحن نلتقي اليوم لكي نقول لهم شكرا وأقول لهم لقد بذلتم الجهد المشكور وأذكر أن كثيراً من ألعابنا أيام زمان لم نستطع عرضها في هذا المهرجان كنا نلعب (الكبك) و(العزيزة) والقمقم وفي داخل البيت كانوا يجسدون "يارب يارحماني" وأشياء كثيرة يمكن أن نعمل عليها وإن شاء الله في العام القادم سنقوم بنشاطات ثقافية حتى يصبح المهرجان (أحلى وأحلى) وتاريخ جدة يجب أن يتعرض (لأخلاق أهل جدة) وأخلاق أهل جدة نحاول أن نزرعها من جديد في نفوس شباب أهل جدة لكي يعرف الناس كيف كان أهل جدة يتصرفون مع بعضهم البعض وكيف كانوا يعيشون بأخلاقياتهم وكيف كانت تقاليد الزواج لأن عندنا (تقاليد للزواج في الحجاز) لا يوجد مثيل لها في العالم كله، وفي السابق لم يكن لدينا (صالات للأفراح) ولا شركات ضخمة لإعداد الطعام وعندما يقدم شاب على الزواج أهل الحارة يتفقون أن (ابنهم هو الذي يتزوج) الذي عنده فرش يقول له أحضر الطباخ عندي ليقوم بالطبخ عندي، أهل الحارة الذي يتولى السفرة والآخر يغسل المواعين الذي لا يوجد عنده شيء يعمل بيده يقوم بتوضيب (جلسة الفرح) وكان الناس يجلسون في الفرح حسب أعمارهم - كبار السن في مجلس ثم الأقل سناً والشباب وكان هناك تكامل اجتماعي وتراحم بشكل لا يمكن تخيله - ويتقدم أحدهم ليعلن أنه مسؤول عن العربات التي ستحضر "العروسة" ويدفع أجرتها وآخر يدفع حساب الحمالين.. كل الناس تتراحم بهذا الشكل ويصبح الفرح (للحارة كلها) وإن شاء الله في العام القادم سوف نحرص على إيجاد كل هذه الظواهر الجميلة القديمة في المهرجان وموضوع "الزفة" و"الرحماني". وعندما كانت تأتينا المطرة كنا نخرج بأولادنا وأهالينا ومعنا (حريمنا) الذين يصعدون إلى السطوح ليتابعوا المطرة لأنها من "البركة" وفي هذه الاثناء نغني ونحن أطفال: يا مطرة حطي حطي على قريعة بنت اختي بنت اختي جابت ولد سمته "عبدالصمد". هكذا كانت الحياة في جدة بسيطة وسهلة. بيت باعشن: المنطقة المحيطة (ببيت باديب) غير بيت قابل ما هي أهم هذه البيوت حولكم في المنطقة التاريخية القديمة من جدة؟ "هذه المنطقة فيها (بيت باعشن الضرير) واسمه محمد صالح باعشن وعنده ولدين (عم أحمد وعم عبدالقادر) والباب الكبير الذي عملوا منه بوابة مقبرة الأسد كان مقعد هذا الرجل الضرير وكان الوحيد في جدة (عنده شيشة) لها أربع ليات لأنه مورد (جراك) والمجلس الخاص كان به شيشة واحدة وأربعة يستخدمونها في وقت واحد ويستخدمها كل من هم في المجلس. وكان كبار أهل البلد يحضرون لمنزل الشيخ محمد صالح باعشن ليتعاملوا مع الشيشة صاحبة الأربع ليات، وكان عنده موظفين لأنه كان يستورد (الشاهي الهندي) وأحمد عبدالرحمن باعشن عنده (شاهي سيلاني) وعنده جيراك.ومحمد صالح باعشن متزوج من اخت أحمد عبدالرحمن باعشن وكان يطلق عليه "شاهبندر التجار" لأنه كان رئيس غرفة جدة والآخر يسموه (الضرير لأنه كان أعمى) ومن بيت باعشن كانوا يسمون المخرجين لأنه عندما كانت تأتي البضائع كانوا يحضرون الجمال ولابد أن يقوم أحد الافراد ليفصل البضاعة الموجودة عليه إلى أي شخص هذه البضاعة وفي أي مدينة وعندما تصدر بضاعة من جدة إلى المدينةالمنورة هناك من يقومون بشحن البضاعة ويسمون "المخرجين" وهناك فرع آخر أحدهم كان يعمل في البحرية برتبة "ِزعيم". وعم (عمر باعشن) كان يدق (عود) وكان من أجمل الأصوات.. وكان هناك عم (رياض علي) حتى لا يعرف أهله أنه (يغني) لأن أهالي جدة كانوا في ذلك الوقت يخافون من الغناء ومن أشهر الأصوات في ذلك الوقت (عم حسن جاوة) وكان من أحلى الأصوات وكانت العائلات الكبيرة تحضره في الأفراح الكبيرة.. وعم سعيد زقزوق كان شيخ الخياطين وكان يغني أيضاً وصاحب صوت جميل. ثم قدم الأستاذ أحمد باديب شرحاً وافياً للحضور عن والده وجدة وعمه والصور التاريخية التي سجلت لهم في هذا الزمن القديم وشرح لباس كل منهم والعمامة التي يضعها فوق رأسه في تناسق جميل ومبهر. وفي تلك اللحظة أيضاً انضم إلى مجلس الشيخ أحمد باديب،مدير عام فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة مكةالمكرمة الذي تحدث عن جدة التاريخية ومدى اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة بتطوير جدة التاريخية وتطوير بيوتها القديمة وأشاد بالشيخ أحمد باديب الذي فتح "بيت باديب" للزوار والمترددين على منطقة جدة التاريخية للتعرف على الآثار والمقتنيات التي يضمها البيت. كأس الماء الذي سقى مدينة جدة التاريخية: ثم أخذ دفة الحوار الأستاذ أحمد باديب وقال: إننا نجتمع اليوم حتى نهنئ بعضنا البعض على هذا المهرجان وأقصد (مهرجان جدة التاريخية) والذي وجدنا صدى له بعد سنوات طويلة يقام في هذه المدينة، وقد تحدثت وقلت إن هذا المهرجان هو "كأس الماء" الذي اسقيت به مدينة جدة التاريخية لتستعيد الحياة. هذا المهرجان كان البداية وأتوقع أننا لو استطعنا أن نقنع المسؤولين في المهرجانات التالية فإننا سوف نستطيع أن نحيي كل شبر من آثار وتراث هذه المدينة الجميلة حتى نحيي كل شبر في هذه المدينة التاريخية التي نسعد ونفخر بها وقد سعيت إلى هذه الجمعّة الطيبة هذه المجموعة التي تابعت المهرجان لكي يكون في العام القادم بإذن الله تعالى لدينا فعاليات أكبر وأكبر وأن نتواصل من خلال وسائل الاتصال لعمل فعاليات أكثر وهناك أشياء كثيرة جداً في جدة لم نقم بها هذا العام.. العام القادم سنقوم بأوبريت (يارب يارحماني) وهذا المهرجان مهمة السيدات والإعداد للسبوع واستقبال المولود الجديد وعندي شريط فيه أغاني "الرحماني" وسوف نعمل زواجا لطيفا في أحد الأركان وأيضا سنقوم بعمل العديد من الألعاب ومنها (لعبة الكبك والعزيزة) والألعاب التي نلعبها خارج البيت وداخل البيت كان عندنا ألعاب "الكيرم" والزبيطة و"قم قم" وكان عندنا ألعاب (جمال جمالي فين جمالك) وكان لدينا ألعاب نلعبها في السطوح بين الأولاد والبنات وسنحاول عمل كل هذه الألعاب ونركز على الألعاب التي فيها "أخلاقيات" لأن أهم ما يميز جدة هو محبة أهلها لبعضهم البعض وحسن أخلاقهم وكلامهم الجميل وتعاطفهم وتكاتفهم مع بعض يضرب به المثل، وسنعرض أيضا لموضوع (الحكواتي) والذي كان موجودا لدينا في سوق الجامع وكان يحكي للناس بعد صلاة العشاء وكان يتقاضى مبلغا بسيطا، وكانت جداتنا في السطوح ينصبن "الناموسية" وإحدى السيدات الفضليات فيها بزيها "المحرمة والمدورة" وكنت سعيدا أن إحدى السيدات في جدة لبست اللبس الجداوي القديم وسوف نعيد كل هذا التراث ونعد سمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز من خلال الأخ محمد العمري أن نقوم بشكل ومهرجان أحلى وأحلى ومن سعادتي الغامرة أحببت أن أخلد كل جهد لمن عمل في هذا المهرجان والذين يحاولون إعادة الروح لمهرجان جدة التاريخية. وقال إن بيوت جدة القديمة لم يكن فيها (دكاكين) ولكن للأسف الشديد هدموا البيوت وأقاموا فيها دكاكين لأنها (تدخل فلوس) فالدكاكين في السابق كانت بين الحارات ونحن سنحاول باستمرار أن نشجع أصحاب رأس المال لشراء البيوت القديمة وترميمها واليوم دعوني أقول شكرا لكل من ساهم في تعمير وإقامة (مهرجان جدة التاريخية) بهدية رمزية وشهادة تقدير. وذكر جزءا يسيرا عن المظاهر القديمة في المساجد و"المكيرية" ودعوات بالذكر والصلاة والسلام على رسول الله الكريم. ثم قدم مركز أحمد باديب للدراسات والاستشارات الإعلامية شهادات تقدير وهدية تذكارية لكل من: الأستاذ عبدالله بكر والعمدة عبدالصمد محمد عبدالصمد والعمدة ملاك باعيسى والفنان سامي بستاني والاستاذ يوسف عبدالرؤوف خليل والشريف أحمد الهاجري والعم حسن يحيى قائد ومقعد جدة الذي قدم هدية تذكارية لصاحب الأمسية وغازي جمجوم ووليد شلبي و "يسمى العمدة الصغير" والأستاذة عبير السليمان التي حصلت على ثلاثة أوسمة. وهمام صادق. وقدم الأستاذ أحمد باديب شكراً خاصاً للسيدة عبير السليمان وهي من أهم السيدات والتي قدمت مجهودا كبيرا لانجاح مهرجان جدة التاريخية وقدم لها شهادة تكريم خاص لجهودها.وقد رحبت بالجائزة وشكرت صاحب المقعد (أحمد باديب) على هديته التذكارية وقالت:"إننا سنحرص على أن نقدم كل طاقتنا لانجاح المهرجان في الأعوام القادمة. كلمة الهيئة العامة للسياحة والآثار: آخر المتحدثين في المقعد كان الأستاذ محمد العمري مدير عام فرع هيئة المساحة والآثار بمنطقة مكةالمكرمة الذي قال:" الحقيقة أنني اعبر عن سعادتي لصاحب هذا المكان والمناسبة وهناك تواصل مستمر بيننا وبين الأخ أحمد باديب.. وأنا فخور جداً بهذه المناسبة وهذا الجمع في هذه الجمعة الاخوية العائلية دون أي مراءاة. فالمكرم يستاهل التقدير والمكرم يستاهل التقدير ومهرجان جدة التاريخية قام في اليوم الثاني للمهرجان وأعلنت في الصحافة عن المهرجان الثاني ولقد كانت جدة التاريخية بالنسبة لي مثل الحلم ولقد شاهدنا جدة التاريخية منذ سنوات،جدة التاريخية عزيزة على كل سكان جدة والمهرجان الذي اقيم في جدة التاريخية هو نتائج الإدارة المسؤولة عن المهرجان مع الإدارة الوسطى مع رجال الأعمال وأصحاب بيوت جدة القديمة.. وضم أربعة كواكب موجودة لانجاح هذا المهرجان تضم أمانة مدينة جدة والغرفة التجارية بجدة والهيئة العامة للسياحة والآثار إضافة إلى أصحاب البيوتات التاريخية القديمة لهم منا جميعا الشكر والتقدير التي اوصلتنا جميعا لهذا النجاح المتميز وسوف يشهد المهرجان القادم استعدادات "أحلى وأحلى" بإذن الله تعالى" واشاد بالدور الذي قام به صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ محافظة جدة في تسخير كافة إمكانات المحافظة لانجاح فعاليات (مهرجان جدة التاريخية) والذي حقق حضوراً وصل إلى (7400 ألف مشارك) حضروا المهرجان في أيامه العشرة بموجب مركز أبحاث متخصص في الحصر وهذا المهرجان الأكبر سياحيا في جميع مناطق المملكة. الجنود المجهولون: وفي ختام اللقاء قال الأستاذ أحمد محمد باديب:"هناك جنود مجهولون وراء إنجاز ما تحقق في مهرجان جدة التاريخية وهم عبدالعظيم بن شيهون وعادل محمد المصري.هؤلاء الجنود المجهولون بذلوا من الجهد والسهر الشيء الكثير لترتيب مقتنيات "بيت أحمد باديب" مما جعلنا نستمتع بهذا التوهج التراثي القديم طوال أيام المهرجان وشكرا لهؤلاء الأبناء من كل قلبي على جهودهم".