قبل الخوض في علاج الفيروس الكبدي سي (ج) لابد من معرفة أشياء عن الفيروس ومدى انتشاره. فبينما كنا نتحدث عن نسب عالية نسبياً في السابق تصل إلى 2% من السعوديين وإلى 5% من السعوديين فوق سن الخمسين إلا أن النسب انخفضت مؤخراً. وبعض هذا الانخفاض حقيقي بينما البعض الآخر وهمي لأنه يعتمد على تحاليل المتبرعين بالدم وتحاليل ماقبل الزواج. ولهذا سنأخذ بنسبة 1% كنسبة مقبولة لإصابة السعوديين بالفيروس سي. ولو ترجمنا هذا إلى أرقام فإننا نتحدث عن قرابة 190 ألف سعودي يعانون من التهاب الكبد المزمن سي. 20-30% منهم قد يتطور الالتهاب إلى تليف على مدى 15-30 سنة. وستون بالمائة من هؤلاء يحملون الفيروس سي النوع الرابع. في السابق كنا نعالج التهاب فيروس سي المزمن بنوع مطور من الإنترفيرون مع عقار الرايبافرين. ومنذ 11 عاماً كنا نتحدث عن مجموعة من الأدوية الجديدة التي ستكون أكثر فاعلية وأقل أعراضاً جانبية ومنها عقار السوفوسبوفير وغيره عندما كان يحمل أرقاماً بحثية. مؤخراً كثر الحديث عن عقار السوفوسبوفير (Sofosbuvir)، ونتائجه الجيدة مما أوجد حالة ارتباك وتدافع في طلب العلاج. مما حدا ببعض المختصين أو المهتمين بالشأن الصحي إلى طرح اقتراح معالجة جميع السعوديين المصابين بالفيروس بهذا العقار الجديد للقضاء على الفيروس. ولو غضضنا الطرف موقتاً عن التكلفة الباهظة جداً لمثل هذا الإجراء، حيث تبلغ التكلفة الكلية البالغة قرابة خمسين مليار ريال (أي مايعادل نصف ميزانية وزارة الصحة تقريباً). لو تغاضينا عن ذلك كله فلن نستطيع أن نتغاضى عن الحقائق الأخرى. منها أن علاج السوفوسبوفير ليس بنفس الفعالية مع النوع الرابع من فيروس سي، وأن مستقبل علاج الفيروس سي سيكون عن طريق إعطاء علاجين أو أكثر، وأن العقارات المتوقع إجازتها خلال عام 2015 تفوق عقار السوفوسبوفير جودة إذ أنها تتميز بفعالية ضد كل أنواع فيروسات سي الستة وقد تصل نسب الاستجابة معها إلى 100%. لقد سبق وأن تحققت واحدة من أكبر قصص النجاح في الوقاية من فيروس (بي) في السابق عندما أدرج تطعيم بي كتطعيم إجباري للأطفال حديثي الولادة وعند دخول المدرسة مما خفض نسبة الفيروس (ب) من حوالي 7% إلى أقل من 1%. نريد لمثل هذه القصة أن تتكرر ولكنه لم يحن الوقت بعد للأسباب السالفة الذكر. وأعتقد أنها ستكون خياراً مطروحاً في نهاية عام 2015 أو بداية 2016م. إلى أن يحين ذلك الوقت سيبقى قرار علاج حالات الفيروس (سي) الفردية قراراً طبياً بالتشاور مع المريض.