حين يخلع الربيع زهوره ونباتاته على كثبان رمال نجد وحزونها وتلاعها فانها تكون منظرا بديعا زاهيا وبساطا سندسيا موشى بالوان الزهور فمن زهور بيضاء الى صفراء الى حمراء ولا ربيع كربيع نجد حين يجود عليها المسبل الهطل !! ولا صنع ولا إبداع كصنع الخالق سبحانه وتعالى!! ولكن يد الانسان العابثة تمتد اليه وتأبى الا ان تظهر في الأرض الفساد تهطل الامطار بفضل الله مدرارة ولانرى زهورا ولاربيعا!! اين ذهب ذلك البساط السندسي من الربيع واين ذهبت زهور الخزامى والربل، يطرح هذا التساؤل كل من يخرج الى صحارينا الممتدة حول مدننا. كل من يرى هذا العبث الجنوني الذي طال معظم صحارينا. وحين نرى سياجا يمنع دخول السيارات ونرى كيف تنمو زهور الربيع بداخله وكيف يصبح بساطا اخضر حتى مع الامطار القليلة. وماحوله وقد اصبح يبابا وصحراء بلقع نرى البرهان ماثلا امامنا. فلا احد يتصور مايسببه مرورالسيارات من تدمير للغطاء النباتي الصحراوي حتى ولو كان المرور لمرة واحدة فان التدمير لا يطال فقط (موطئ الاطارات) وانما يشمل مابينهما وماحولهما وها نحن نرى مواطئ عجلات السيارات لا ينبت فيها نبات حتى لو كان هذا المرور منذ سنوات!! سيقول الكثيرون وماذا بعد هل يستطيع احد ان يمنع مرور السيارات!! اقول لا ولكننا نستطيع منع العبث والفوضى (البرية) التي دمرت بيئتنا الجميلة سيروا في برارينا وصحارينا من صحراء النفود الى الربع الخالي ومن الدهناء الى عريق الدسم ولن تروا مترا مربعا الا وفيه آثار لمرور السيارات وفي كثير من الاحيان عبث وفوضى وتدمير للغطاء النباتي وقطع للاشجار خاصة قرب المدن. ولكن ما الحل والحالة تلك؟ وفي رأيي فإنه ببساطة حماية بعض المناطق التي تشتهر بنمو نباتاتها وزهورها من قبل احد جهتين وهما وزارة الزراعة، والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وانمائها وهذه الحماية تتم بوضع حاجز لمنطقة محددة بمساحة لاتقل عن (10×10)كم ويمنع الدخول اليها من بداية فصل الخريف وحتى بداية فصل الربيع. فالمشكلة تكمن في ان النباتات والحشائش لايترك لها فرصة للنمو منذ بداية أول ظهور لها فتداس بكل ذي خف وحافر وكل اطار فالخف يدوس والحافر يقطع والإطار يهرس فكيف ستتفتح زهور الربيع!! وفي بداية فصل الربيع (اواخر شهر ابريل وبداية شهر مارس) سترون العجب كيف نما هذا النبت ونمت ازهاره وتفتحت وعندئذ يسمح بمرور السيارات عليه ولكن بنظام لاعبث ولا فوضى فيه وبهذا يعود الينا البساط الاخضر وزهور الربيع. هناك نماذج مضيئة ومتميزه لجهود ناجحة لبعض المحافظات لحماية الغطاء النباتي من العبث مثل نجاح محافظة عنيزة في حماية صحراء (الغضا) من العبث وذلك بتكاتف لامثيل له بين الجهات المسؤولة في المحافظة في الحفاظ على الغطاء النباتي من (الرعي الجائر) المتمثل في انزال قطعان المواشي ذات الاظلاف الحادة التي تقطع النباتات منذ اول ظهور لها في بداية الشتاء وبالتالي عدم استطاعة المواشي نفسها في الاستفادة منها حيث قطعت قبل نموها، وجهد آخر ناجح للمحافظة وهو منع (الاحتطاب الجائر)، وتبقى منع (التطعيس الجائر)، واتمنى ان تقوم امارة القصيم بتعميم هذه التجربة الناجحة على بقية المحافظات، وان تتبنى الامارة بقيادة سمو الامير الهمام فيصل بن بندر بن عبدالعزيز بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وانمائها ووزارة الزراعة بحماية مساحات محددة حول كل محافظة بوضع سياج (شبك) على مساحة محددة حول المحافظات ومنع الدخول لها او الرعي فيها منذ بداية فصل الخريف وحتى بداية فصل الربيع وارى انها لن تكلف جهدا كبيرا وستعيد لنا الغطاء الربيعي المفقود وان تقوم حملة في كل منطقة تتكون من جماعة (أصدقاء البيئة) من ابناء المنطقة وبعض المهتمين بدعم من الدوائر الحكومية بدور (حامي الربيع) والغطاء النباتي ويقومون بتنظيم الحملات للتوعية تنظيف الصحاري والمرابع من المخلفات وتتبع المخالفين الذين يعتدون على مرابعنا ويقومون بتجريفها والاعتداء عليها والرعي الجائر والاحتطاب الجائر فيها، كذلك وهذا لكي نستمتع بالربيع وفصله بعد ان سرقت منا بهجته وروعته.