لايمكن اعتبار حديث عضو الجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم ورئيس لجنة تعديل النظام الأساسي للاتحاد خالد المعمر ل"دنيا الرياضة" يوم (الأربعاء) الماضي، لايمكن اعتباره حديثاً عابراً وهو يوجه سهام النقد لاتحاد الكرة بقيادة أحمد عيد الذي كسب أول انتخابات في تاريخ اتحاد القدم من أمام المعمر، وهو بالمناسبة الحديث الأول من نوعه والأبرز هذا الموسم، إذ تطرق المعمر لموضوعات حساسة وشائكة لم يقل اتحاد الكرة تجاهها كلمته بعد، فموضوعات مثل تسويق المسابقات السعودية وحقوق النقل التلفزيوني ومتاجر الأندية وأسعار التذاكر، فضلاً عن عدم وجود شركاء استراتيجيين ورعاة للأندية. بطء غير مفهوم تجاه كراسة النقل التلفزيوني.. وكلمة الأندية غائبة حديث المعمر فيما يتعلق بتسويق المسابقات السعودية أكد على حجم معاناة اتحاد الكرة تجاه التسويق وفشله في الحصول على رعاة للمسابقات السعودية، وهنا قد يقول البعض ان اتحاد الكرة تمكن من إيجاد رعاة للمباراة النهائية لكأس ولي العهد، غير أن ذلك يمكن اعتباره تأكيدا على فشل الاتحاد في تسويق منتجاته، فرعاية المباراة النهائية من قبل جهات عدة جاءت لتواكب حجم المناسبة ومكانة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، فهذه البطولة لها قيمة ومكانة وأهمية لدى الأندية والجماهير والإعلام، وبالطبع لايمكن إغفال طرفي اللقاء الهلال والنصر، فوجود مثل هذين الفريقين الكبيرين بتاريخهما وتنافسهما التقليدي أسهم بشكل مباشر في تسابق الرعاة والمعلنين، لكن ماذا لو كان أحد طرفي اللقاء فريق من الدرجة الأولى أو من الفرق التي لاتحظى بزخم إعلامي وتواجد جماهيري كبير؟. أيضاً لايمكن أن تُعد مبادرة "بنك البلاد" الذي قام بدور مميز ينم عن شعور بالمسؤولية من خلال رعاية قرعة كأس الملك للأبطال وتجاوبه مع اتحاد الكرة نجاحاً للاتحاد، طالما أن الاتحاد لم ينجح في توفير رعاة عدة للمسابقة بكل مبارياتها منذ بدايتها وحيث النهاية. الاخفاق في تسويق المسابقات والحصول على موارد مالية ينسحب أيضاً على مسابقة دوري الأمير فيصل بن فهد ودوري الدرجة الثانية ودوري الشباب ودوري الناشئين، إذ أن الفشل في إيجاد مصادر للدخل من خلال هذه المسابقات كافة يعطي دلالات واضحة على أمرين لاثالث لهما، فإما أن الاتحاد لايؤمن بضرورة تسويق المسابقات بطريقة احترافية مهنية، أو انه فشل بتسويق نفسه، وفي كلا الحالتين هو أمر محبط. لدى اتحاد الكرة منتجات مميزة -المسابقات والأندية- يستطيع تسويقها بسهولة واحترافية، متى ما آمن الاتحاد وأصحاب القرار بضرورة وجود طاقم مختص بالتسويق الرياضي يقوم بعمل دراسات لأساليب تسويق المناسبات الرياضية والمسابقات الكروية في مختلف دول العالم، وقرار مثل هذا لايبدو بالصعب لكن بطء العمل وعدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة يصعب من إنجاز مثل هذه المهمة. المعمر تطرق أيضاً لقضية النقل التلفزيوني، وعندما أقول قضية، فهذا لأن الملف أصبح شائكاً رغم مرور أكثر من عام على خروج العديد من المسؤولين في اتحاد الكرة ورابطة دوري المحترفين الذين أكدوا أن المزايدة على حقوق النقل ستطرح قبل نهاية العقد مع القناة الرياضية، وهو مالم يحدث مع انقضاء أكثر من ثلثي الموسم، في وقت لايبدو مفهوماً هذا التأخير، فكيف ستقوم القناة الناقلة الجديدة بالترتيب لنقل موسم طويل وشاق وهي لاتملك الوقت الكافي للتحضير وتوفير الإمكانات المناسبة التي تليق بالمسابقات السعودية والتي لايبدو أن القائمين عليها يعرفون قيمتها الحقيقية، وهذا يعطي إشارات على أن ملف النقل التلفزيوني سيبقى بين يدي القناة الرياضية السعودية، وهو أمر لن يكون مرفوضاً متى ماتحصلت الأندية على عوائد مالية كبيرة ومغرية، وأمر لابد أن يكون فيه للأندية الكلمة الفصل فهي المكون الرئيس لهذا المنتج وهي التي تعاني مالياً ولاتستيطع الإيفاء بالتزاماتها في ظل الشح المادي الذي أوصلها إلى الفقر خصوصاً في السنوات الثلاث الأخيرة، حتى اضطرت لرفع أسعار التذاكر بمعدل الضعف على رغم تواضع الحضور الجماهيري في معظم مباريات المواسم الأخيرة. ربما يذهب البعض إلى تفسير حديث المعمر باعتباره الخاسر في انتخابات اتحاد الكرة وأنه ينتقد الاتحاد الذي يقوده منافسه في الانتخابات آنذاك أحمد عيد، وهو أمر يعد صحياً ومطلوباً، لكن حديث المعمر كان منطقياً بالمجمل إذا وضعنا منافسته مع عيد خارج الحسابات، فالمعمر تحدث عن واقع مرير تعيشه الكرة السعودية ولن تستطيع الأندية التعايش معه، فالأندية على حافة الإفلاس، وتعاني من الديون والمطالبات المالية بسبب زيادة المصروفات وضعف المداخيل، وهو أمر متوقع تفاقمه في الموسمين المقبلين على الأقل، خصوصاً وأن عجز اتحاد الكرة عن إيجاد حلول يتزامن مع فشل الأندية في الحصول على رعاة رغم ماتملكه من قواعد جماهيرية ومنجزات، مايؤكد على أن غياب التسويق الرياضي بات واضحاً إذ لايمكن أن تتصدى شركات أقل من أصابع اليد الواحدة لتسويق أندية واتحاد في ظل إمكاناتها الضعيفة هي الأخرى. أخيراً، حديث المعمر لم يكن الأول ولن يكون الأخير الذي يصدر من مسؤولين ومهتمين بكرة القدم السعودية، فكل هذه التراكمات والمشاكل المالية تنذر بمشاكل كبيرة تنتظر كرة القدم السعودية، فمتى سيتحرك اتحاد كرة القدم؟ ومتى تتحرك الجمعية العمومية للاتحاد والتي يعد المعمر أحد أعضائها، من أجل التصدي لهذه المشاكل التي تكبر أكثر وأكثر في كل موسم حتى بات المتابعون يتنبؤون بإفلاس الأندية. سلطان السيف