جاء الأمر الملكي الكريم الذي صدر أمس الأول والذي وضع حداً للفوضى والاجتهادات في مسائل القتال بالخارج أو الانتماء لتحزبات وجماعات مختلفة من شأنها الإخلال بالنظام العام، جاء منسجماً مع "إرادة شعبية" عبرت عنها توصيات المشاركين في لقاءات مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني التي عقدها ومن بينها اللقاء السابع الذي عقد في الرياض اواخر شهر ذي الحجة عام 1434ه عن التصنيفات الفكرية في المجتمع وكذلك اللقاء الخامس الذي تناول الثوابت الوطنية اواخر شهر محرم من العام 34ه وايضا اللقاء الثاني الذي عقده المركز عن ظاهرة الغلو في المجتمع، ضمن سلسلة لقاءات أخرى عقدها المركز الذي يحرص على جمع الكلمة ونبذ الخلاف عبر جمع كافة اطياف المجتمع على طاولة الحوار البناء لمناقشة قضايا المجتمع بكل حرية ومسئولية. لا فتاوى فردية في المسائل العامة ذات المساس بمصالح الأمة ومستقبلها وكما جاء في القرار الملكي الأخير الذي نبه الى خطورة التحزبات التي تستهدف الأمن والاستقرار والطمأنينة وتلحق الضرر بمكانة المملكة، وعلاقاتها مع الدول الأخرى بما في ذلك التعرض بالإساءة إليها ورموزها والتي من شأنها أن تقود المجتمع للفرقة والتجاوزات التي تؤثر على كيان الدولة ومنهجها ونظامها العام وعلى ماتآلفت القلوب عليه، جاء هذا التوجيه معبرا عما طالبت به الأطياف المختلفة من العلماء والمفكرين والمثقفين من أبناء الوطن في اللقاءات الفكرية التي نظمها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، حيث خرج المشاركون في هذه اللقاءات بعدد من التوصيات الهامة والتي جاءت منسجمة ومتوافقة تماما مع ماتضمنه الأمر الملكي الذي صدر امس الاول حيث رأوا أن المجتمع السعودي كأي مجتمع إنساني متنوع في الأفكار والمفاهيم والممارسات وأن الأصل في هذا التنوع أن يكون مصدر (ثراء وتفاهم وتقارب)لكنه أحيانا يتحول إلى شقاق، وتدابر، وتشويه متبادل مما يؤدي إلى تداعيات سلبية على النسيج الوطني. انقسام المجتمع لإخواني وجماعة المسلمين والطوائف الأخرى يخالف المنهج الإسلامي الذي يجمع بين القلوب وقال مركز الحوار الوطني: إن "التصنيفات الفكرية" إذا تحولت إلى تحزبات، واستقطابات حادة ضد بعضها، تصبح سببا من أسباب هذا الشقاق والتنازع على المستوى الوطني، مؤكدا في هذا الصدد انه انطلاقاً من حرص المركز على مناقشة القضايا الفكرية التي تعزز الوحدة الوطنية عقد لقاءَه الحواري السابع لقضايا الخطاب الثقافي السعودي في موضوع "التصنيفات الفكرية". وكان مما أوصى به المشاركون في تلك اللقاءات ضرورة معالجة المصطلحات التصنيفية وبيان حدودها، وخطورة استخدامها مثل كافر، إخواني، منافق، فاسق، خائن، عميل، ليبرالي، وغيرها وأن تتسامى الجهات الرسمية والأهلية عن إذكاء روح التصنيف لتجنب ضرب الناس بعضهم ببعض، واستشعار المصلحة الوطنية، والتزام منهج الإسلام في الجمع والتأليف بين الناس. ودعا المشاركون في لقاء الحوار الوطني كذلك الى أهمية وجود مشروع نهضوي شامل تنخرط فيه كافة فئات المواطنين بما سيجعل جهودهم منصبة على المشاركة في (البناء الوطني) ما يحفز على التلاحم بدل التناحر والتنابذ، كما دعوا الى تكثيف الحوارات المباشرة بين المختلفين لأن هذه الحوارات المباشرة تزيل كثيرا من الأوهام والتخيلات وتجعل الأطراف تتعامل مع الواقع الحقيقي تجاه بعضها. «الثوابت الوطنية»تقوم على«الوحدة السياسية»التي حققها مؤسس البلاد وعلى المواطن استشعار مصلحة وطنه وطالب المشاركون ومن بينهم علماء ومفكرون ومختصون في اللقاء الخامس الذي عقده المركز والذي تناول الثوابت الوطنية الى العمل على صياغة تعريفات للمفاهيم الرئيسية يتفق عليها مثل الثوابت الوطنية والمرجعية الشرعية والخطاب الثقافي والوطنية، مؤكدين على أهمية الثوابت الوطنية المنبثقة من هدي الشريعة الاسلامية القائمة على "الوحدة السياسية" التي حققها مؤسس هذه البلاد رحمه الله والتي يرعاها النظام الاساسي للحكم، كما شدد المشاركون على أهمية التنبه لبوادر الانشقاقات والاختلافات الداخلية واجتثاثها من جذورها. جانب من لقاء التصنيفات الفكرية الذي نظمه مركز الحوار الوطني وفي اللقاء الثاني للحوار الوطني الذي طرح قضية الغلو في المجتمع أكد المشاركون على رفض الفتوى الفردية في المسائل العامة التي تمس مصالح الأمة ومستقبلها كقضايا الحرب والسلم وان يوكل ذلك الى الجهات المؤهلة للفتوى والارتقاء بمستوى ادائها وآليات عملها، كما أوصى اللقاء بدعوة المؤسسات العلمية والشرعية للاتفاق على تحديد المفاهيم والمصطلحات ذات الصلة بالغلو كالإرهاب وجماعة المسلمين ودار الحرب ودار الكفر ودار الإسلام والطائفة المنصورة، وغير ذلك. د. فهد السلطان فيصل بن معمر