صدر مؤخرا ديوان (ابن مرهان) للشاعر الشيخ / جروان بن مرهان آل عبدان الوعلة يام -رحمه الله- تأليف وجمع ابنه الشيخ/ فلاح بن جروان ضم سيرة الشاعر وأغلب قصائده التي تنوعت بين الحكمة والحماس والوصف والفخر والغزل – والشاعر وفقاً لمؤلف الكتاب من مواليد سنة 1335 ه ومن رجال الملك عبد العزيز الذين عملوا تحت لواء خدمته في مختلف المراحل ابتداء من مرحلة التأسيس إلى ما بعد وفاة الملك عبد العزيز حيث اختير وكيلا لرعايا الملك سعود -رحمهم الله- عمل بعدها في عهد الملك فيصل بإمارة نجران ثم وكيلا لإمارة طارفة يدمة وقد شارك عام 1382 ه مع القوات السعودية المتمركزة جنوبنجران للدفاع عن أرض الوطن مستخدما سيارته الخاصة ذات الموديل 1958 وكلفه أمير نجران آنذاك / الامير خالد بن أحمد السديري -رحمه الله- بنقل الاسرى من ساحة المعركة على الحدود الجنوبية كما كلف بنقل الصحفيين الذين كانوا يغطون المعارك عند الخطوط الامامية للقوات المتمركزه هناك، لما كان يتمتع به من جرأة ومعرفة بمسالك الطرق واستمر بعد ذلك حتى استقر به المقام سنة 1385 ه ببلدته الجديدة عند ما قام بتأسيس قريته المسماة (الصليعا) والواقعة شمال شرق 20 كم من محافظة يدمة الواقعة شمال غرب نجران بحوالي 150 كم حيث استقر هناك إلى ان توفي سنة 1415 ه وحملت سيرته الكثير من المواقف والمآثر - ووالده حمد كان من رجال الاصلاح إذ ساهم في عتق ثماني رقاب بداية حكم الملك عبد العزيز كما أن جده ناصر ايضا كان عارفا ومقطع حق بين القبائل وعرف عنه انه لا يطرد وراء أي قضية تخصه عند أفراد قبيلته واشتهر كذلك بامتلاكه لقدرة نادرة لا يمتلكها الا القلة من أبناء الصحراء وهي دقة وقوة التسديد(حذفاً باليد) بدلا من البندقية حتى إنه لا يوجد أي نوع من الوحوش والطرائد أو حتى الاعداء وقطاع الطرق الا قتله حذفا ب (الهوية) وهي حجر أو عصا أو أي سلاح يدوي وكان الذين يمتلكون هذه القدرة يستخدمونها في قتل السباع التي تهاجم مواشيهم كما يستخدمونها في صيد الارانب وبعض انواع الطيور بل ان هناك من يصطاد بها الغزلان بعد مخاتلتها والاقتراب منها غلاف الديوان وبالعودة لشاعرنا جروان بن مرهان اليامي فقد امتاز شعره بأنه نموذج للقصيدة الجنوبية الأصيلة والممزوجة أحيانا بلكنة نجدية استوحاه الشاعر من واقعه وبيئته وصفاء فطرته واختلاطه بتوليفة من الشعراء البارزين ومن مختلف ارجاء الجزيرة وجاءت أغلب قصائدة تحمل بساطة المفردة وعمق المعنى بعيدا عن أساليب التكلف والابتذال. المأخذ الوحيد على الكتاب هو وجود بعض الأخطاء المطبعية التي لا تقلل من أهميته في أي حال من الأحوال وهي وان كانت لا تغيب عادة عن فطنة القارئ المتذوق الا ان مثل هذه الأخطاء في أي كتاب ينتمي للأدب الشعبي ويكتب بلغة ذات صبغة إقليمية يمكن أن تلتبس على القارئ غير الملم باللهجات -هل هذا الخطأ خطأ مطبعي بالفعل أم هو مصطلح محلي أو مناطقي لا يعرفه وهي الإشكالية التي واجهتنا ونحن نختار نماذج من هذا الكتاب. بل انها فوتت علينا فرص خيارات قد تكون أفضل من النماذج المذكورة والتي نبدأها بأبيات من قصيدة قالها في الطير والقنص تقول : طيرٍ جنيته من جبل خرب في الصيف ابيه يعجبني لما جا الهدادي ياتي على جول الحباري كما الهيف يأتي لسرفات الحباري نفادي إذا ضربها كنها ضربة السيف اما ضرب في الراس والا الثنادي والطير زين وسلوةٍ مع هل الكيف يا تيك راع البر دايم ينادي وأحب منه مسلباتٍ مهاديف سبرٍ ظهرها ضربها بالركادي وقصيدة أخرى في الكيف والقهوة التي استعاض فيها عن شح الماء بحليب الإبل وهي الحيلة التي يلجأ اليها أبناء البادية عند ما يفتقدوه: يا دلة سويتها تالي الليل فنجالها يبري كثير الهواجيس ما ها حليب الذود واقنادها هيل برية تندى بزين المحاميس في مربخٍ سعدٍ الجل المشاميل فيه الزهر متناشعٍ ما بعد ديس والريم فيها غادياتٍ زعاجيل وفيه المها امتعبات القنانيص يا دارنا هلت عليش الهماليل دار الرجال ومارقات النسانيس كان الشاعر مغرماً بالإبل التي احتلت حيزا من وجدانه واستحوذت على جل اهتمامه فتغنى بها كثيرا بعد ما خص البعض منها بأسماء تبجيلية تعبر عن عمق العلاقة مع هذه الكائنات التي كانت تبادله نفس المشاعر ومن بينها ما يبدو انها ذلول كان يطلق عليها اسم (الورعة) قال فيها: ركوبٍ على الورعة يبري من الهاجوس يداوي صدوع الكبد ويسلي البالي يازينها بنحور جيشٍ يجي كردوس مع لابتي كل ابلجٍ يمنع التالي مع لابتي كسابة المدح والناموس مع فيدهم تلقى سحاجيج الجهالي ولم تكن (الورعة) هي الوحيدة التي كان يتغنى بها ويمجد سيرتها فعندما لامه البعض على هذا التعلق بها رد عليهم وأضاف اسماء أخرى: لا يمي في حب (ذروة والنعامة ) جعل يقعد في البلد بين الهدامي باني له عشة عند الهدامة ما حصل له مكتب عند الخيامي زينها لا ربعت نبت العدامه لا غدا روس الحلم مثل البرامي لا أكتبر عشب ( القري وابو عمامة ) والشفا عشبه كسا روس العدامه وله عند ما كان وكيلا لابل الملك سعود وارتحل بها من منطقة نجد إلى المنطقة الغربية مبتعدا عن بعض الصحبة والاحباب الذين تجمعهم معه روابط الصداقة والمعروفة: عند العشا بديت في راس مشراف ساعة بديته هلت الدمع عيني صرفت انا قلبي على كل صرياف وعيّا يطاوع هرجة الناصحيني يا مل قلب غادي خمسة أصناف متولع في رفقة الطيبيني صنفٍ معي ومعارضٍ كل ما شاف وصنف يجر من الغنى والونيني وصنف مع اللي نازلينٍ بالاطراف ربع يسلون الغريب الحزيني وصنف مع المجمول منبوز الرداف ابو نهيد مثل فنجال صيني ومثل الكثير من الشعراء الذين مروا بمرحلة الحب العفيف وعبروا عنها بمشاعر صادقة نختار نموذجاً من قصيده قال فيها: فالقبايل ما أحدٍ جاه ما جاني كل ما مرت علي كل مزيونة حب خلي جيت بكناه ثم باني ومن شكى من صاحبه لا تلومونه بو جديلٍ كاسي صفر الامتان وان نقضها يذبح اللي يشوفونه ليت خلي بالثمن يا آل مرهاني تشترون العذب لا كان يغلونه وميتين الفٍ تسلم على شاني ومن تعلث من هل العذب تعطونه إلى أن قال : والله لولى ذلحكي آل غيداني اللي ليا سمعوا كلامٍ يزيدونه لنهب المجمول سحاب الارداني وانهزم به من على كور مامونة وازبن بن سعود والا لابن ثاني حاكم كل المراكيب ينصونه أزبنه باللي ذبحني ولا حياني تل قلبي بدت اللي يتلونه الكتاب الذي اهداه مؤلفه لأبناء وأحفاد المؤسس طيب الله ثراه اشتمل ايضا على قصائد لأبنائه: المؤلف فلاح – وحمد – وذيب – وابن أخيه جروان بن محمد وقصائد أخرى.