بعبارة "واللّه وليّ التوفيق" أنهى نواب المجلس الوطني التأسيسي مساء أمس الأول المصادقة على مشروع الدستور فصلا فصلا حسب ما أعلن عنه رئيس المجلس الوطني التأسيسي ورئيس الجلسة العامة مصطفى بن جعفر وذلك وفق أحكام الفصل الثالث من القانون التأسيسي المؤرخ في 16 ديسمبر 2011 والمتعلق بالتنظيم المؤقت للسلطة العمومية. وبعدها سيعقد المجلس الوطني التأسيسي وفي أجل أقصاه أسبوع جلسة عامة خارقة للعادة يتم فيها ختم الدستور من قبل رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الوطني التأسيسي ورئيس الحكومة. ويأذن رئيس المجلس الوطني التأسيسي بنشره في عدد خاص من الرائد الرسمي للجمهورية التونسية وفور نشره يدخل الدستور حيز النفاذ. ويذكر أن الدستور الجديد الذي شرع في صياغته منذ انتخابات 23 أكتوبر 2011 شهد تجاذبات كثيرة في صياغة فصوله نتيجة اختلافات سياسية وعقائدية عقبتها عدة أحداث أليمة وموجات من العنف غير مسبوق كادت تؤدي بالبلاد الى هوة سحيقة لولا لطف الله. ووصف راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية التي تقود حاليا الإئتلاف الحاكم في تونس، الدستور الجديد لبلاده بأنه "الأعظم في تاريخ تونس، وأعظم دساتير العالم". وقال الغنوشي في رسالة نشرها في صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن دستور تونس الجديد الذي أنهى المجلس التأسيسي المصادقة عليه فصلاً فصلاً في ساعة متأخرة من ليلة الخميس - الجمعة، هو "أعظم دستور عرفه تاريخ البلاد". وأضاف أن هذا الدستور هو "أعظم دساتير العالم، دستور الثورة، دستور الوفاق، دستور لا غالب ولا مغلوب بل الكل منتصر". وتابع الغنوشي "بلغنا هذه المحطة المتقدّمة في مسارنا الانتقالي، لم يبقَ إلا الختم الرسمي لهذه الوثيقة التاريخية وتحديد موعد الإنتخابات، والمضي لاستكمال المسار وإنقاذ البلاد وتفعيل مشاريع التنمية المنطلقة وبذل الجهد في الإصلاح". يُشار إلى أن الدستور التونسي الجديد هو الدستور الثاني لتونس بعد دستور العام 1959، الذي تمّت صياغته في أعقاب استقلال تونس في 20 مارس العام 1956. إلى ذلك، ينتظر أن يعلن اليوم مهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية المكلف عن تشكيلة حكومته التي ستخلف حكومة علي لعريض المستقيلة حسب خارطة طريق الحوار الوطني، وذلك بعد سلسلة من المشاورات مع مختلف الأطراف السياسية والشخصيات والكفاءات الوطنية. وبحسب التسريبات فإن حكومة مهدي جمعة الجديدة ستحافظ بعض وزراء من حكومة لعريض من غير المتحزبين ممن أثبتوا كفاءتهم على رأس وزاراتهم السابقة، وذلك حرصا على "تأمين التواصل بين المرحلتين". ومن الوزراء المنتظر المحافظة عليهم وزير الداخلية لطفي بن جدو، رغم المعارضة الشديدة التي يلقاها هذا الأخير من بعض الأطياف السياسية التي تحمله مسؤولية تواصل التدهور الأمني وفشله في مواجهة الإرهاب. ويشير بعض المقربين من جمعة أنه سيعمل بتشكيل وزاري محدود العدد جلّ وزرائه من الكفاءات الوطنية الجديدة التي تتسم بالاستقلالية والحياد، وسيركز عمله على إرسال إشارات إيجابية وواضحة باتجاه الشركاء الاقتصاديين والمانحين والمستثمرين - بعد استكمل الدستور وتشكيل حكومة مستقلة - للتمكن من تعبئة الاموال ودفع الاستثمار والتشغيل وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.