"هجَّ الباب وخله مشروع لابوك لابو عشايرك".. هذا هو "الشايب" ابراهيم بيته في سكة سّد الحارة. يجلس في كُل ضحى يتشمس عند بابه فارشاً بساطة مرتكئاً بظهره على الجدار ممدداً رجليه، في جواره سطل أخضر مملوء بالماء والفناجين والبيالات. يريد من أبناء ابنه سعد أن لا يغلقوا الباب، تعود أن تكون الأبواب مفتوحة "للقاصي والداني" كما يقول. اولاد الحارة يخافون من ابراهيم، يضربهم بالعصا التي يتعكز عليها، لكنهم يضحكون عليه كثيراً. غالباً ينادي زوجة ابنه سعد "حصة" هي التي تغلي له الشاي والقهوة، لا ينتظر حتى تبرد القهوة الا وصوته عالياً "حصيصه.. زلي القهوة" لسانه طويل ولا يخجل حتى من النسوة، من يتجمعن حوله في وقت الظهيرة؛ لان الرجال في اعمالهم، لكنهم يجدونها فرصة لجمعتهن والسواليف مع هذا الشايب، تقول جارتهم "الجديدة" فاطمة وهي تضحك: "وش ذا الشايب العايب، كل كلامه شين والظاهر انه بازل من يومه صغير". ابراهيم من المجموعة التي لا تلبس"سروال ابو كرسي"، تعود على "الوزار" تحت الثوب. طوال يومه يجلس على بساطه يكلم هذا ويطلب من ذاك و"يهوش" على ذاك، اليوم كله يمضى وكأنه حارس. في المساء يعود سعد من "الحفيز" محل للأواني في سوق الديرة، تتلقفه حصة، بالقهوة وبعض السواليف التي تسره، إلا ان ذلك اليوم فاجأته عندما قالت: "إلا يا سعد.. ترى ابوك فشلنا في ذا الحارة، قبله جالس مع الحريم يتكلم معهم كلام شين!" سعد يعدل الجلسة "يتربع".."الحين ذا الشايب اللي كافً عاف. وش سوالكم؟ مغير متمدد على ذا القرنه يتقهوى وانتم تشَّكُون منه.. الا مقدي في ذا البزران خلوه يلاغيهم - ينهرهم". تضحك حصة وتعدل "غوايشها": "الحين اقولك كلامه شين مع ذا الحريم.. وانت تقول خليه يلاغي ذا البزران.. عسى منت أصمخ؟. ابوك يا كافي كلامه مع الحريم ما ينقال". يهدأ سعد ويقول: "وش تبيني اسوي.. هذا أبوي. تمر الأيام والوضع على ما هو عليه، كل يوم نسخة من الذي قبله، لكن أحد الصبية في الحارة، تعود على الكلام البذيء والتحرش في البنات الصغار، بعضهم قال انه كان يسمع ابراهيم وتعلم منه هذا الكلام. بعد صلاة العصر ناصر يخرج من المسجد ومعه العماني كان يريد أن يفتح الستارة عن دكانه الصغير، قال له: "الا وراك يالعماني.. ما تطرد ذا الداشر عند دكانك؟ يقولون قبله جالس في عندك؟". العماني وهو يعُد بعض النقود الجديده:"الا يخسى ويعقَّب هذا داشر وش يجيبه عندي.. ثمن الحين بدل ما تقولون بيض الله وجهك.. يعنبوكم قبلي أطرده من الحارة.. تبون تنشبوني فيه؟". بعد ايام تحرش ذاك الفتى بابنة سعد الذي حلف أن يعالج الأمر بنفسه، احتال عليه العماني وتم القبض عليه واخذوه لبيت سعد ووالده ابراهيم بعصاه يهوش عليهم، استقر الأمر ان "يربطونه" في عمود في بطن "الحوي" قاموا بجلده حتى اصفر وجهه، وزوجته "حصة" تضع سيخ من الحديد على الجمر تريد أن تكوي "ذاك الداشر" على يديه ورجليه، عله يتوب عن هذه الأفعال؟" بعد تلك الحادثة يقول العماني راعي الدكان: "ليتكم دابجينه وكاوينه من أول.. الحارة عقب ذيك كن ما فيها أحد "أمان وسلام"!.