الأولويات: هي عبارة عن المهام والأعمال التي يجب على المرء المبادرة بها وسرعة أدائها والاهتمام بها وتقديمها على ما سواها، فهذا هو المعنى العام والأساسي للأولويات والتي لابد لأي فردٍ أو مجتمع في هذه الحياة مواجهتها والتعامل معها وإعطاؤها أهميتها، ولكن السؤال المهم والذي يفرض نفسه هو: ما هي المعايير الرئيسة التي تحدد أهم الأولويات التي تواجه الفرد أو المجتمع؟ للإجابة عن هذا السؤال أقول: بأنه ينبغي على الفرد أو المجتمع بشكلٍ عام أن يحدد الأهداف التي يسعى لتحقيقها والغايات التي يرغب أو يريد الوصول إليها قبل البدء في القيام بأي عمل، فإذا عمل بذلك وحدد الأهداف والغايات التي يسعى لتحقيقها فهنا يأتي بعد ذلك الخطوة التالية وهي إدارة الوقت والذي يتم عبره ومن خلاله عملية تنظيم القيام بالأعمال التي حددتها تلك الأهداف والغايات كل على حسب أهميتها من خلال منظومة تتيح للمرء تحقيق تلك الأهداف المشروعة والغايات السليمة في الوقت المتاح استناداً على مبدأ عدم إمكانية تأجيلها أو تأخيرها إلى وقتٍ آخر وذلك بسبب واضح وجلي وهو أنها تفرض نفسها في واقعنا وأيضاً الخشية من حدوث الضرر ووقوع المشكلة فيما لو تم تأجيلها أو تأخيرها، ففي هذه اللحظة تتم عملية البدء بترتيب تلك الأولويات وتنظيمها وإعطاء كلٍ منها وقتها الكافي حتى يحين دورها في سلم الأولويات ومن ثم القيام بها وأداؤها، ونتيجةً لذلك الترتيب وذلك التنظيم نحصد بإذن الله النجاح ونعتلي القمم ويترابط المجتمع وتتآلف النفوس وتتقارب الشعوب، أما إذا تم تهميش الأولويات وجعلها كلها على درجةٍ واحدة من التساوي وعدم ترتيبها وتنظيمها وتقديم الأهم منها ثم المهم، فهنا نقع في دائرة تغليب المصالح الشخصية والذاتية على ماهو مهم وأساسي ومطلوب تحقيقه وأداؤه بشكلٍ عاجلٍ وفوري، وله علاقة مباشرة أو غير مباشرة بحياة من حولك وحياة الناس الآخرين في المجتمع الذي تعيش فيه، فنها لابد من الوقوف ومراجعة النفس وتقييم الأمور والنظر بتمعن ودقة، حتى لانقع في دائرة ظلم النفس وظلم الناس، وتقديم المصالح الذاتية على حساب الحاجات والمتطلبات الضرورية لمن حولك ولمجتمعك ووطنك، لذلك ينبغي علينا إدراك الأهمية القصوى لعملية ترتيب وتنظيم الأولويات في حياتنا ومجتمعنا ومالها من نتائج واضحة وجلية تؤثر سلباً أو إيجاباً على حياتك وعلى حياة من حولك وعلى المجتمع ككل، وتؤدي بالتالي إلى نتائج لا تحمد عقباها، وقد حثنا رسولنا الكريم -محمد صلى الله عليه وسلم- على استغلال الوقت والفرص وعلى تنظيم وترتيب الأولويات، فقال عليه الصلاة والسلام لرجلٍ وهو يعظه في الحديث الذي رواه ابن عباس - رضي الله عنه قال: "اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل مرضك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك" فهذا دليل على وجوب الاستعداد والترتيب وتنظيم الوقت والحياة، واستغلال الفرص واغتنامها، والبعد التام عن التشتت والإهمال والتقصير، وقد نبهنا الله جل وعلا في كتابه الكريم إلى وجوب اغتنام الفرص واستغلالها وترتيب الحياة والاستفادة من المهل، فقال تعالى في سورة الزمر (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون. واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتةً وأنتم لا تشعرون.أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين. أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين. أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرةً فأكون من المحسنين). في الختام.. ينبغي لكل عاقل أن يزن الأمور ويقيسها وينظمها ويرتبها ويعطيها أولوياتها وذلك بناء على أهميتها وضرورتها في حياته وحياة الآخرين حوله وحياة المجتمع ككل.