امتداداً لحديثنا عن الشاي الأسبوع الماضي فإننا لا نستطيع تحديد تاريخ معين لدخوله إلى الجزيرة العربية ولكن الحاتم في كتابه (من هنا بدأت الكويت) أرّخ لدخول الشاي إلى الكويت حيث أشار إلى أن الشاي عرف بالكويت سنة 1310ه/1892م تقريباً وذكر أن أول من أدخله الكويت هو تاجر المواد الغذائية عبداللطيف العبدالرزاق والنوخذة عيسى العبدالجليل، وكان البحارة الكويتيون يشربونه في مقاهي بومباي وكراتشي، ولشاعرة الكويت المعروفة موضي العبيدي قصيدة تتحاور فيها مع الشاي تؤكد استخدام النساء الشاي للضيافة في تلك الفترة مفضلاً على القهوة حيث قالت: أنت حبيب القلب وأنت نديمي وأنت كبير الاسم بين الحريمِ ومن لا يودك هو عدو وخصيمِ وإلا أنا أحبك مالا الشاذلية ومنها: ياما حلى شوفك وصفّ البيالات ويا زين حسّك مثل صف الريالات مير النجادة فيك سووا هوالات صبوك بملال تراها خطية والبيالات جمع بيالة اسم لكأس الشاي الزجاجي الصغير وهناك من يذكر أن الهنود كان يطلقون (بيالة) على القدح الصغير في حين أن البريطانيين أطلقوا عليه اسم (استكانة) للتمييز بين القدح الهندي والكوب البريطاني الكبير وأصله (إيست تي كان) أي قدح الشاي الشرقي، أما ابن الذيب فإنه فضل القهوة على الشاي مطلقاً فقال: اشرب الفنجال وأكب البيالة طيّبِ وأحب سلم الطيبينِ وقد عقد الشعراء المقارنات والمناظرات بين القهوة والشاي مثل الشاعر عبدالله الدويرج والشاعر عبدالرحمن الربيعي والشاعر عبدالرحمن القديمي وأغرب من ذلك تلك المناظرة التخيلية التي عقدها الشاعر بديوي الوقداني (ت1296ه) بين السليق والشاي/الشاهي حيث تضمنت إشارة إلى اختصاص السليق بالبدو واختصاص الشاي بالحضر وفي هذا دلالة بأنه لم يصل إلى البادية إلا بعد انتشاره في حواضر الجزيرة العربية منها: البارح الشاهي كتب للسليق أمر يقول بالله لا نشوفك هنيّه أنت من البدوان وان تقرب الحضر الحضر في حكمي وعندي رعية أخاف تخلفهم يميلون بالغدر ولين لا عسكر ولا مملكية فيأتي رد السليق الذي انتصر له بديوي: قال: أنت يالشاهي كما فية عصر يجي لها القاصي قليل الرعية أسخف من النعناع وأسود من القطر نشف الدماغ وفيك كل الأذية أنا الذي مذكور في البر وبحر في مدة الإسلام والجاهلية ويؤكد ذلك قول تلك الشاعرة التي تنصح أختها بالبعد عن البداوة: يا بنت حطّي فوق شاهيك نعناع وخلّي البداوة والبلش والجهامِ ترى البداوة ماتجي لك بالأسناع عسرة ولا تبني لأهلها سنامِ ولعل هذا الربط بين الحواضر وتناول الشاي استمر إلى وقت قريب فهذا الشاعر نمر بن صنت (ت 1420ه) يصف معشوقته البدوية بقوله: ليا أصبحت عقب الحويّر خذت كاس ما تشرب الشاهي على فكة الريق ونشير في النهاية إلى بعض المؤلفات التي تناولت الشاي فمنها: ذكرى مس الطائف في لطائف تقوي شاربي الشاي بالطائف لعلي بن عبدالحق القوصي، ورسالة في شرب الشاي ومنافعه لمحمد بدر الدين الحسي الفاسي، وتحفة الإخوان في تحريم الدخان/ عبدالقادر الراشدي تطرق فيها حكم الشاي، وهناك رسالة ماجستير في أباريق الشاي لمحمد صالح العايد وغيرها من المؤلفات القديمة والحديثة، وظاهرة الشاي في الأدب الموريتاني.