ثلاثة من البدو التقطتهم عدسة المصور (سيلس قرين) سنة 1939م أحدهم يدعى خميس (ويظهر أيسر الصورة) والذي كان مرافقا لاحدى فرق التنقيب عن النفط في الربع الخالي والتي يرافقها أيضا المصور نفسه. على يمين الصورة يجلس رجلان احدهما يرتدي (غترتين) يشدهما بعقال عبارة عن حبل ابيض أو عمامة صغيرة, وفيما تفسر فراسة الصحراء طريقة جلوسهما (إقعاءً) انهما على عجلة من امرهما ولن يمكثا طويلا فان اقترابهما من بعض وترك مسافة تفصل بينهما وبين مضيفهم خميس تشير إلى انهما رفقاء درب وغرباء في نفس الوقت بالنسبة لخميس. وفي قراءة أخرى: ليس بعيدا أن يكونوا ضمن الاعداد الكبيرة من ابناء الصحراء الذين كانوا يفدون على شركات التنقيب وفرقها في الصحراء بحثا عن وظائف وأعمال. الرجال الثلاثة كانوا أيضا قد ظهروا وقوفا في صورة أخرى مع مجموعة تضم بعض أعضاء فريق التنقيب الاجانب وهم يحتسون القهوة في نفس المكان وقد ظهر الرجل الأوسط الذي يشد وسطه بحزام الذخيرة وهو يقف وقفة ما يشبه الاستعداد مما يبدو انه ربما تلقى نوع من التدريبات العسكرية. نلاحظ ان المجموعة يشربون الشاي باستخدام فناجين (القهوة) وإذا ما تجاوزنا احتمالية كونهم لا يجدون أكوابا للشاي مع استبعاد كون ما في الإبريق قهوة وليست شايا لأن الدلة سبق أن ظهرت في صورة أخرى تضمهم جميعا في نفس المكان فأنهم في تلك الفترة كانوا لا يزالون يخوضون معركة شرسة ضد وجود (بيالة) الشاي بدأت هذه المعركة مع بداية ظهورها لأنها (متعرية) وبدعة تخدش قدسية كيف الصحراء الذي يعد الفنجان أحد أهم رموزه وربط استخدامها أي البيالة بحياة الترف وبالميوعة وهبوط الهمة حتى اخرجها شاعرهم من دائرة (سلوم) أهل الطيب في قصيدته: اشرب بالفنجال واخل البياله طيب (ن) واحب سلم الطيبين (ي) عودة إلى الرجل الخمسيني صاحب الغترتين يمين الصورة وهو يشطح بخياله بعيدا عن الفنجال الذي يقربه إلى شفتيه, فما بين الرشفة التالية وصوت غالق الة التصوير نقرأ لحظة من التأمل عاشها هذا الرجل لن تخرج بالتأكيد عن دائرة الصرع الأزلي لابن الصحراء مع لقمة العيش الشحيح. وما بيننا وبين تلك اللحظة حساب (أربعة وسبعين عاما) لثلاثة من الرجال أصغرهم سنا لن يقل عن الأربعين عاما لا نجد ما نقوله سوى: اللهم اغفر لهم وارحمهم وجميع أموات المسلمين.