زادت المطالبة في الآونة الأخيرة بضرورة التعجيل في إنشاء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، لما لها من دور في كبح جماح ارتفاع الأسعار. هناك لجان شُكّلت للنظر في إقامة مثل هذه الجمعيات، والاطلاع على عمل مثيلاتها في الدول المجاورة، وإن كنت أرى أن عمل هذه اللجان يشوبها البطء، ويعيقها داء البيروقراطية الحكومية. لدولة الكويت تجربة متميّزة مع هذا النوع من العمل التعاوني، فقد بدأت العمل بالجمعيات التعاونية في الستينات الميلادية، حتى وصل عدد الجمعيات التعاونية فيها إلى 56 جمعية تعاونية، ويتبعها عشرات الفروع. جميع هذه الجمعيات تعمل تحت مظلة اتحاد الجمعيات التعاونية، الذي يعمل بدوره كتكتل في عمليات التفاوض والشراء، الأمر الذي يمكنه من الحصول على خصومات وتخفيضات كبيرة على مشترياته، بما ينعكس على أسعار البيع للمستهلكين. لا يقتصر دور هذه الجمعيات على الجانب الاقتصادي فقط، فلها أيضاً مساهمات اجتماعية فعّالة، فهي تقوم باقتطاع نسبة من أرباحها تخصصها للإنفاق على المشاريع والأنشطة الاجتماعية، كتنظيم رحلات العمرة، ودعم أنشطة المدارس، والتبرع للمستشفيات. كما أنّ هذه الجمعيات تعتبر محضناً لتدريب الشباب على الأعمال الإدارية والاجتماعية والتطوعية، باعتبار أنّ ملاك الجمعيات من السكان هم من يديرونها، من خلال مجالس إدارات منتخبة. كل هذه العوامل مجتمعة، جعلت حكومة الكويت تقدّم مختلف أنواع الدعم لها، من خلال توفير أراض مناسبة لها، وتقديم القروض والمنح لها، وكذلك عدم السماح بفتح محال تجارية بالمناطق التي توجد بها. نتمنى أن تُستنسخ التجربة الكويتية في المملكة، لا سيما وأن نظام الجمعيات التعاونية لدينا يتضمن منح إعانات بمسميات مختلفة للراغبين في افتتاح مثل هذه الجمعيات، لكنها للأسف مسكوت عنها وغير معلنة للملأ..!!