ربطت وسائل الإعلام الفرنسية أمس بين تصدي القوات اللبنانية لطائرات مروحية سورية مساء يوم الاثنين الماضي والزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يومي التاسع والعشرين والثلاثين من شهر ديسمبر الماضي إلى المملكة. ورأت فيها ترجمة مباشرة لنجاح هذه الزيارة في إبراز محور جديد قوي بين الرياض وباريس هدفه التنسيق في مجال المساعي الرامية إلى معالجة الملفات الساخنة المطروحة اليوم في منطقتي الشرق الأوسط والخليج. وأجمعت وسائل الإعلام الفرنسية على أن المساعدة المالية التي التزمت بها المملكة إلى لبنان بهدف دعم قدرات الجيش اللبناني كان لديها دور كبير في دفع المضادات الأرضية اللبنانية على الرد على مروحيات سورية كانت قد قصفت أطراف بلدة عرسال الحدودية اللبنانية. وأكدت وسائل الإعلام الفرنسية أن اختيار فرنسا دون الدول الأخرى لتجهيز الجيش اللبناني أمر نابع من حرص المملكة وفرنسا على الدفاع عن مبدأ سيادة لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وعدم الزج به في أتون النزاع السوري. وقالت صحف فرنسية كثيرة إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز أراد من خلال زيارة هولاند الأخيرة إلى المملكة التأكيد على أن هناك حزم سعودي كبير في الدفاع عن لبنان ووحدته وسلامة أراضيه من جهة وفي الدفاع من جهة أخرى عن الشعب السوري ومساعدته على التخلص من نظام بشار الأسد. وفي هذا الشأن كتبت صحيفة " لوموند" تقول إن الرئيس الفرنسي مرتاح كثيرا إلى هذا الموقف مما جعله يشيد ب" حكمة الملك الثمينة" الداعية للبحث " عن حل سياسي لملف الأزمة السورية " والتي تدعم المملكة من خلالها "المعارضة المعتدلة" وتسعى في الوقت ذاته إلى أن تخرج سوريا من محنتها عبر مرحلة انتقالية بدون بشار الأسد. واتفقت وسائل الإعلام الفرنسية على أن اللقاءين اللذين أجراهما الرئيس الفرنسي خلال زيارته الأخيرة إلى المملكة مع سعد الحريري الذي يقود المعارضة اللبنانية ومع أحمد الجربا رئيس الائتلاف السوري المعارض يندرجان في إطار التفاهم القوي الحالي بين باريس والرياض بشأن أمهات القضايا المطروحة بحدة في منطقة الشرق الأوسط بالإضافة إلى مشاكل منطقة الخليج. رفع الشراكة الاستراتيجية التاريخية منذ عام 1996.. إلى مرتبة «الشراكة المرجعية» وأكد موقع إذاعة فرنسا الدولية أن ما ساعد على إنجاح زيارة هولاند إلى المملكة الموقف الفرنسي السياسي والدبلوماسي من ملفي الأزمة السورية والبرنامج النووي الإيراني والذي أثنى عليه خادم الحرمين الشريفين واعتبره موقفا شجاعا. الشراكة الاستراتيجية وفي افتتاحية نشرتها مجلة " لوكورييه أنترناسيول" الأسبوعية الفرنسية، تطرق كاتبها إلى خاصيات الشراكة الفرنسية السعودية الاستراتيجية. واستشهد كثيرا بماكتبته صحيفة " الرياض " خلال يوم الزيارة الأول في مقال نشر على الصفحة الأولى وفي الافتتاحية. ومن المقاطع الكثيرة التي أوردها صاحب افتتاحية المجلة الفرنسية ذلك الذي يشير في مقال "الرياض" إلى أن تفضل خادم الحرمين باستقبال الرئيس الفرنسي في إقامته في روضة خريم فيه دلالات عدة منها الثقة الكبيرة التي أصبحت قائمة بين القيادتين السياسيتين في البلدين والتي من شأنها المساعدة على احتواء عدد من الأزمات وعلى رفع الشراكة الاستراتيجية التي أرسيت بين البلدين عام 1996 إلى مرتبة " الشراكة المرجعية " حسب تعبير المقربين من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. كما استشهدت مجلة " لوكوريييه أنترناسيونال" بافتتاحية صحيفة " الرياض" والتي جاء عنوانها يوم الأحد الماضي على الشكل التالي: ماذا تعني زيارة هولاند إلى الرياض ". وترجمت المجلة حرفيا أجزاء كثيرة من الافتتاحية ومنها الجزء الأخير الذي جاء فيه أن "لقاء القمة بين الزعيمين سوف يعطي زخماً كبيراً لآليات عمل المستقبل خاصة أن التحولات العالمية سياسياً واقتصادياً، وتنامي أعضاء جدد على الساحات الأولى في مراكز القوة مثل الصين والهند، تجعل فرنسا تأخذ دورها بين الكبار، وهذا لا يتأتى إلا من بناء علاقات جديدة تتفق ومصلحة كل الأطراف". تعزيز العلاقات الاقتصادية وحول الجانب الثنائي في العلاقات الفرنسية السعودية من خلال أصداء زيارة الرئيس الفرنسي الأخيرة إلى المملكة في وسائل الإعلام الفرنسية، تم التركيز بشكل خاص على اللقاء الذي جمع الرئيس الفرنسي بأكثر من 400 شخص من أوساط الأعمال والمال السعوديين والفرنسيين برعاية مجلس الغرف السعودية. وأبرزت كثيرا ماقاله الرئيس الفرنسي حول الوثبة النوعية التي حققتها العلاقات التجارية بين البلدين والتي تجعل اليوم من المملكة شريك فرنسا التجاري الأول في المنطقة ومن فرنسا المستثمر الثالث في المملكة. كما أوردت وسائل الأعلام الفرنسية في هذا الصدد أكثر من مرة ما جاء على لسان الرئيس الفرنسي خلال كلمته أمام مجلس الغرف السعودية من أن فرنسا مستعدة لتلبية حاجات المملكة لاسيما في مجالات تميز فيها الفرنسيون، وتعد اليوم ضمن حاجات أساسية في المملكة وبخاصة تلك التي تتعلق بالنقل والصناعات الغذائية والبحث العلمي الطبي واستخدام الذرة لأغراض سلمية والمياه والبيئة.