مع نهاية العام الميلادي الحالي، والمشارفة على بداية عامٍ ميلاديّ جديد، وبعد صدور وإعلان الميزانيّة العامّة للدولة، وما وصلت إليه وما حقّقته من أرقامٍ قياسيّة جديدة في الإيرادات والمصروفات وفي الفوائض المالية، والتي لم يتم الوصول إليها في الموازنات العامّة السابقة، وهذا كله بفضل الله ونعمته ثم بفضل السياسات الحكيمة والقرارات المدروسة من قبل الدولة حفظها الله، تتجدّد في هذه الأثناء آمال وتطلّعات المواطنين إلى ما سوف تقدّمه تلك الأرقام الضخمة والفوائض المتخمة لهم ولأبنائهم وللأجيال القادمة وللوطن بشكلٍ عام من مشاريع وخدمات واقعية وملموسة على أرض الواقع تعزّز من خلالها مسيرة التقدّم والتطوّر والنمو الاقتصادي والسكّاني، وتساهم كذلك في استمرار عملية الإنفاق والعطاء على الكثير من المشاريع التنموية وعلى القطاعات الخدمية والتعليمية والصحيّة وعلى كافة مشاريع البُنى التحتيّة، والتي تساعد وتساهم وبشكلٍ كبير في رفع مستوى وكفاءة تلك الخدمات من أجل راحة وطمأنينة ورفاهية المواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة المباركة، وفي كل عام وبعد إعلان الموازنة العامة للدولة، يحرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله على حث وتوجيه كافة الوزراء والمسؤولين إلى التقيّد والالتزام بسرعة تطبيق كافة القرارات والاعتمادات الخاصة بالموازنة العامة للدولة، وإلى الظهور الإعلامي وشرح وتوضيح جميع ما يتعلق بهم من مسؤوليات وواجبات كلٌ فيما يخصّه، من أجل سرعة التفاعل معها وسرعة تطبيقها على الوجه المطلوب والذي تتحقق معه كافة آمال وتطلعات المواطنين، وكذلك يحرص خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، ومن باب الصّدق والأمانة على شعبه ومواطنيه، يحرص على التوضيح للوزراء والمسؤولين بأنها خرجت من مسؤوليته ومن ذمّته إلى مسؤوليتهم وإلى ذمتهم، وأنهم مسؤولون عن أي تقصيرٍ أو إهمالٍ أو تهاون في أدائها وتنفيذها أمام الله سبحانه وتعالى وسوف يحاسِبهم عليها، والأمانة مسؤولية كبرى وعظيمة كما بين الله جل وعلا في كتابه الكريم فقال عزّ من قائل (إنّا عرضْنا الأَمَانَةَ على السّماواتِ والأرضِ والجِبالِ فأبينَ أن يحْمِلنها وأشْفقْنَ منها وحَمَلَها الإنسانُ إنّهُ كانَ ظلوماً جهولا)، وفي الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه، قال عليه الصلاة والسّلام"إذا ضُيّعت الأمانةُ فانتظرِ السّاعة،قال:كيف إضاعتها يارسول الله؟ قال: إذا أُسْنِدَ الأمرُ إلى غيرِ أهلهِ فانْتَظِر السّاعة.وقال عبدالله بن عمرو بن العاص: لا إيمان لمن لا أمانة له، لذلك نجد حرص خادم الحرمين الشريفين وفقه الله على بيان عظم هذه الأمانة والمسؤولية لإخوانه الوزراء والمسؤولين في الدولة وحثّه لهم على وجوب صرفها وتنفيذ القرارات والاعتمادات الخاصة بها على الوجه المطلوب وبالدقّة والنزاهة، ووجوب إسناد تنفيذها لمن هم أهلٌ لها، ممن يقومون بتطبيق كافة المبادئ والأنظمة التي تمكّنهم من التحقّق من حُسْن استخدام المال العام بأفضل الأساليب والطرق المتاحة والتي تساعد على بلوغ الأهداف والخُطط المرسومة من الإنفاق على الاقتصاد الوطني وذلك من أجل تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية المنشودة بين كافة المواطنين في جميع مناطق المملكة، والعمل وبشكلٍ جاد ونزيه من أجل تلبية احتياجاتهم وتحقيق رغباتهم وتطلّعاتهم بما يتناسب ويتلاءم مع قرارت واعتمادات الميزانية العامة للدولة، بعيداً عن أي عملٍ يُفْضي إلى التأخير والتسويف والإهمال والمماطلة والتي في النهاية تؤدّي إلى إعاقة مسيرة التقدّم والتطوّر والتنمية الوطنيّة، وتؤدي أيضاً إلى إشاعة الفوضى وظهور الفساد في تنفيذ المشاريع والخدمات الأساسية التي تمسّ كل أبناء الوطن مما يؤثّر بشكلٍ خاطئٍ وسلبي على العلاقة المرجوّة مابين المواطن والمسؤول، وهذا مما لا ترضاه حكومتنا الرّشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، حفظهم الله جميعاً ووفقهم لكلّ مافيه خير وصلاح الوطن والمواطن. أسأل الله العظيم أن يُديم على مملكتنا الخير والأمن والأمان، وأن يوفق جميع الوزراء والمسؤولين في الدولة على أداء الأمانة الموكلة إليهم من لدن خادم الحرمين الشريفين لتحقيق الأهداف المرجوّة وتحقيق تطلعات وآمال المواطنين من موازنات الخير والبركة.