حين غادرت الحافلة الرياض وعلى متنها الركاب قاصدين بيت الله الحرام، لم يكن يخطر لهم على بال أن رحلتهم هذه ستتحول إلى عقاب جماعي يفرضه عليهم أرباب حملة غير مؤهلين، جل هدفهم ما حصلوا عليه من مال كثير مقابل أن يصل المعتمرون إلى المدينةالمنورة ثم مكةالمكرمة لأداء الزيارة والعمرة في أيام معدودات ثم العودة للرياض، ولعل المسافرين اعتقدوا أن تذاكر السفر هي عقد بين الحملة وبين الراكب تخوله حق الذهاب والعودة والحصول على ما توقع أن يحصل عليه في رحلته هذه من خدمات، ولم يكن يخطر لهم على بال أن الأمر لا يعدو تجارة يقوم الطرف المسيطر فيها وهم أرباب الحملة بمحاولة التخلص من العبء الكبير وهم المسافرون بأسرع الطرق وأحياناً بأفظعها طالما حصلوا على نقودهم سلفاً.. وأصل الحكاية أن عائلة تضم أجيالا ثلاثة قررت أن تتوجه لأداء الزيارة والعمرة وخلال رحلتهم عانوا الأمرين مع سائق عصبي غير متزن لم يتورع عن تشغيل الأغاني طوال الطريق رافضاً طلب المسافرين له بإيقاف هذه المهزلة فهم متوجهون لعبادة وليس للسياحة، وبقي يتعامل بتعال مع الركاب ويقود الحافلة العملاقة بسرعة كبيرة أدت إلى استحقاقه لمخالفة سرعة أثناء الذهاب، ولم يراع كبار سن أو أطفالا في عهدته وهو يعطي تعليماته غير المنطقية للركاب كلما وضعهم في استراحة على الطريق وفي النهاية عندما وصل إلى المدينة ابقاهم في الحافلة ساعات طويلة قبل أن يقف بهم بعيداً جداً عن الفندق الذي ينبغي أن يقيموا فيه ولم يستجب لرجاء كبار السن غير القادرين على الحركة والمشي المرهق بأمتعتهم الثقيلة وكذلك فعل حين جاء لاصطحابهم إلى مكةالمكرمة بعد يومين متأخراً عن موعده عدة ساعات قضوها في قاعة الاستقبال بالفندق دون أن يجرؤ أحد منهم على مغادرة مكانه حتى لأداء صلاة حل وقتها بسبب تحذيره بأنه سيمشي فوراً تاركاً من لم يلحق به غير مسؤول عنه، والقصة طويلة وتفاصيلها السخيفة كثيرة ونهايتها أيضاً كانت مزعجة فلقد نفذ السائق تهديده وترك أسرتين من المسافرين معه وغادر مكةالمكرمة ورغم أن الأمر لم يتعد الدقائق المعدودة إلا أنه لم يرحم المرضى وكبار السن الذين كانوا معه وتسبب لهم في مضاعفات مرضية كثيرة بسبب تعامله الفظ الخالي من الرحمة يسانده في تصرفاته أصحاب الحملة من الرياض الذين لم يلقوا بالاً لمكالمات الاستغاثة الكثيرة التي راحت تنهال عليهم طوال الرحلة، المهم أن الأسرتين لم يجدوا مناصاً وقد تركوا وحدهم بلا سكن ولا مواصلات ولا أي شيء من البحث عن وسيلة مواصلات تعود بهم للرياض وحين وجدوها بعد مرور 12 ساعة مضنية من الانتظار والوعود الكاذبة من أصحاب الحملة ورفض من قسم الشرطة لتلقي بلاغهم بحجة انه ليس جهة اختصاص، كان المبلغ الذي طلب منهم يعادل المبلغ الذي دفعوه في البداية وهم يتوقعون رحلة ميسرة.. وبالطبع رفض أصحاب الحملة الالتفات لهم أو تعويضهم أو حتى الاعتذار لهم وحالياً وقد انقضت على الرحلة عدة أيام ما زال الجميع يتساءل لمن نلجأ ومن يأخذ لنا حقنا ويسمع شكوانا.. لقد طرح سلوك أرباب تلك الحملة أسئلة كثيرة فما حدث يقدم دليلاً على عدم جاهزية بعض (ولا أقول كل) المتاح من شركات نقل الأفواج عبر البلاد لاستقبال عصر السياحة القادم والسائقين غير المؤهلين ومنظمي الرحلات غير المدربين وعدم وجود جهات مسؤولة واضحة يمكن اللجوء إليها مباشرة في حالة الشكوى كلها أشياء يجب أن تستوقفنا وأسئلة يجب أن تجد إجابة واضحة. [email protected]