في منتصف "1997" التقى الموسيقي القطري مطر علي بالراحل طلال مداح. كان ذلك اللقاء ذا قيمة كما يقول مطر علي الذي يساهم بفعالية في رقي الموسيقى وتأسيس فرقة الأوركسترا الفلهارمونية، قال في حديث ل "الرياض" إن علاقته مع الراحل طلال مداح ابتدأت عندما اتصل قريب لي، يقول إن طلال مداح موجود في الدوحة وإذا أردت أن تزوره "استعجل" لأعرفك على شخصه؟. هو يعرف مدى عشقي لطلال مداح ولمسيرته الفنية، لكن قلت له: "سأستعجل ولكن بشرط، أن لا تخبره عني أي شيء ولا تقل له ملحناً او عازفاً أو أن لي علاقة بالموسيقي. جاءت ردة الفعل «السكوت »وحالة من الاستغراب!، لماذا يا مطر؟ قلت كيف ستعرفني على أستاذ ذي قيمة فنية، أخجل أن أكون امامه بهذا الشكل، دعني فقط معجباً محباً. في تلك اللحظات كان مطر علي قد أنجز ملحمة موسيقية تكونت في أوبريت وطني، ذهب الجميع لطلال مداح وقدمه على انه فقط "مطر علي" وابدى ترحيبه بطلال مداح ووصوله سالماً إلى الدوحة. طلال مداح كعادته التي لا تختلف، تسمع موسيقاه كما هي روحه وتعامله مع الجميع، أخذت تلك الجلسة قرابة نصف الساعة، بعد ذلك، قال مطر علي للفنان طلال: "أتمنى أن نتعشى سوياً اليوم، أنا لم آت لك الا لهذا الأمر". لم يتوقع في تلك اللحظة أن طلال سيوافق! لكنه لم يستغرب أن هذه القامة تتعامل مع الجميع بقيمة وروح واحدة قياسها "الرُقي والإحساس بالآخرين". استعملت عبارات "الطيبة والرقي" كثيراً مع طلال مداح! وربما تعيدنا في بعض الأحيان إلى قصته في معرض المملكة بين الأمس واليوم الذي أقيم في القاهرة عام 1987م بمشاركة فنية مهولة أبدع فيها جميع الفنانين بمن فيهم طلال مداح ومحمد عبده وسلامة العبدالله، وعلي عبدالكريم وغيرهم، نجاح ذاك المعرض جماهيرياً هو باصوات هؤلاء. طلال مداح قد يكون استنزف ميزانية المعرض، وهو ما وضع تحت التساؤل:"أنت كلفت المعرض مبلغ كبير؟ لماذا؟" الحادثة يتذكرها المشاركون في المعرض آنذاك، وتمثل قياسا حقيقيا في أن طلال مداح بتلك اللحظة لم يغلق باب جناحه في الفندق، جعله مشرعا للجميع، من يأتي ليسلم عليه "يحلف عليه بالفطور أو الغداء أو العشاء" تعامل مع الجميع كما هو يريد أن يتعامل معه الآخرون "ميزان واحد"، هي تلك العبارة "طيبة ورُقي في التعامل"، بينما زملاؤه لم يكلفوا ميزانية المعرض شيء. جرَّتنا حادثة مطر إلى تلك السنين قبلها بعشر، لم يتغير فيه شيء. طلال يقول لمطر ليلتها: "انتظر سيأتي بعض الصحفيين لمؤتمر صحفي، ثم نخرج للعشاء"، مطر علي معروف عند الإعلام القطري حينها. كان ملحناً لشيء مما أنتجه من الأعمال الوطنية والعاطفية. دخل ثلة من الصحفيين إذ وجدوا أمامهم مطر علي، سألوه: "كنا نبحث عنك بعد نهاية الأوبريت"، تكلم بعضهم مع مطر علي، لكنه حاول اسكاتهم في حضور طلال الذي أوهم مطر انه لا يسمعهم؟، بعد انتهاء تلك الجلسة الصحفية، قال طلال بعد التفاته: "يا ولد.. أنت بتضحك علي وتلبسني مقلب؟". حالة مطر لم تكن إلا خجلاً، إذ قال: "يا استاذ هل يعقل أن أقول ملحن وأنت سيدهم، أو أن اقول عازف وأنت أمهرهم؟"، لم يمر على طلال هذا الموقف، قال: "لابد أن تلحن لي، أريد حسًا من قطر". بعد مضى اسبوع على عودة طلال مداح - رحمه الله - تفاجأ مطر علي باتصاله، يقول: "بشر.. خلصت اللحن؟"، مطر : "يا استاذ لا أصدق أنك جاد في هذا الطلب". يقول مطر علي ل "الرياض": "تصورت أنه رد على مزحتي الأولى". رأي القيثارة أن يغني لملحن قطري ليقدم عملاً يليق بهم ومن احساسهم.. كما يظن. توافرت لدى طلال قناعة بهذا الملحن الجميل وفي مخزونه مجموعة من القصائد أرسل منها لمطر علي، وهو الشرط الذي قدمه مطر أن لا يلحن الا بما يحس فيه، بعد كل هذه المسيرة نتجت عنها أغنية "مسيتني" للشاعر نواف بن فيصل "أسير الشوق". طرافة الموضوع برزت أن سماع طلال لهذا العمل لم يكن بصوت مطر علي بل بصوت أخيه الذي دربه ليوم كامل، حتى يتصل به الراحل طلال مداح، حينها قال له أن صوتك جميل، على اعتبار انه صوت مطر. قيمة المطربين الكبار تكمن في تعامل رشيق ذي حس نما فيهم من البيئة والصغر والإحساس بالآخرين، مطر علي يعرف هذا لأنه من تلك الثلة النادرة من الفنانين - من يتعاملون برقي الفن الجميل. غلاف البوم عضة الإبهام «1997م» حديث في معمل صناعة «CD» مع مطر علي