موسم الأمطار وأجواء الشتاء الحميمية تعني حتماً ومن دون تردد الانطلاق نحو أحضان البراري، حيث المخيمات المنصوبة وسط الصحراء هنا وهناك في أطراف المدن، كما يحلو للبعض مع هطول الأمطار التواجد حول وقرب السدود ومجاري السيول والأودية والشعاب، حيث تنطلق أفواج المتنزهين نحو البراري والسدود، وذلك بالرغم من كل المخاطر المتربصة برواد هذه الأماكن التي تفتقد للتنظيم المطلوب، خصوصاً متطلبات الأمن والسلامة. وتحظى الكشتات بأهمية بالغة لدى الشباب، بينما تبقى المتنزهات الوجهة المفضلة للعوائل، ولكن لا يزال سلوكنا سلبياً في التعامل مع بيئة المكان، والمحافظة عليه، كما لا تزال الجهات المعنية مقصرة في احتواء الأعداد الكبيرة من المتنزهين، خاصة أمانات المدن وبلديات المحافظات، إلى جانب مراقبة المخيمات غير المرخصة، ومدى توفر أدوات السلامة فيها، والحد من التلاعب في أسعار التأجير، كذلك تحفيز المستثمرين ممن يبحثون عن تسهيلات أفضل لتقديم أفكارهم واعتماد مشروعاتهم الترفيهية للمتنزهين في أماكن صحراوية متعطشة للحياة، خاصة في الثمامة الوجهة الأولى لسكان العاصمة. وصف الواقع وتحدث الأستاذ "عبدالرحمن العشيوي" حول ظاهرة الكشتة لدى السعوديين، قائلاً: "تشيع ثقافة (الكشتة) لدى مختلف أفراد العائلة، خصوصاً فئة الشباب منهم، ونظراً لطبيعة مناخ المملكة الحار صيفاً والبارد شتاءً، تفضّل الأسر المتنزهات والمنتجعات في الصيف على افتراض وجود مسطحات خضراء ومسابح وساحات خاصة للأطفال، وخدمات راقية توفر الأكل والجلوس والراحة، وخلال العشر سنوات الماضية افتتحت العديد من المتنزهات والأماكن الترفيهية في المملكة، وكانت جيدة جداً، ولكن عدم الاهتمام بصيانتها أدى لتدهور مستوى نظافتها وخدماتها، وبالتالي لم تعد صالحة للاستخدام البشري حقيقة، فكان الخيار المتاح للعائلة هو الذهاب (للبر) في فصل الشتاء"، مشيراً إلى أنه رغم المساحات الشاسعة في المملكة يندر وجود مكان نظيف وصالح لجميع أفراد العائلة، فالنفايات ملقاة بطريقة عشوائية في كل مكان ما اضطر البعض للدخول في ظلمة البر بحثاً عن مكان نظيف ومثالي للاستمتاع، وهو ما يشكّل خطراً كبيراً على بعض العوائل التي تتيه في البر ثم لا تعرف طريق العودة. حالات غرق مستمرة في الشعاب والأودية رغم التحذيرات وأضاف:"أما يما يتعلق بالأمن والسلامة، فلا المتنزهات ولا المخيمات مصممة بشكل آمن، وللأسف لا أذكر أني ذهبت لمخيم ووجدت فيه (طفاية حريق مثلاّ)، وحتى وإن وجدتها لا أعتقد أنها تعمل أصلاً!"، موضحاً أن أغلب المتنزهات مقفل تماماً ولا يتوفر فيه مخارج طوارىء، وربما إن توفرت ستكون مقفلة بالسلاسل والحديد؛ لذلك لو حدث أي أمر طارىء ستكون كارثة، خصوصا أن غالبية المتنزهين لا يمتلكون ثقافة كبيرة في التعامل مع حالات الطوارىء كالحريق مثلاً. وأشار إلى أن الحل الأمثل لذلك أن يلتفت رجال الأعمال وأن يبدأوا بضخ الأموال والاستثمار في بلدنا للنهوض بالسياحة الداخلية، وكذلك توفير أماكن جيدة ليقضي العوائل فيها إجازاتهم، بالإضافة إلى أن المسؤولين عليهم واجب توفير بعض التسهيلات للراغبين في الاستثمار السياحي في البلد، كذلك علينا نحن كمستهلكين الحفاظ على بيئة ونظافة بلدنا، وتوعية أبنائنا بضرورة الحفاظ على نظافة المكان وعدم رمي المهملات والنفايات، إلاّ في الأماكن المخصصة لها؛ لكي نترك المكان أفضل مما كان، فديننا وأخلاقنا وتربيتنا تحتم علينا ذلك. تجربة خاصة ومن واقع تجربة تذكر السيدة "سهام العيسى" أن المخيمات التي يتم تأجيرها على المرتادين للبر ومناطق المتنزهات خارج الرياض تفتقد للنظافة ومقومات السلامة، كما أنها غير منظمة، حيث يتواجد الباعة الجائلون على جانبي الطريق في وضع يفتقد للرقابة والتفتيش، كما أن الأسعار غير مراقبة سواء على المخيمات أو على الباعة، إلى جانب أن منطقة التخييم تفتقد للنظافة والرعاية والاهتمام من قبل الجهات المعنية!. المحافظة على البيئة وأكدت السيدة "نوف العسيري" على أن المملكة تتمتع بمناطق تنزه ذات طبيعة خلابة، إلاّ أنها تفتقد للإمكانات اللازمة للاستمتاع والترفيه العائلي المنظم؛ كتنسيق المداخل والمخارج، ووجود لوحات إرشادية ومعلومات حول المكان وقيمته التاريخية والجمالية، والأهم من كل ذلك وجود مرافق خدمات كدورات المياه ومصادر الطعام والغذاء الجيد من مطاعم وبقالات بأسعار معقولة. وقالت إن وجود ساحات ركوب الدراجات الصحراوية كنوع من الترفيه أمر جيد، لكنه يفتقد للرقابة والسلامة حيث تكثر الحوادث؛ بسبب ذلك فينقلب الترفيه إلى كارثة، منتقدة تجاوزات وسلوكيات خاطئة يرتكبها مرتادو المناطق البرية ومحبو الكشتات، وهي عدم المحافظة على سلامة ونظافة البر أو الأودية ومجاري السيول والشعاب؛ برمي مخلفات الطعام والأدوات المستخدمة في التنزه وتركها هنا وهناك؛ لتتجمع وتشكّل أكواماً من النفايات الضارة لصحة الإنسان والبيئة. متنفس.. ولكن! أما السيدة "هيا الماجد" فترى أن البر متنفس جميل ونقي لكل من يبحث عن الاستمتاع والراحة في مواسم الشتاء والربيع، وعليه يتوجب على الجهات المعنية الاهتمام بتنظيم المناطق الملائمة لارتيادها من قبل محبي كشتات البر والمنتزهات البرية حتى لا تكون معرضة للاستغلال السيئ الذي يقضي على جمالها ورونقها، منتقدة ارتفاع أسعار تأجير المخيمات وعدم خضوعها للرقابة من حيث مدى توفر أجهزة الأمن والسلامة بداخلها وتقنين الأسعار وتوفير مولدات كهربائية. وقالت إن الخطر الأكبر هو في مناطق السدود وما يحيطها، خاصة في فترات هطول الأمطار، حيث يتوافد المتنزهون بشكل كبير حول السدود وبالقرب منها، ولا يقتصر الأمر على الشباب، بل أيضاً العوائل والأطفال، وقد شاهدنا حوادث كثيرة لسقوط ضحايا متنزهين في فترات هطول الأمطار، وتم تصوير مشاهد مؤلمة أثناء إنقاذهم أو غرقهم، مقترحة سد الممرات أو الطرق المؤدية للسدود ومنع وصول المتنزهين لها، خصوصاً الشباب الذين يتهورون بمحاولة السباحة فيها تحدياً واستعراضاً. خدمة العوائل واضافت السيدة "عفاف العمران" أن بيئتنا مناسبة وملائمة للتخييم، خصوصاً في الشتاء والربيع، ولكن لا تزال تفتقر للإمكانات الخاصة بخدمة العوائل، من حيث وجود مرافق وخدمات كدورات المياه، وتخصيص أماكن للشواء والطهي الخارجي، منتقدة السلوكيات الخاطئة لشريحة كبيرة من المواطنبن المترددين، مؤكدة غياب مفهوم الأمن والسلامة لدى الشريحة الاكبر من فئة الشباب، وتحديداً حب المغامرة والاستطلاع والاستكشاف؛ مما يساهم في تعريضهم للمخاطر دون وعي لما يترتب على ذلك. وأشارت إلى أن الجهات المعنية لا تزال مقصرة في المراقبة، وهذا لا يعني أنه لا تبذل جهوداً في تلافي أي مشاكل يتعرض لها المتنزهون، مستدركة أن الإنسان الواعي يدرك ثقافة خروجه للتنزه من حيث الوقت المناسب، والمكان المناسب أيضاً حتى لا يعرض نفسه وعائلته للمخاطر، ثم يلقي باللائمة على الجهات المعنية ويتهمها بالتقصير. حواجز وادي حنيفة! وقالت السيدة "فوزية العايد" رغم أن السدود والأودية تشكّل خطراً على المتنزهين، إلاّ أن الطريق إليها سالكاً من دون منع من الجهات الأمنية، حيث المجال مفتوح بشكل مستغرب لكل من أراد التوجه نحو السد والسير فوق ممراته وبمحاذاته، حيث يشاهد مرور الكبار والأطفال من خلال الجسر الممتد فوقه، كما هو الحال في سد وادي حنيفة، حيث يلاحظ أن الجسر غير مؤمن أثناء السير عليه والحواجز الحديدية حوله متباعدة، ويمكن للشخص إدخال وإخراج جسمه كاملا ناهيك عن أطرافه، وقد شوهد بعض الأطفال وهم يتسلقونها للنظر تجاه السد وجريان المياه في غفلة من أهاليهم، كما أن الحواجز قصيرة وكل من يفقد توازنه لأي سبب يكون معرضا للسقوط باتجاه المياه. دورية مراقبة واستنكرت السيدة "نورة الناصر" السماح بتواجد المواطنين وغيرهم بالقرب من المناطق المحيطة من السدود والأودية من دون وجود حماية أو رقابة صارمة، حيث لوحظ وجود دورية مراقبة تابعة لمتنزه وادي حنيفة، لكنها بدت متراخية مع تجاوزات البعض عندما هموا بالمرور، خلال جريان مياه السد من جهة لأخرى فوق الأحجار والصخور التي تم رصفها، كما تنعدم الرقابة على نظافة المتنزه، حيث لوحظ وجود بقايا الأطعمة والأدوات المستخدمة في أماكن جلوس مختلفة. مخيمات بأسعار خيالية وخدمات متدنية ومن دون أدوات سلامة