سررنا كثيراً كموطنين قبل كل شيء للأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشرفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله يوم أمس بزيادة رواتب العاملين في القطاع العام بنسبة 15٪، شاملة المتقاعدين بالإضافة إلى صرف راتب شهر كامل شاملاً الزيادة المقررة وهي 15٪ لمن تقل مراتب عملهم عن المرتبة الخامسة وكذلك أصحاب بند الأجور والمستخدمين حيث تعتبر امتدادا للأخبار السارة والسعيدة منذ توليه مقاليد الحكم. وقرار هذه الزيادة يعتبر أول قرار اقتصادي للملك عبدالله ذا تأثير إيجابي وقوي على شريحة كبيرة من المواطنين بعد أن سبقه إعلان تولي خادم الحرمين الشرفين رئاسة مجلس الاقتصاد الأعلى والذي يبين بأن الشأن الاقتصادي المحلي هو على رأس أولويات حكمه. ونأمل من الله أن يجعل عهده عهد خير ورخاء للمملكة وشعبها، وكما نعلم فان هذه الزيادة هي الزيادة الأولي منذ أكثر من 25٪ عاما حيث لم تشهد مستويات رواتب العاملين في القطاع العام أي تغير رغم كل التغيرات التي شهدها الاقتصاد السعودي منذ ربع قرن. وبعيدا عن كل رسائل الشكر والثناء لهذه المكرمة الملكية والتي تعتبر واجبا علينا ومنا الشكر والعرفان، نود تدارس بعض تأثيراتها الإيجابية ومحاولة تسليط الضوء على بعض ما يمكن فعله تعزيزا لهذا القرار الحكيم. الزيادة بنسبة 15٪ سوف تؤثر بلا شك على سوق الأسهم المحلية خصوصا إذا ما علمنا أنه وخلال السنتين الأخيرتين (2004م، 2005م) زاد عدد المستثمرين في السوق السعودي أضعافا مضاعفة حيث تخطى عددهم أكثر من مليون ومائتي مستثمر حتى نهاية الربع الثاني من العام الحالي، حيث غالبية هؤلاء هم من صغار المستثمرين من حيث حجم الأموال التي يملكونها ويديرونها في السوق حيث يعتمد عدد كبير منهم على دخولهم من العمل (الرواتب)، وتشكل شريحة كبيرة منهم موظفي القطاع العام من مدرسين وعسكريين وكذلك موظفين مدنيين، نجد أن زيادة دخول هؤلاء بنسبة 15٪ سوف يكون لها مردود إيجابي على سوق الأسهم من حيث أنها سوف يتم توظيفها في شراء المزيد من الأسهم إذا ما تم استغلالها بشكل جيد من قبل المواطنين ولم يوظفوها في المضاربات المتهورة. هذا مع ضرورة التنبه إلى شرط اقتصادي أساسي ورئيسي هو استغلال تلك الزيادة من قبل التجار في زيادة أسعار السلع والخدمات التي يقدمونها للمواطنين وخصوصا السلع الاستهلاكية، وهو أمر وارد وقد يكون من الصعب منعه ولكنه ليس من المستحيل إذا ما تمت مراقبة هذا الأمر بعناية من قبل الجهات المسؤولة. والأمر الذي أتمناه أن يكون هناك استغلال طيب من قبل الدولة لهذه المناسبة بشكل سريع ومنظم حتى يستفيد الموطنون فعلا من هذه المكرمة بأن تتزامن هذه الزيادة مع التفكير الجدي في إمكانية بيع الحكومة ولو لنسبة بسيطة من أسهم الشركات الكبيرة التي تمتلكها وعلى رأسها شركة سابك والكهرباء والاتصالات السعودية حيث تمتلك الدولة ما نسبته 70٪، 80٪، 70٪ على التوالي. وبالتالي يمكن تفويت الفرصة على التجار الجشعين من زيادة أسعار السلع حيث ان العديد من المواطنين سوف يفكر في شراء هذه الأسهم التي تعتبر فرصة نادرة بدلا من توجيهها إلى أمور استهلاكية لا عائد لها، ويمكن أيضا أن يكون البيع لهذه الأسهم موجها لذوي الدخل المحدود فقط بحيث يعطون الأولوية للحصول على هذه الأسهم بأسعار مناسبة. وهو أمر آمل أن يفكر فيه مسؤولو المجلس الاقتصادي الأعلى الآن وليس غداً. وفي ظل سياسة خادم الحرمين الملك عبدالله والتي يتضح لنا منها أنها تولي الطبقة الفقيرة أولوية واضحة وكذلك تسعى للمحافظة على الطبقة الوسطي التي هي عماد الاقتصاد في جميع دول العالم كما ذكرنا أكثر من مرة، فإن زيادة مستويات الدخول تعتبر أمرا حيويا بلا شك وتعتبر كذلك تفاعلا من التغيرات الاقتصادية الكبيرة التي شاهدناها خلال السنتين الأخيرتين، وهي الفرصة التي يجب إن يتم توظيفها لتصحيح التأثيرات السلبية التي لحقت بالاقتصاد والحياة المعيشية لشريحة كبيرة من المواطنين منذ التسعينيات وتحديدا منذ الغزو العراقي للكويت حيث كلفت المملكة على وجه التحديد الكثير، ولم يكن قبل عامين إلا المحافظة على المكاسب السابقة، أما الآن ومع الزيادة الكبيرة في أسعار البترول والتي شهدناها خلال الأسبوعين الأخيرين العديد من التقارير الدولية بدأت تتحدث عن أن الأسعار تتجه إلى مستويات السبعين دولارا للبرميل وأن هذه الأسعار سوف تمتد إلى أكثر من ثلاث سنوات على الأقل، فان الإصلاحات الاقتصادية التي نحتاجها حان وقتها ولكي تتم لابد من البدء من المواطن الذي هو شريك الدولة في السراء والضراء. فشكرا لك يا خادم الحرمين على هذه المكرمة وإن شاء الله إلى مزيد من الأخبار والقفزات الاقتصادية المفرحة. ٭ محلل مالي