السديري يستقبل رئيس واعضاء مجلس إدارة جمعية كافلين للأيتام بتيماء    مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن "غداً" تنطلق الأشواط الختامية    الريان يقرب العين من توديع أبطال آسيا    60 فائزا في تحدي الإلقاء للأطفال    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان"دور المرأة مهم في تقوية النسيج الوطني"    اتفاق بين السعودية واليابان بإعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية من تأشيرات الزيارة القصيرة    الرياض.. «سارية» الإعلام العربي تجمع «العمالقة» في «المنتدى السعودي للإعلام»    10 ملايين يورو ثمن «التعمري» إلى رين الفرنسي    مقتل قيادي في «الدعم السريع» والجيش يسيطر على «المحيريبا»    حصر المباني الآيلة للسقوط في الفيصلية والربوة.. ودعوة ملاكها للمراجعة    الاختبارات المركزية في منطقة مكة مع نهاية الفصل الثاني    تنامي ملحوظ في العلاقات الاقتصادية بين السعودية وألمانيا    وزير الصناعة والثروة المعدنية يبحث في الهند الفرص المشتركة لتوطين صناعة الأجهزة الطبية والسيارات والآلات بالمملكة    رئيس إسرائيل وقادة المعارضة يطالبون نتنياهو بتنفيذ هدنة غزة    الذكاء الاصطناعي... ثورة تُولد عوائد استثمارية كبيرة    "أوبك بلس" تبقى على سياسة الإنتاج دون تغيير    ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ يطَّلع على مؤشرات أداء فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بالمنطقة    تدشين برنامج أمل التطوعي السعودي لمساعدة السوريين    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 56 لمساعدة سكان غزة    70 قتيلاً فلسطينياً في هجمات إسرائيلية على الضفة الغربية    سوق الأسهم السعودية يتراجع لليوم الثاني ويخسر 32 نقطة    المستشار الألماني: الدفاع الأوروبي يحتاج إلى "مزيد من التصميم"    اكتمال مغادرة الدفعة الثالثة لضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة إلى بلدانهم    أمير القصيم يتسلم تقرير أعمال شركة الاتصالات السعودية لعام 2024    أمير القصيم يكرّم المشاركين في ملتقى اليوم السعودي العالمي للتطوع    محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز    تعديل مدة رفع ملفات حماية الأجور إلى 30 يوماً من أول مارس    روسيا تدرس السعودية والإمارات كموقع محتمل لقمة بين بوتين وترمب    عبدالعزيز بن سعد: رالي حائل الدولي ..حقق مكاسب تنموية ورياضية واقتصادية تتماشى مع رؤيه الوطن 2030    أمانة القصيم تنفذ أكثر من 658 ألف جولة رقابية خلال عام 2024    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    استئصال ورم سرطاني ضخم يزن 8 كغ من بطن مريضة بالقصيم    7 مليون فحص مخبري في مستشفى الرس خلال 2024    تفعّيل برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    أمير الجوف يستقبل قائديّ حرس الحدود بالمنطقة السابق والمُعيَّن حديثًا    سلمان بن سلطان يدشن قاعة المؤتمرات الكبرى بغرفة المدينة    جولة مدير مستشفى عفيف العام التفقديه    رئيسة وزراء الدنمرك: غرينلاند ليست للبيع    تقييم صادم للنجم المصري عمر مرموش ومدرب «مان سيتي» يبرر !    "كشتة البديع" تجتذب المزيد من العائلات والأفراد ب 19 فعالية متنوعة    الدولار الكندي لأدنى مستوياته في 22 عاماً    5 مخاطر صحية تهدد العاملين بنظام المناوبات    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    في الجولة ال 20 من دوري" يلو".. الصفا يستقبل العدالة.. والبكيرية يواجه الجبلين    محافظ جدة يطلع على خطط المرور والدفاع المدني    إن اردت السلام فتجنب هؤلاء    كلنا نعيش بستر الله    التعاقدات.. تعرف إيه عن المنطق؟    من أسرار الجريش    العلاقات بين الذل والكرامة    «عاصفة الفئران» تجتاح 11 مدينة حول العالم    شرطة الرياض تقبض على مقيم لمخالفته نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    3 أهداف تتنافس على الأجمل في الجولة ال18 من مسابقة دوري روشن للمحترفين    على هوامش القول.. ومهرجان الدرعية للرواية    هيئة الترفيه.. فن صناعة الجمال    القيادة تُعزي رئيس ألمانيا في وفاة الرئيس السابق هورست كولر    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    الأسرة في القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحلل الهوية اللبنانية الواحدة!
نشر في الرياض يوم 12 - 12 - 2013

يبدو لبنان كمرآة عاكسة للحرب السورية. كلما تأزمت عند الشقيقة الكبرى كبر الأذى عند الشقيقة الصغرى. ولقد أثبتت جولات العنف المتجددة في طرابلس، العاصمة الثانية للبنان، وفي غيرها من المناطق، أن المسألة الرئيسية في لبنان كانت ولا تزال مسألة الهوية الوطنية الواحدة، فكل نزوع وطني وكل مشروع إصلاحي في أي ناحية من نواحي التطور المدني، بل والاطمئنان على المصير ينبغي أن يمر أولا لكسب المصداقية بالنجاح في إشعار اللبنانيين بأنهم أبناء وطن واحد وإن هم تفرعوا داخله وعلى أرضه طوائف وبيئات جغرافية أو تاريخية وثقافات، وإلا فان لبنان الوطن والهوية لا يكون قد قام.
لا يريد اللبنانيون اليوم زعامات تفريق للطوائف بعضها عن بعض بل هم أحوج ما يكونون إلى من يعزز الفخر بالهوية الواحدة لكل اللبنانيين. فلبنان كلما توحّد اعتزّ وكلما تنافر وغرق في الفئوية اهتز
يشعر اللبناني هذه الأيام، مع انهيار مؤشرات تماسك بلده ومنعته، انّه لا من ركاب القاطرة ولا من ركاب الحافلة في سكة حديد القطار العربي المتوجه أو الذي يريد اللبنانيون والعرب بالمطلق أن يروه متوجهاً إلى أهدافه في التماسك القومي والاستقلال الوطني. ويتساءل اللبنانيون المتنورون اليوم أين ما يجري الآن في لبنان من شجار سياسي عنفي بين جماعة 14 آذار وجماعة 8 آذار من الاقتراب المطلوب للذات اللبنانية الواحدة.
فالقيادات السياسية الرئيسية القائمة حالياً في لبنان بتخطيط منها أو بغير تخطيط تتجه جميعاً إلى ان تكون مدفوعة سلفاً بالطائفية أو المذهبية، والكل من أهل السياسة يقدم نفسه على انه معقل لهذه الطائفة أو لهذا المذهب، وقامت المحميات والمربعات الأمنية، والقادة يصنفون قادة بنسبة ما يجلبون من قوة أو جاه أو وعود لهذه أو تلك من العصبيات اللبنانية.
ويتساءل عدد كبير من اللبنانيين: كم هو عدد القادة على المسرح السياسي اللبناني الذين يستطيعون أن يطلوا على شاشات التلفزيون قائلين نحن لبنانيون نعمل لرفعة شأن الهوية اللبنانية الواحدة لا لمجدنا الشخصي ولا لمجد طائفة دون أخرى، نحن لبنانيون لا مسيحيون سياسياً ولا مسلمون، لا موارنة ولا ارتوذكس ولا سنة ولا شيعة.
أين نحن اليوم من ذلك، دلّونا أيها السياسيون على واحد منكم يفخر بأنّه يعطي قلبه وعقله وعمله للبنان الواحد لا للموارنة ولا للارثوذكس ولا للسنة ولا للشيعة ولا للدروز.
لم يسبق أن كان لبنان ولا سيما زعماؤه على مثل هذا الهجر لهويته الوطنية الواحدة، فالكل يعلن بالعمل لا بالقول فقط بأنه ينشط لمجد هذه الجماعة الطائفية أو تلك، غير واع ولا خجول بانه من حيث يدري أو لا يدري يمزق هوية وطنه الواحد الذي ما استقل ولا شعر بالسيادة والدور في محيطه العربي والعالم إلا بفضل تقديم رجال الاستقلال عام 1943 موضوع الهوية الواحدة على كل الهويات الضيقة.
لا يريد اللبنانيون اليوم زعامات تفريق للطوائف بعضها عن بعض بل هم أحوج ما يكونون إلى من يعزز الفخر بالهوية الواحدة لكل اللبنانيين. فلبنان كلما توحّد اعتزّ وكلما تنافر وغرق في الفئوية اهتز. الزعماء والمعتمدون لزعامة لبنان من القوى الخارجية حتى عندما يبنون لطوائفهم الدور والقصور يبقون أقل قدرة على الزهو بالذات اللبنانية الواحدة.
إن وجع الهوية اللبنانية الواحدة والمعطوبة لا أحد نجده بين السياسيين اللبنانيين محتلي المقاعد الامامية اليوم، منصرفاً إلى مداواته رغم تأثيراته السلبية داخل لبنان وخارجه العربي والدولي.
أين وجع الهوية هذا الذي يفتك بأعصاب اللبنانيين العقلاء اليوم من الزهو الذي نراه في وجوه زعماء الطوائف بأنهم يشيدون الصروح والعروش لطوائفهم. فالواقع أن لبنان منذ احتدام الأزمة السورية وتصاعد الاصطفاف السياسي بين جماعة 14 اذار وجماعة 8 اذار، ووحدته تتراجع وإن فرحت هذه الطائفة أو تلك بما حققه زعماؤها بغالبيتهم من نجاحات في أمور فرعية لا تسمن ولا تغني من جوع. فلا نجاح دائم وجدي في لبنان إلا بتقدم هويته الوطنية المعطوبة والتي لا يداويها أحد من أطباء مرتجلين غير حائزين على شهادات شرعية.
لن يصلح الأمر في آخره على صعيد استرجاع لبنان لذاته إلا بما صلح به أوله أي عودته إلى الروح الميثاقية والعقل الميثاقي اللذين رافقا ولادته الاستقلالية عام 1943 حيث استطاع بشاره الخوري أن يقنع المسيحيين بانهم يأخذون لأنفسهم بقدر ما يعطون لعروبة وطنهم، وحيث استطاع رياض الصلح أن يقنع المسلمين اللبنانيين بأنهم يأخذون لأنفسهم بقدر ما يعطون لسيادة لبنان واستقلاليته. وهكذا انطلق لبنان المستقل العربي.
إن التحدي أمام لبنان هو أن يكون كما يريده أبناؤه الأحرار ويريده اخوانه العرب أول الشرق وليس كما يريده الأغيار والجاهلون لحقيقته اخر الغرب.
منذ زمن، تبدو بعض الكلمات التي تنم عن روح جماعية وتصالحية بين اللبنانيين أو إرادة عامة مسحوبة كلياً من التداول، فكلمة الرأي العام التي كانت دائماً تتردد في الصحف والإذاعات والتلفزيون كضمانة لكرامة الوطن ومطالبه، اختفت تماماً. فالمهم الرائج ما يريده أهل التفرقة والحزازات والحصص. حتى كلمة أكثرية أو أقلية فهي لم تعد ترد بمعنى عددي ملزم بل ترد بمعنى شجاري بحت لا يفيد أي حق عام أو أي قاعدة ملزمة. إنه نوع من الإباحية السياسية التي لا تحمل أي استعداد للالتزام ولا يفهمها الناس العقلاء إلا على أنها أطماع شخصية بالحصص، أما ما حل محل كلمة الرأي العام التوحيدية بين اللبنانية والتصالحية المسحوبة الآن من التداول وغيرها من المرادف لها فهي كلمات فئوية نراها تسيطر على الأقلام والألسنة والنفوس ككلمات مسلم ومسيحي وسني وشيعي ودرزي لا بمعانيها السوسيولوجية الطبيعية البريئة بل بمعانيها التناحرية والتمزيقية للهوية اللبنانية الجامعة، وكل ذلك مصنوع ومفصل لمصالح فردية تريد أن تبني لنفسها الأمجاد والزعامات على حساب الهوية اللبنانية الواحدة والجامعة.
انه تمزيق للوطن وهويته على ما يقال، لتقاسم المنافع والمواقع تمارسه قلة من الناس باسم الدفاع عن الطوائف لا العدالة بينها وبثمن غال جداً هو تعطيل مفاعيل الهوية اللبنانية الجامعة والمعرضة منذ فترة غير قصيرة للمزيد المتراكم من المعوقات بسبب جهل الجاهلين وطمع الطامعين ولا مبالاة اللامبالين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.