قبيل انعاقد اجتماع الأوبك في 4 ديسمبر 2013، ذكرت في مقالي "الاتفاق الإيراني لن يغير سقف الأوبك" الرياض 3 ديسمبر 2013، وقلت ان الأهم أن تتبنى الأوبك استراتيجية توسع في انتاجها بدلاً من تقليصه مغايرة لسلوكها في العقود الماضية لكي تغير الاعتقاد السائد بأن الأوبك هي المعنية فقط بتخفيض الانتاج، بل تفكر في إرسال رسالة واضحة إلى اسواق النفط العالمية بأنها تستطيع أن تنافس من أجل المحافظة على حد أدنى من الايرادات ولن يكون التوسع في انتاج النفط الصخري ومن الآبار العميقة ذات التكاليف المرتفعة على حساب استثماراتها في قطاع النفط. هكذا يفهم الغير أن تخفيض الإمدادات العالمية عامل مشترك بين جميع الدول المنتجة وليس مقتصراً على الأوبك بمفردها. وهذا ما أكده وزير البترول السعودي، عندما تصاعدت الأصوات التي تدعو أعضاء المنظمة إلى إعادة النظر في سياستهم الإنتاجية الأوبك عودتهم على ذلك وخاصة السعودية، فأجاب الوزير قائلا "لماذا دائما تدعونا "أوبك" إلى إعادة التفكير، لماذا لا تقولون السوق العالمية تعيد التفكير؟ هل تعلمون ما الذي سيحدث إذا انخفضت الأسعار؟ من الذي سيتأثر ليس فقط "أوبك" بل المنتجون والمستهلكون والشركات المنتجة للنفط. الجميع سيتأثر". نعم أيها الوزير إنها رسالة واضحة يجب تفعيلها من خلال منظمة الأوبك وبالمحادثات مع دول خارج الأوبك ليكون الانتاج مبنيا على حجم الاحتياطي والطاقة الانتاجية وعدد السكان والميزانية وحجم الاستثمار في حقول النفط لكل بلد. إنها المتغيرات التي تحدد انتاج كل بلد لضمان الحد الأدنى من الايرادات الضرورية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والوفاء بالتزامات الدوله اتجه اقتصادها في مقابل حجم الطلب العالمي وأسعار تتجاوز نقطة التسوية لميزانية كل دولة. وبتحليل بسيط لإنتاج دول خارج الأوبك نجد أن انتاجها ارتفع من 52.7 مليون برميل يومياً في 2011 الى 54.5 مليون برميل في 2013 أي بزيادة قدرها 1.8 مليون برميل او 3.5%، بينما دول الأوبك ارتفع انتاجها فقط بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً من 29.2 الى 30.3 مليون برميل يوميا خلال نفس الفترة، رغم أن نسبة الزيادة بلغت 3.8% أي 0.03% أعلى من غير الأوبك وفي هذه الحالة يجب أن نقارن القيم الحقيقية وليست النسب (وكالة الطاقة الدولية). فإنه من المتوقع أن يبقى سعر غرب تكساس عند 94 دولارا للعام القادم وكذلك برنت عند 108 دولارات، مع ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأمريكي وارتفاع الامدادات في الاسواق العالمية، واذا ما عاد انتاج ليبيا إلى مستواه الطبيعي وتم رفع الحظر عن الصادرات الايرانية مقابل نمو في الطلب العالمي بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً في العام القادم كما توقعته وكالة الطاقة الدولية. فمازالت المؤشرات الاقتصادية العاملية متدنية، رغم صدور المؤشرات الاقتصادية الأمريكية الايجابية التي تؤكد ارتفاع اجمالي ناتجها المحلي بنسبة 3.6% في الربع الثالث من هذا العام، مما خلق نوعاً من التفاؤل نحو تحسن الطلب على النفط وارتفاع الأسعار إلى مستويات مقبولة للمنتجين والمستهلكين. إن بقاء صادرات السعودية معتمدة على ما تبقى لها من الطلب العالمي بعد خصم ما تنتجه دول الأوبك الأخرى وخارجها من الطلب العالمي، غير مقبول في اطار حساب معادلة الايرادات المستهدفه التي يحددها تغير الأسعار والكميات المصدرة، فنشاهد أسعاراً ترتفع مقابل ارتفاع في الطلب العالمي أو انخفاضاً في الانتاج خلال فترة زمنية معينة وأسعاراً تنخفض مقابل ارتفاع في الانتاج أو انخفاض في الطلب إنها حالة أسواق النفط. لذا أمام السعودية بعض الخيارات إما قبول أسعار أقل وزيادة انتاجها أو تخفيض انتاجها مقابل ارتفاع في الأسعار وهذا يعتمد على مرونة الأسعار وقدرة التأثير على المنتجين الآخرين لتحقيق الايرادات المستهدفة، مما يتطلب استخدام استراتيجية التاكتك للبيع الفوري على فترات قصيرة جداً لتتمكن من تحقيق اعظم ايرادات ممكنة عند أقل كمية مصدرة ممكنة.