كيف تقاس مواطنة الإنسان المهاجر؟ هل لو صفَّق الهنود القاطنون ببريطانيا لفريق (الكريكت) الهندي ضد الفريق الإنجليزي، تؤخذ تهمة وإنكاراً للاندماج بالوطن البديل؟ وماذا عن فريق كرة قدم عربي يلعب ضد المنتخب القومي الفرنسي، لو اجتاحت الجماهير المغربية الاستاد الرياضي وشجعت بشكل مغاير لنظرة الفرنسيين الفريق العربي المقابل من الجزائر وتونس، أو المغرب، وهل تعتبر تلك المشاعر خيانة وطنية، أو ازدواجاً بالولاء؟ ألم يكن الأمريكي من أصول إيرلندية، أو ألمانية، والأمريكي اللاتيني من أرومة عربية، أو هندية، وصينية، يعلن عن أصوله بكل فخر دون أن ينسى وطنه الثاني، وهو الذي يلتزم بالقانون، بالتجنيد الإجباري، والانخراط بالأمن العام والجيش وأثبت ذلك المغاربة المهاجرون لفرنسا، حين كانوا في مواجهة النازية يقاتلون كفرنسيين، لا كعرب أو من خلال هوياتهم وجنسياتهم الوطنية الأصلية وغيرهم في الجيوش الأمريكية وغيرها؟.. ازدواجية الولاء أو الشكوك حولها، جعلت اليابانيين المهاجرين لأمريكا، بعد أحداث (بيرل هاربر) سجناء حرب، وتتكرر الآن مع الأتراك المسلمين في ألمانيا وأصحاب الجنسيات الإسلامية في طول أوروبا وأمريكا، تبعاً لقضايا الإرهاب التي ضربت تلك البلدان، وحمل لواءها مسلمون ينتمون للدين بالتبعية، ولا يتبعون قيمه التي سادت العالم قروناً طويلة، حتى صارت جرائر الأعداء الأحادية لتلك الجرائم، فرضية جزائية على العديد من المسلمين؟.. وحتى لا نتحاكم حول التاريخ ونعود لمصادره التي كتبت بأيدي الدول الاستعمارية، ومن خلال وثائقها، ألم تجرّم أسبانيا بمذابح هائلة للهنود الحمر، ومثلها أمريكا، ولحقتها لنفس الأسباب اليابان وبريطانيا وفرنسا وغيرها، بسجلات سوداء مع معظم شعوب العالم التي نالت هذه الإهانات والفصل العنصري ونهب الثروات القومية دون أن تقدم أي اعتذار يحفظ لها بعض القيم الإنسانية؟ إسرائيل تمثل نموذج الثقافة والسلوك الاستعماريين، حين تضع العربي الذي يحمل جنسيتها بدرجة متدنية، حتى مع يهود الفلاشا الذين يشعرون بالتمييز ضدهم ممن يجتمعون معهم بالديانة الواحدة، ونحن هنا ضد الولاءات المزدوجة، بحيث لا تؤخذ القوانين بعكس نظمها أو أن يتحول أي عربي، ومسلم طابوراً خامساً ضد من يحمل جنسيته من أي بلد بالعالم، لأن القاعدة الصحيحة، أن إنسانية الإنسان، إذا ما وصلت إلى حدود المعرفة العليا وتحوّلت إلى سلوك طبيعي، أن يحترم أي صاحب جنسية البلد الذي يأويه، ويجب أن يلتزم بقيمه دون أن يتخلى عن معتقده، لكن لا يحوّله إلى النقيض، والمضاد لأعراف وأخلاق تلك المجتمعات، مثلما تعمل بعض الأرقام الصغيرة التي أصبحت نكرة عالمية، وأيضاً دون أن تعدّل القوانين لتكون تمييزاً ضد فئة أو دين أو جنسية لمجرد شذوذ القلة، لتدفع ثمنها الأكثرية.