ليس سراً أن نقول بأن الوسط الرياضي كان منذ سنوات ينادي بضرورة صناعة المدرب الوطني ومنحه فرصته في الدوري السعودي وألا يقتصر وجوده على سبيل الطوارئ كمدربٍ موقت وكانت هذه الشعارات تظهر كثيراً وتتردد بعد كل إخفاق سعودي في المحافل القارية والعربية وفي ذلك واقع صحيح فالرياضة السعودية لم تمنح للمدربين الوطنيين فرصة الظهور ولا نجد فيها وفرة مدربين كما يحدث في مصر مثلاً أو تونس فكان حضور المدرب الوطني ضعيفاً في الدرجتين الأولى والثانية ويأتي على استحياء في الدرجة الممتازة وفي الموسم الحالي كسر نادي الهلال القاعدة وأعلن تعيين المدرب الوطني وقائده السابق سامي الجابر مدرباً رسمياً للفريق بعقد يمتد لثلاث سنوات فجهز معه الجابر كامل طاقمه من مساعد مدرب ومدرب لياقة ومدرب حراس وأخصائي علاج وبدأ المدرب الأمل عمله في حالة نادرة تحدث في الملاعب السعودية وتتمثل أن يحضر المدرب الوطني في نادٍ كبير ومنذ بداية الموسم وبهذه الهيئة وبعقد رسمي، ثم اختار سامي لاعبيه الأجانب والمحليين فأبرم عدداً من الصفقات هدفه فيها أن يعود بالهلال محلياً وبين عينيه مطلب الهلاليين كافة وهو العودة إلى آسيا وغادر الهلال بعد ذلك لإقامة معسكره الإعدادي في النمسا ثم عاد وانطلقت صافرة دوري جميل وبدأ معها الهلال بفوز على العروبة بثلاث أهداف دون مقابل ثم توالت الانتصارات وفيها كان الهلال لا يرأف بحال خصومه واستطاع أن يسجل في الجولات الخمس الأولى 15 هدفاً بمعدل ثلاثة أهداف في كل جولة وفي الجولة السادسة تعثر الهلال بخسارة أمام الرائد بهدفين دون مقابل ونهض سريعاً في الجولة السابعة وانتصر على التعاون بهدفين مقابل هدف وفي الجولة الثامنة حضر الهلال بكامل قوته فكان ضحيته الشباب والذي كسبه بأربعة أهداف مقابل هدف وفي الجولة التاسعة كسب نجران بهدفٍ يتيم وفي الجولة العاشرة خسر لقاء "الدربي" أمام النصر بهدفين مقابل هدف وفي الجولة الحادية عشرة ظهر الهلال بمستوى بعيد عما كان متوقعاً منه وتعادل إيجابياً مع الشعلة وهنا اشتعلت شرارة النقد بوجه الوطني سامي الجابر وارتفعت الأصوات التي تطالب بضرورة إقالة الجابر بحكم فشله التدريبي وهي من بالأمس كانت تنادي بضرورة أن يحصل المدرب الوطني على كامل فرصته، وبالعودة لما قدمه سامي الجابر مع الهلال فإن الحكم على فشله أو حتى نجاحه مازال مبكراً كون الجابر لم يلعب إلا 11 لقاءً فقط وتبقى للهلال خمسة عشر لقاء في الدوري إضافة لبطولتي كأس ولي العهد وكأس الملك إلى جانب كأس آسيا فلم يلعب الهلال تحت قيادة سامي الجابر نصف لقاءات الموسم إذ مازال المتبقي أكثر مما مضى وبحساب الأرقام فإن سامي يقف خلف النصر متصدر الدوري بفارق أربع نقاط فقط بعد أن فاز في سبعة لقاءات وتعادل في لقاءين وخسر مثلها وكل الأرقام التي يحملها الهلال تنصف سامي بعكس ما يتعرض له من انتقادات فنية كانت قاسية في الطرح طيلة الأيام الماضية فمن لا يتابع الموسم الرياضي عن قرب يعتقد أن الهلال يقبع تحت قيادة سامي في مراكز متأخرة من الترتيب. وبعيداً عن لغة الأرقام والتي كانت منطقية في إظهار عمل سامي الجابر خلال ما سبق من الجولات لكونه لم يكمل عامه الأول في عالم التدريب إذ وقع عقده التدريبي قبل ستة أشهر ولذلك من الصعب أن يُحكم على أي مدرب مبكراً إضافة لكونها الخطوة الأولى لسامي تدريبياً فالفريق يحتاج لوقت حتى يتأقلم مع سياسته مهما كان، وعلى الرغم من ذلك فمازال الجابر مع الهلال يظهر بمستوى جيد فاق به مدربين سبقوه في الخبرة التدريبية كالبرتغالي بيريرا وإن كان مثله يقضي موسمه الأول لكنه يتفوق على الجابر بخبرته التدريبية الواسعة في أوروبا إلى جانب تفوق سامي على ما قدمه البلجيكي برودوم مدرب الشباب الذي ترك منصبه بعد ثلاثة لقاءات محلية وهؤلاء المدربون مشبعون بالخبرة التدريبية ورغم ذلك لم يقدموا مع فرقهم ما قدمه في أول مواسمه التدريبية حتى الآن، ولا يعني ذلك أن سامي لم تكن له أخطاء أو سلبيات. أخيراً "الذئب" لايزال في بداية عمله الفني وعلى الرياضيين ألا يقسوا في النقد عليه ولا في إطلاق الأحكام المبكرة فالطريق أمامه طويل إذ ربما يعتلي الصدارة ويحصد بطولات لفريقه أو يظل وصيفاً للمركز الأول وأياً كانت نتائج الموسم فلن تكون هذه نهاية كرة القدم، وعلى المنتقدين وهم الذي كانوا ينادون بضرورة منح المدرب الوطني فرصته أن يقفوا مع سامي في خطواته حتى يكون النواة الحقيقية للمدربين الوطنيين المحترفين في الملاعب السعودية ولتتسع لهم آفاق العمل للاحتراف الخارجي.