تعد مناورة الفاتح التي أقيمت في 4 يوليو 1975م أول تمرين عسكري خليجي ثنائي بين القوات المسلحة بالمملكة العربية السعودية وقوة دفاع البحرين الشقيقة والتي جرى تنفيذ تمريناتها على أرض مملكة البحرين تحت رعاية الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، مما يؤكد أن التعاون العسكري الأخوي القائم بين الأشقاء بدول المجلس ضاربة جذوره في عمق التاريخ الخليجي المشترك. وخلال الاجتماع الأول لقادة دول مجلس التعاون الخليجي الذي عُقد بدولة الإمارات العربية المتحدة في مايو 1981م، صدرت التوجيهات السامية لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية للعمل على إنشاء قوة عسكرية خليجية يكون واجبها الرئيس هو الدفاع عن دول المجلس ضد أي اعتداء خارجي، والذود عن حياض دول المجلس وحماية المكتسبات والمقدرات الحضارية فيها. وعلى ضوء ذلك تم وضع الأسس الرئيسة للسياسة الدفاعية لدول المجلس، والتي طُورت فيما بعد لتصبح الاستراتيجية الدفاعية المشتركة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، اقتضت تشكيل قوة عسكرية خليجية تسمى قوات درع الجزيرة المشتركة، وتتكون من أفراد وآليات عسكرية من دول مجلس التعاون الست وهي: الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر، ودولة الكويت، وحيث إن أهمية قوات درع الجزيرة المشتركة لا تكمن في حجمها بل في مغزاها وأثرها المعنوي بالنسبة لمواطني دول المجلس ولمنتسبي القوات المسلحة في هذه الدول لأن العمل الجماعي المشترك يغرس الثقة بالنفس، ويعمق مفهوم التعاون والتضامن فيما بينها الى جانب انه يخلق فيها الإحساس بالقوة والقدرة على الصمود أمام كل الأخطار التي تهدد أمنها ونظامها ومستقبلها. وقوات درع الجزيرة المشتركة تعتبر إحدى الأدوات الهامة للاستراتيجية الدفاعية الخليجية التي تعمل على تعزيز وتنمية القدرات الدفاعية لدول المجلس، وبث الروح المعنوية العالية لدى الأفراد، وإطلاعهم على آخر التطورات العسكرية والسياسية حولهم في المنطقة والعالم بما يخدم الكفاءة القتالية للقوات. وتعبر قوات درع الجزيرة عن مدى التلاحم والتعاون الوثيق بين القوات الخليجية المسلحة، وتجسيداً حقيقاً لإدارة التآلف والتضامن، وتعميقاً للروابط التاريخية فيما بينها، وسوف تساهم بشكل كبير وفعّال في تعريف منسوبيها المنظومات التي تستخدمها جيوش الدول الخليجية، وتعتبر فكرة العمل تحت قيادة واحدة تجسيداً عملياً للاستراتيجية العسكرية، وفي نطاق قوات درع الجزيرة المشتركة يتعرف العسكريون الخليجيون على بعضهم وتوحيد شئونهم العسكرية لتطبيق برامج ومناهج وخطط واحدة تهيئهم عقلياً ونفسياً وعسكرياً للقتال في خندق واحد وتحت قيادة واحدة. وإطلاق اسم درع الجزيرة على المناورات العسكرية التي تقوم بها يعتبر رمزاً للتلاحم والتنسيق العسكري بين دول المجلس. وكان لابد من دعمها لزيادة فعاليتها وتطويرها وتأهيلها لتكون درعاً حقيقياً للدفاع عن دول المجلس , ففي عام 1993م أعلنت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خططاً للتكامل العسكري وتعزيز قوات درع الجزيرة المشتركة، وفي عام 2006م تم تطويرها لتكون وعززت بجهد بحري وجوي وفقاً للمفهوم العملياتي المعتمد، وذلك لرفع كفاءتها القتالية، بما يكفل تنفيذ مهام التعزيز والإسناد للقوات المسلحة الوطنية لدول مجلس التعاون بصورة كاملة، وفي عام 2009م تم تعزيز قوات درع الجزيرة المشتركة بقوة تدخل سريع. ويجري العمل حالياً على دراسة تطوير قوات درع الجزيرة المشتركة من حيث الحجم والتنظيم. وتماشياً مع ما تشهده مسيرة مجلس التعاون من تطوير مستمر وسعي حثيث نحو إقامة وحدة متماسكة في مختلف المجالات، فقد صادق المجلس الأعلى في دورته الثالثة والثلاثين (مملكة البحرين، ديسمبر 2012) على قرار مجلس الدفاع المشترك في دورته الحادية عشرة (الرياض، نوفمبر 2012) بإنشاء قيادة عسكرية خليجية موحدة. وفي إطار تعزيز وترسيخ الإستراتيجية الدفاعية المشتركة لتصبح قوات درع الجزيرة المشتركة قادرةً على التدخل والانتشار السريع لمواجهة أي خطر عارض أو مفاجئ يهدد أمن أي دولة من دول مجلس التعاون مستقبلاً. وهي تعتبر أول ثمرة للتعاون الإيجابي الحقيقي في مجال الأمن الإستراتيجي. إن مقياس القدرة القتالية في أي معركة لا يحددها فقط حجم القوات أو نوع السلاح بل الإدارة والتصميم والعقيدة القتالية والمعنويات العالية. تمرين الفاتح أول تمرين ثنائي خليجي 1975م