يؤثر في كل الانفس ذهاب احبابها لدنيا غير دنياها او عالم غير عالمها وهي التي كانت لا ترى الكون على اتساعه بدون من تحب لأنها تعتبرهم الزاد الروحي والامان الحسي ومن معطيات الإيجابية التي ترى حلاوة الحياة وقيمتها في وجودهم ولذا فان الايجابية تنقص برحيل من كان احد اميز رجالها ان لم يكن الأميز وأحد من حملوا هم الوطن والمواطن بكل صدق مع نفسه ومع الله ومع الناس وهذا جزء من سبب الحزن الذي كسى وطننا الكريم الذي انجب معالي الفقيد الايجابي الدكتور محمد بن احمد الرشيد في يوم وجنازة وحضور وحزن لا اقول انه غير مسبوق ولكن قليل جداً ان تجد مثله لأن الناس كل الناس يحبون الايجابي وان كانوا غير ايجابيين فكيف بمن شربوا الايجابية من كفوفه وتوشحوا بالوطنية من حروفه واحبوا المثالية وسعوا اليها لأنه قادهم لها فلم يكن متشائماً ولا متذمراً بل يرى ان القادم دائماً افضل حتى لو عرض عليه امر سلبي فانه يأخذ الوجه الايجابي لكل موقف. الفقيد الايجابي هو سيرة تربوية يجب ان تدرس وتدرس لأنها سيرة استثنائية لرجل استثنائي ومن يملكون تلك الصفة في كل المجتمعات قليلون, فاذا اهملت سيرهم ولم تستوقف المهتمين بالإيجابية فان المجتمع اما ان يفقد الإيجابية او تفقده, واين من تحدث عن القيم خوفاً من ذبولها وقال (إن فقد الإنسان لانتمائه الوطني داخل سياج عقيدته هو أخطر كارثة يمكن أن تقع على أي وطن من الأوطان، لأن ذلك يكون مدعاة للتسيب والتفلّت والتخلف والانحطاط والإحباط، وحري بالمجتمع - أي مجتمع - إن أراد أن ينفض عن نفسه غبار التخلف، وأن يتخلص من أمراضه أن يتبع برنامجاً لدعم الانتماء الوطني..), وقال رحمه الله: ( إن أبناء الوطن مطالبون بأن يبحثوا عن صيغ مشتركة للتعايش إذا أرادوا تحقيق درجة طيبة من البقاء والنماء والإنجاز الحضاري والتقدم). ومن أقواله أيضا: (المواطنة هي - صورةُ أسرةٍ هانئةٍ هادئة، سعيدة متحابة، متعاونة متكاتفة.. أفرادها متفاهمون، نشيطون، كل واحد منهم يعرف واجبه ويقوم به ويزيد عليه أحياناً، ويعرف حقوقه فيطالب بها ويتسامح عنها أحياناً). ان الفقيد جعل المعلم محوراً لا يمكن الاستغناء عنه في تطوير العملية التربوية وتقدم الوطن ومواطنيه بل انه الدرة الاغلى في القدر التنموي الوطني لأنه المؤثر الاقوى ويجب ان يقدر ذلك له ويمكن من اداء رسالته المقدسة وتوفر له افضل الادوات فكانت صورة المعلم في عهده رائعة فهو اول من وقف له تبجيلاً لأنه كاد ان يكون رسولاً ولذا كانت مثاليته التي نعزي فيها كل المعلمين حين قال: (إنه مهما تقدمت تكنولوجيا التعليم فلن تتحقق جودة التعليم إلاّ بمعلم مخلص مدرك لرسالته، والعملية التعليمية ستكون جسداً مبتوراً إذا ما غاب عنها المعلم الرأس (روحاً) وليس مجرد أداة موصلة للعلم. واردف إني دائم القول: إنه إذا تباهىَ المهندس بأروع عمارة صممها وأشرف على بنائها، والمخترع بأحدث جهاز ابتكره، والعالم بأروع اكتشاف وصل إليه، والجراح بأعقد عملية طبية ناجحة أجراها ألا يحق للمعلم أن يطيب نفساً ويعلو قدراً ويتباهى ويفخر بأن له بعد الله فضلاً مذكوراً وإسهاماً مشكوراً في بناء شخصية هذا المهندس وهذا المخترع، وذلك العالم وهذا الطبيب. واخيراً, لأن الفقيد رمز وطني فمن الجميل ان يكرم ففي تكريمه رسالة لنشر الإيجابية مع تسمية احد المجمعات التعليمية باسمه ويا حبذا القاعة الرئيسية في مبنى وزارة التربية والتعليم الجديد, ولأنه قيادي مؤثر فان انجازاته في اكثر من جهة وتلاميذه في اكثر من مصلحة والمتوقع ان يكون هناك تنافس كريم في تخليد اسمه حتى يعرف المجتمع كيف تأثير الايجابية بعد الممات طالما انها كانت منتجة اثناء الحياة ولعل احد تلاميذه من الكتاب يخصص لنا مقالاً اسبوعياً للحديث عنه وعن علمه واثره وتأثيره مع دراسة فكره ومقالاته وحتى تغريداته فهو احد رموز التواصل الاجتماعي الحديث وكل ما كتبه يستحق الوقوف عنده. رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته.