توجهت أنظار العالم فجأة وبخوف شديد نحو اليابان بعد زلزالها المدمر الذي تسبب في عطب أحد مفاخرها الصناعية الذرية الكبرى، وقد كانت اليابان تتباهى بقدراتها التقنية الفائقة التطور في كل مجالات الصناعة الحديثة، وكان اليابانيون محقين في هذا التباهي بالقياس مع نظرائهم من أمم العالم المتقدم، لكن تساؤلات كبرى نشأت فوراً بعد الخلل الرهيب في مفاعل (فوكوشيما)، وما تبع ذلك الزلزال من وضوح ضعف الإنسان أمام قدرة الخالق سبحانه وتعالى. لقد استغرق الزلزال خمس دقائق فقط!، وقدرت السلطات الخسائر المادية الأولية بخمسمائة مليار دولار (خمسة آلاف مليون دولار)، والوفيات بالآلاف، والجرحى بعشرات الآلاف، والمشردين بمئات الآلاف؛ لكن كل ذلك يهون أمام الرعب الذي نشأ نتيجة الانفجارات التي توالت في المفاعلات النووية (السلمية) التي تمد البلاد بالطاقة الكهربائية في مجتمع يعتمد في كل شؤون حياته على هذه الطاقة. ولا زال الرعب يتنامى ليس بين أفراد الشعب الياباني المنظم المتحضر الذي سبق أن ذاق مرارة التدمير الذري القاتل في هيروشيما وناجازاكي والذي ما فتئت آثاره تتفاعل رغم مضي أكثر من ستين سنة، ولكن الخوف أخذ يمد أذرعته الأخطبوطية نحو الشعوب المجاورة وكلها شعوب تعرف معنى الانفجارات النووية المخيفة مثل انفجار مفاعل شيرنوبل الروسي القاتل الذي ما زال يفتك بسكان منطقته منذ أكثر من خمس وعشرين سنه!؟. والسؤال الأهم بالنسبة لنا، ماذا لو حدث الزلزال في إحدى دول منطقتنا من تلك التي لديها مفاعلات نووية (حربية)، وهي دول تقل في معرفتها التقنية بكثير عن اليابان، وعلى رأسها الدولة العدوانية إسرائيل حيث يوجد مفاعل ديمونة المترهل حسب الصحافة الإسرائيلية، أو الباكستان أو إيران، وكلها دول تقع على مناطق زلازل؟! ولقد تناولت الفضائيات والصحافة الغربية والشرقية موضوع الرعب النووي من المفاعلات السلمية ولا زالت تتناوله بما يستحقه من الاهتمام، وأصبحت الطاقة الذرية للأغراض السلمية محل مناقشات مستفيضة مؤداها الخوف الشديد مما قد تسببه هذه المفاعلات من أخطار مؤكدة على البشرية كلها لمجرد وقوع خطأ تشغيلي بسيط، فما بالكم لو حدث تفجير متعمد من معتوه أو مخمور وما أكثرهم؟. وإذا كانت المفاعلات الذرية السلمية بهذه الخطورة المرعبة فكيف هو الحال مع عشرات الآلاف من القنابل الذرية والنايتروجينية التي تمتلئ بها مخازن السلاح في كثير من دول العالم المتحفزة دائماً للحروب؟، إنه الإنسان المسكين الذي تراكمت معارفه وعلومه واختراعاته بحسناتها وسيئاتها حتى تحولت إلى أحمال من الخوف والقلق والأخطار المحدقة به والتي لا يأمن أن تنفجر في أي لحظة من تحت قدميه.