روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن " والمعنى في قوله لأويس القرني وكان يتنفس شوقا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ومن المعلوم أن ما أيمن القبلة كان يدعى يمنا، وذلك حسب أركان الكعبة ومنه الركن الشامي والركن العراقي.. وبلاد بلقرن التي ينسب إليها أويس القرني منطقة أثرية رائعة سياحية، وليس كثيرا على هذه المنطقة أن ينسب إليها أويس العابد الزاهد المستجاب الدعوة.. فقد كان لجارتها الجنوبية سراة الحجر نصيب كبير في وجود عدد من العلماء الذين نقشوا أسماؤهم على الصخور ومنهم الإمام ابن ماجة وحفص بن عمر الذين أثبتا نسبتهما إلى بني شهر من خلال النقوش، وليس إلى قزوين كما يقال عن الإمام ابن ماجة أو إلى الدور أو البصرة كما يقال عن حفص بن عمر كما هو المعتقد. كانت زيارتي إلى بلاد بلقرن حينما كنت عضوا ومقررا في لجنة حصر المواقع الأثرية في الفترة من 18- 20/1/1423 ه، ومما آثار الدهشة أن المجتمع في تلك المنطقة كان معتزا بتراثه محبا لآثاره، وعلى رأسهم شيخ شمل قبائل عليان الشيخ حنش بن منصور بن قادم الذي كان للكرم مثلا يحتذى ولحب الآثار منارا يقتدى، وشملت الجولة مناطق شتى من بلاد بلقرن ومنها هجرة الفوهة، والعبلاء وقرية القادم الأثرية، ومنازل أسرة آل عيدان، وليسمح لي كل من قابلنا بالابتسامة وجميل التعاون وكرم الضيافة ولم أذكر اسمه فإن ما صنع من جميل لن ينساه الله إذا نسيناه. ومن خلال تلك الجولة السالفة الذكر اتضح لي أن بلاد بلقرن هي امتداد طبيعي لإرث حضاري عظيم شمل طرق جبال عسير إلى بلاد الحجر إلى بلاد بلقرن ثم إلى الباحة والطائف وصولا إلى مكةالمكرمة. وفي بلاد بلقرن كنز من الآثار، وبحاجة إلى مكتب يعنى بهذه الآثار، وذلك ابتداء من عصور ما قبل التاريخ إلى العصور الحديثة، وتتنوع فيها الأنماط التراثية من الرسوم والنقوش والكتابات القديمة بأقسامها والكتابات الإسلامية، وقد أصبحت بعض المواقع الأثرية مهددة بالاندثار في بلقرن، ومنها حصن حمدة وقرية آل كامل الأثرية التي عمرها يزيد على 300 سنة، وهي مجاورة لسوق سبت العلايا، واتصل بي بعض الغيورين على التراث لإيصال صوتهم إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار حتى لايتم هدم هذه الأحياء القديمة من قبل بعض الجهات الخدمية. وأبدى العديد من أبناء بلقرن استعدادهم التام مع الهيئة العامة للسياحة والآثار لإنشاء متحف ومكتب للهيئة وأبدوا حرصهم على التبرع بما لديهم من مقتنيات لدعم هذا المتحف. ويشهد التاريخ أن للآثار والسياحة قد أصبح لها شأن وأي شأن بمتابعة وجهود وتشجيع سمو الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار وبرز مصطلح السياحة والآثار في هذه البلاد المباركة، وأصبح في دائرة الضوء والاهتمام، ومهما قلنا أو تحدثنا عن جهود هذا الرجل فلن نوفيه حقه فهو يعطي أي أمر يهم السياحة والآثار اهتماما بالغا وما تقديره واهتمامه باكتشاف ولاية الجهوة -التي وفقني الله لإبرازها- إلا خير دليل لروعة تعامل هذا الأمير النبيل.