المتأمل في شوارع الرياض يشعر كثيراً بانسيابية ملحوظة في المرور بالشوارع ، وهو جهد يُشكر بالطبع لرجال المرور، كما أنه أحد حسنات ترحيل العمالة السائبة من البلاد في ظل الحملة الوطنية المباركة للتصحيح والتي تشهدها البلاد بتعاون كامل بين وزارتي الداخلية والعمل ومساندة من المواطنين الصالحين معهما. وليكتمل نجاح هذه الحملة التصحيحية لأوضاع العمالة يجب أن تستمر محافظة على زخمها وحماسها الذي بدأت به، حتى يسود النظام وتتحقق العدالة ويقضى على المخالفات وعلى التستر. وقد ابهجني وسرني أن يبقى الباب مفتوحاً أمام كل من لديه رغبة في تصحيح وضعه نظاميا فهذا هو الهدف من الحملة، وليس قطع الأرزاق، فكل بلاد العالم لا تسمح لأحد أن يعيش أو يعمل فيها مخالفا لأنظمتها وقوانينها، ويجب أن يطمئن من يريد التصحيح ، فلا أحد في مملكة الانسانية يرغب في إيذاء أي مقيم. لقد شهد سوق العمل بالمملكة، انفلات العمالة السائبة الذين أنشأوا لأنفسهم وضعاً خاصاً بهم أشبه ما يكون بمنظومة فساد متكاملة والفاسد غلب على الصالح منهم. لذا لم يكن ممكنا السكوت على هذا الوضع فكانت الحملة. ولاشك أن ازدياد وعي المواطنين بخطر تلك العمالة على دينهم واقتصادهم وأخلاقهم ودولتهم جعلهم يستشعرون مدى الأخطار المحدقة بهم إن استمرت تلك العمالة السائبة بين ظهرانيهم، كما بات المقيم النظامي يدرك هو الآخر أن وجود تلك الفئة يؤثر عليه، فهم يرضون بأقل القليل لأنهم لا يملكون الخبرة والشهادات المهنية المعتمدة، ولذا يستعين بهم بعض من يبحث عن قلة التكلفة ولا تهمه الجودة كما لا يشغله صالح الوطن والمجتمع، وبالتالي يتأثر عمل الوافد النظامي كما يحدث بالضبط للمواطن، وهذا أدعى لأن يتحد هؤلاء النظاميون ويتعاونوا مع رجال الأمن والعمل غيرهم من الجهات المعنية للإبلاغ عن أي شيء يرون أنه يفيد الدولة في حماية البلاد وحمايتهم هم أيضاً، فالجميع مواطنين ومقيمين في مركب واحدة، وعليهم جميعاً أن يتعاونوا لوصولها إلى بر السلامة. وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر فلا بد أن نستذكر ما فعلته بعض العمالة وبالخصوص الباكستانية مؤخراً في المناطق التي شهدت اعتداء بعض الأثيوبيين، حيث وقف أفراد من العمال الباكستانيين يدافعون عن السعوديين، ويحمون منازلهم بأجسادهم غير عابئين بالخطر المحدق بهم، وهو موقف إنساني نبيل يستحق الإشادة. هناك نقطة أخيرة أرجو أن يُنظر إليها بعين الاهتمام والعناية وهي أوضاع من ولدوا في المملكة، ويعملون فيها، فهؤلاء من حقهم أن يتم تصحيح وضعهم بالشكل الذي يليق بهم، حتى يزداد لديهم حس الانتماء للوطن الذي لا يعرفون وطناً غيره. حفظ الله على هذه البلاد المباركة أمنها واستقرارها ووفق قيادتها إلى كل خير.