بعدما خالفوا الأنظمة جميعها، وصالوا وجالوا في البلاد غير عابئين بما التزموا به من عقود عمل، أنصاع المخالفون للنظام مؤخراً بعد أن شنت الأجهزة الأمنية قبل أربعة أشهر حملة جادة وقوية، تتبعت من خلالها مخالفي نظام الإقامة والعمل، مما أعاد جزءاً من هيبة النظام، وجعل المخالفين يهرعون جماعات وأفراداً إلى مرافق الجوازات لتصحيح أوضاعهم القانونية في البلاد، مستفيدين من المهلة التي منحتها لهم الحكومة لتصحيح أوضاعهم. وبالرغم من أن قرابة الأربعة ملايين عامل قد استفاد من تلك المهلة وقام بتصحيح وضعه كمقيم نظامي في البلاد، إلا أن مراقبين يقدرون أعداد المخالفين في البلاد بأكثر من 6 ملايين مخالف، يضاف إليهم المتسللون ومجهولو الهوية والذين أشارت تقارير سابقة إلى أن أعدادهم تصل إلى 5 ملايين مقيم غير شرعي. تبدو الأرقام تثير الضجر، ويكشف عدد الأربعة ملايين مخالف الذين قاموا بتصحيح أوضاعهم أنه ثبت حتى الآن أن أكثر من 60% من المقيمين في البلاد مخالفون لنظام الإقامة أو العمل، على أساس أن في البلاد 7 ملايين أجبني مقيم كما تشير بيانات وزارة العمل. وقد تكشف المهلة الإضافية التي أعلنتها الحكومة والتي تمتد إلى بداية محرم من العام القادم أرقاماً أخرى ستفد إلى مكاتب الجوازات، لتصحح وضعها فيما يخص نظام الإقامة والعمل. مما سيرفع ويكشف نسبة المخالفين بين أعداد الأجانب في البلاد إلى أرقام قد لا تعجب المسؤولين عن نظامية إقامة العمالة وعملها في المملكة. لكن المثير للدهشة في نظر مراقبين وما يثير استغرابهم حقاً هو ما كان يتمتع به هؤلاء المخالفون من فرص العمل والسكن والتجول في البلاد وتحويل الأموال والعلاج، وبعضهم لا يملك وثائق ثبوتية لسنين طويلة، فقد كشفت مهلة التصحيح عمالة كانت تعمل في المملكة لقرابة عقد من الزمن، تمارس أنواعاً مختلفة من المخالفات، وتسرح وتمرح في طول البلاد وعرضها دون حتى أي ورقة إثبات، فلا إقامة، ولا جواز، ولا بصمة في نظام الجوازات، وبعضهم لا يعلم ما اسم كفيله. مفاجآت رهيبة عبدالهادي القبيل، مدير عام إحدى مؤسسات المقاولات كشف من جانبه عن مفاجآت أفرزتها الحملة التصحيحية للعمالة المخالفة في جزئها الأول، وقال القبيل إنه يقصد مؤسسته في اليوم عشرات العمال من مختلف الجنسيات باحثين عن فرص عمل بنظام الكفالة، لكنه أشار إلى أن جزءاً ممن قصدوه لا يحملون أي أوراق ثبوتية، ولا يعرفون اسم الكفيل الذي قدموا على كفالته إلى البلاد، وقال: لقد جاءنا عمال آسيويون من جنسيات مختلفة، لا يحملون أي أوراق ثبوتية، ولا يعرفون اسماء كفلائهم، وليس لديهم بصمة في الحاسب الآلي، مما يجعل التعامل مع وضعهم في غاية الصعوبة. وأضاف: إن بعض هؤلاء قد أمضى في البلاد قرابة العقد من الزمن، يعملون، ويستأجرون، ويحولون أموالاً إلى ذويهم وهم لا يحملون أي مستندات ثبوتية. مؤكداً أن الغالبية العظمى من العمالة المخالفة هاربة وبعضهم يحمل فقط صورة من الإقامة أو صورة من الجواز والبعض الآخر لا يحمل أي وثائق والبعض قدم للملكة قبل نظام البصمة. واستغرب القبيل من وجود مثل هؤلاء العمال الذين جالوا في البلاد لسنوات تصل إلى العشر دون أي إثبات للهوية، مبدياً تخوفه من الآثار التي يتركها مثل هذا التسيب لدى أعداد ليست بالقليلة من العمالة المخالفة. وقال القبيل: إننا لم نكن نتوقع أن الأمور كانت قد وصلت إلى هذه الدرجة من التسيب بين صفوف العمالة السائبة، وهذا يلقي مسؤولية كبيرة على الأجهزة الأمنية، وعلى المواطنين في المستقبل في الحد من ظاهرة العمالة المتخلفة، والتي تشكل خطورة كبيرة على أمن البلاد واقتصادها، وطالب القبيل بمزيد من الحزم في تطبيق الأنظمة بغية ألا تتكرر مثل هذه الأعداد الكبيرة من المخالفين في البلاد. وأكد أن المكرمة الملكية لتصحيح أوضاع المخالفين تمثل فرصة يجب اغتنامها والشكر موصول للجهات المختصة بالتسهيلات المطروحة والتي لابد منها لكون المخالفين زادوا بشكل كبير وأصبحوا ينافسون المنشآت النظامية وخلق بيئة عمل عشوائية تؤثر على المستهلك بالدرجة الأولى والمنفعة تعود على هؤلاء العمالة التي يفوق دخلها الشهري بكثير عن المواطن. وعلى السفارات تفعيل دورها بمساعده المنشآت ببيانات العمالة التي تطلب التصحيح وتبين للعمالة هذه الفرصة التي لن تتكرر وتعمل لهم إرشادات وترغبهم بالتصحيح. مخاطر أمنية واقتصادية د.اللواء .م. صالح الزهراني قال إن وجود مقيمين بطريقة غير مشروعة منتشر في بلدان مختلفة من العالم، لكنه أشار إلى أن الحملة الأمنية التي تزمع الجهات الأمنية أن تقوم بها بعد انتهاء المهلة التصحيحية ضرورة أمنية بالدرجة الأولى، كما أنها ستؤتي أوكلها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. وشدد اللواء الزهراني على أن ما كشفته الحملة التصحيحية من وجود مخالفين لسنوات يسرحون ويمرحون في البلاد أمر غير مقبول، وحمل الزهراني المواطنين المسؤولية عن ذلك، وقال: إن المواطن يتحمل مسؤولية كبيرة في مساعدة المخالفين للإقامة في البلاد بطريقة غير مشروعة، فالمواطن –حسب الزهراني– هو من يتستر على المخالفين، ويؤجرهم، ويشغلهم. وطالب المواطنين بأن يستشعروا مسؤوليتهم تجاه وطنهم، وأن يكفوا عن تشغيل وإيواء والتستر على العمالة المخالفة، مبيناً أن المواطن هو رجل الأمن الأول حسب تعبيره. وأكد أن وجود عمالة غير نظامية له تبعات أمنية واقتصادية واجتماعية سلبية، وقال: إن تنامي أعداد العمالة المخالفة في البلاد يتطلب تحركاً أمنياً، ووعياً اجتماعياً لمحاصرة المخالفين، وتصحيح أوضاعهم أو إبعادهم عن البلاد، مبيناً أن على الأجهزة الأمنية مسؤولية كبيرة في تعقب هؤلاء المخالفين والقبض عليهم وإبعادهم عن المملكة، وكذلك تأمين الحدود، وعدم ترك فرصة للمتسللين للدخول إلى أرض الوطن. وشدد الزهراني على أن الحملات الأمنية المزمع القيام بها من قبل الجهات الأمنية من شأنها أن تؤكد هيبة النظام، وأن تسهم في مزيد من الاستقرار والأمان للمواطنين والمقيمين، وأن تقضي على بعض الظواهر السلبية التي يفرزها تنامي أعداد العمالة المخالفة على المجتمع والاقتصاد. وقال إن النجاح الحقيقي بعد تصحيح أوضاع تلك العمالة إما بإبقائها بشكل قانوني أو ترحيلها، وأن يكون هناك جهد أمني وتعاون شعبي من أجل عدم تكرار تناميها من جديد، وأن يكون هناك تطبيق للأنظمة بمزيد من الحزم والصرامة، وأن يكون المواطن شريكاً حقيقياً في الحفاظ على أمن الوطن وأمانه. جهد أمني وتعاون شعبي لعدم تكرار تنامي ظاهرة المخالفين د. صالح الزهراني عبدالهادي القبيل