هزم "الجنرال ثلج" غزوات نابليون وهتلر لروسيا، والجنرال مطر كشف عن عورات مشاريعنا وبيئتنا الخاصة، وكأنه المفتش العام الذي لا يبالي بالصارخين والمحتجين، لأنه واضح ولا يعرف المجاملات وصلات القربى والمحسوبيات أياً كان مصدرها وقوة تأثيرها.. غرقت الشوارع والمطارات، والمدارس والجامعات خرّت سقوفاً، وانهارت جسور وعرفت الشعاب كيف تفتح طرقها ومجاريها رغم الحبوس، والطوابق العليا والسفلى، وصارت العطلة الدراسية مرهونة بالغبار والأمطار؛ لأن معظم المدارس الحكومية القديمة انتهى عمرها الافتراضي ولم تعد صالحة للدراسة بسبب الأسلاك الكهربائية العارية، ودورات المياه المتهالكة وسوابقها للمدارس التي سقطت واحترقت، والمسلسل طويل، لكن ليس ذلك وحده السبب أمام مشاريع نفذ بعضها وبانت فضائح عيوبها مع الأمطار، وأخرى تنتظر الإذن في بيئة وزارات ترسى لها الميزانيات فلكية الأرقام، ثم تدوّر مع ميزانيات لاحقة لسنوات، ولم نجد من يحاسب على تقصيره من القيادات العليا إلى الدنيا، حتى إن المشرف، وموقّع المخالصات يوقعان للمقاول على بياض ومع ذلك ليس هناك من يستطيع ادعاء البراءة أمام مشهد عام واضح لأدنى مواطن وأعلى مسؤول فقط في الأسابيع الماضية عندما أوضح الخروقات الجنرال مطر!! في جدة لا تزال محاكمات كارثة السيول قائمة في ملاحقة المقصرين ومتجاوزي الأنظمة وأمانة الوظيفة، وإذا ما وصلت نزاهة إلى كشف حساب جديد يطال المقصرين الجدد، فكم نحتاج إلى شهود وقضاة ومحلفين ومحامين حتى نصل إلى حقائق ما يجري في جميع مشاريعنا الكبرى وغيرها؟! شركات كبرى اشتُهرت باحتكار المقاولات وعيوبها الراهنة قائمة، ولا ندري هل تلاحَق نظامياً وقانونياً بأثر رجعي على هذه التجاوزات، أم أنها قبضت حساباتها وليست معنية بالمحتج، ولا بمن يرفع عليها الدعاوى؟ وماذا عن الواقع القائم، هناك آلاف المليارات اعتمدت لمشاريع كبيرة واستراتيجية، وعلة وقوفها أن المسؤول عنها لم تطله المساءلة ولا العقوبة المنصوص عليها في نظمنا، حتى إن إبعاد المهندسين والقانونيين والمراقبين من المواطنين عنها، لا يزال اللغز الذي عجزت عن تفكيكه بصارات العالم.. الفلكيون قالوا إن أمطارنا تعد عادية، وليست كارثية، ولكنها بسبب التنفيذ السيئ تسببت فيما جرى وما سيجري إذا ما استمرت لعدة أيام، أو بعد عدة شهور، لأن ستر عيوب التنفيذ لا يمكن أن يغير من واقع بات واضحاً للرأي العام الوطني كله.. لا ندري إذا كان يجب إعادة النظر في الهيكل التنظيمي للتخطيط والإشراف واعتماد المشاريع من قبل عودة وزارة الأشغال وضم وزارة التخطيط إليها لتكون صاحبة المرجعية في قبول أو رفض المشاريع التي تعتمد بعشوائية والمسؤولة قانونياً أمام أي تعثر أو خطأ لأننا نعرف أن الوزارات والدوائر الحكومية الأخرى ليس لديها الكوادر المؤهلة حتى في إعداد ميزانياتها أو طرح مشاريعها طالما التركة القائمة كشفت عن هذا العجز واستمراره. لدينا عقول وكفاءات، ولدينا تجارب شركات، وبقدرتنا جلب الخبرات الأجنبية من أي بلد في العالم، وكل هذا يحتاج إلى إرادة عمل، وليس لمكاتب فاخرة ليس لديها من المعرفة إلا مهر التواقيع!!