افتتح صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت امس أعمال القمة العربية الأفريقية الثالثة التي تستضيفها الكويت على مدى يومين بمشاركة أكثر من 71 دولة ومنظمة عربية وإقليمية ودولية. ورأس وفد المملكة إلى أعمال القمة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية ممثلاً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-. وأكد رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي نوري بوسهمين أن ليبيا، رئيسة الدورة الثانية للقمة، تشارك في القمة العربية الأفريقية بإرادة قوية صلبة على أساس الاحترام المتبادل، داعيًا إلى ضرورة إقامة علاقات اقتصادية وتجارية واستراتيجية وتنموية لتحقيق مستوى معيشي أفضل لأبناء الأمتين العربية والأفريقية. وأعرب عن سعادته لمشاركة دولة ليبيا الجديدة في القمة وتقديره لكل من قدم الدعم لإنجاح الثورة الليبية سواء في شكل سياسي أو عسكري أو لوجيستي. وقال بوسهمين في كلمته أمام القمة إن ليبيا تسعى للإسهام في كل الجهود الهادفة إلى حماية الأمن والسلم الإقليمي والدولي وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، وتسعى للالتزام الكامل لكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تعد ليبيا عضوًا أو طرفًا فيها. مجلس الأمن مطالب بأن يتحد ويضطلع بمسؤولياته لوقف الاقتتال في سورية بعد ذلك تسلم أمير الكويت رئاسة القمة من ليبيا التي ترأست القمة الثانية بالمشاركة مع جمهورية الغابون. وفي كلمته أمام القمة، رحب الشيخ صباح بالمشاركين في القمة، مشددًا على أنه تنعقد في ظل استمرار ظروف سياسية دقيقة واقتصادية غير مستقرة تستوجب مواصلة العمل وتكثيف الجهود لمواجهتها وتجنيب الدول العربية والأفريقية تبعاتها. وقال سموه إن انعقاد القمة اليوم في موعدها المحدد يؤكد العزم على الارتقاء بالتعاون المشترك للتصدي للتحديات التي تواجهها الدول العربية والأفريقية وتجاوز العقبات التي تحول دون وصولها إلى آمال مشروعٍ في التنمية والبناء. وأضاف: "اختيارنا شعار "شركاء في التنمية والاستثمار" لهذه القمة يجسد إدراكنا لأهمية التعاون الاقتصادي الذي يشكل قاعدة للمصالح المشتركة ننطلق من خلالها لتحقيق الشراكة الاستراتيجية التي ننشدها كما أن هذا الشعار يؤكد أيضًا حرصنا على أن يحتل الجانب الاقتصادي والتنموي الجزء الأكبر من جدول أعمالنا بما يجسد تفهمًا عميقًا لمتطلبات المرحلة المقبلة واستشعارًا بآلية العمل المناسبة له". وأوضح أمير الكويت أهمية أن يدرك الجميع أن القضايا السياسية في العالمين العربي والأفريقي عديدة ومتشعبة وأن الدخول في بحثها ومحاولة الوصول إلى قرارات بشأنها في هذا المؤتمر أمر سيخل بالقدرة على التركيز في القضايا الاقتصادية والعمل المشترك لمعالجة هذه القضايا. قروض كويتية للدول الأفريقية بمليار دولار على خمس سنوات وشدد على أن التنمية المستدامة هي استغلال ما حبا الله به الدول العربية والأفريقية من نعم وثروات استغلالاً مثاليًا لا تبذير فيه، وقال سموه إن الكويت أدركت الأهمية الإستراتيجية للمجموعة العربية والأفريقية منذ زمن بعيد مما دعاها إلى تعزيز الشراكة فيما بينهما حيث نشرت بعثاتها الدبلوماسية في أرجاء القارة الأفريقية ونشط الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية في مشاريع تعزز التنمية في دول القارة الأفريقية. وأضاف: "يسرني في هذا الصدد أن أبلغكم بأني قد وجهت المسؤولين في الصندوق بتقديم قروض ميسرة للدول الأفريقية بمبلغ مليار دولار على مدى السنوات الخمس القادمة". الزياني: القمة تعطي العلاقة بين المنطقتين بعدًا جديدًا وانطلاقة واعدة وشدد أمير الكويت على أهمية السعي وبكل جهد ممكن للعمل على أن تكون القارة الأفريقية مكونًا رئيسيًا ضمن منظومة اقتصاديات الدول الواعدة في العالم، مبينًا أن ذلك لن يتحقق إلا من خلال البيئة الاستثمارية الصالحة التي تساعد على تدفق الاستثمارات الأجنبية للدول الأفريقية. وأعرب الشيخ صباح عن دعمه لترشيح دولة الإمارات في سعيها إلى تنظيم معرض إكسبو الدولي 2020م، مشددًا على أن الإمارات تتمتع بقدرات كبيرة وخبرة عريقة في مجال الاقتصاد والاستثمار. وفيما يتصل بالشأن السوري، قال أمير الكويت إنه لأمر ملح ومؤلم لابد من التطرق إليه وهو الأوضاع المأساوية في سوريا حيث لا زالت آلة الفتك في سوريا تودي بحياة أبناء الشعب السوري ويزداد أعداد القتلى يوميًا وتتضاعف مظاهر الدمار لأوجه الحياة هناك. العربي: «شركاء في التنمية والاستثمار» تعبر عن إرادة مشتركة لتحقيق التقارب وبيّن أن الاحصائيات المروعة والتقارير المخيفة تؤكد أن تلك الكارثة قد حصدت ما يزيد عن مئة ألف قتيل من الأشقاء في سوريا وملايين اللاجئين والنازحين في الداخل والخارج وأن ذلك يشكل عبئًا كبيرًا على الدول التي يفد إليها اللاجئون والوكالات التي تعني بشئون النازحين مما يضعنا أمام مسئولية تاريخية وأخلاقية وإنسانية. وخاطب سموه مجلس الأمن الدولي بصفته الجهة المناط فيها حفظ الأمن والسلم الدوليين وقال إن المجلس مطالب بأن يتحد في ظل هذه الظروف وأن يضطلع بمسؤولياته ويتفق على خطة لوقف الإقتتال لحقن دماء الأشقاء والحفاظ على ما تبقى من وطنهم لاسيما وأن مؤتمر (جنيف 2) يعد فرصة تاريخية ندعو من هذا المنبر الأطراف المشاركة فيه كافة إلى العمل الصادق والمخلص للوصول إلى حل سياسي واضعين نصب أعينهم الكارثة الإنسانية للشعب السوري ودمار بلادهم ناهيك عن التداعيات الخطيرة لتلك الأحداث على الأمن والسلم في المنطقة والعالم كافة. واختتم الشيخ صباح كلمته بالتأكيد أن تحقيق التنمية يتطلب وضع برامج وأهداف محددة وأن الوصول إلى التكامل بين الدول العربية والأفريقية لن يتحقق دون استقرار في المنطقة وبالتالي التفرغ في إعداد خطط التكامل ومتابعة تنفيذها دون عوائق. وقال إن الاستقرار الذي ننشده في المنطقة لن يتحقق في ظل استمرار تعنت وصلف إسرائيل وعدم تنفيذها لقرارات الشرعية الدولية وإصرارها على التوسع في بناء المستوطنات، مطالبًا المجتمع الدولي ولاسيما مجلس الأمن واللجنة الرباعية الدولية بالضغط على إسرائيل لحملها على تطبيق قرارات الشرعية الدولية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة وفق القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية. لقطة جماعية للزعماء والرؤساء ورؤساء الوفود المشاركة (ا ف ب) وقال الرئيس الغابوني علي بونجو اودينبا من جانبه إن القمة التي تستضيفها الكويت حالياً تنعقد ضمن سياق تحولات وظروف دقيقة وتغيرات اجتماعية وسياسية في المنطقتين العربية الإفريقية. وأكد اودينبا خلال كلمته على ضرورة بذل المزيد من الجهود لعودة الاستقرار والأمان لأنهما ضروريان للتنمية الاقتصادية مبينًا أن المنطقتين العربية والإفريقية معرضتان للصراعات المسلحة والإرهاب الدولي والإجرام العابر للحدود المنظم والقرصنة. وأوضح أن محاربة ومواجهة تلك الصراعات والإرهاب والإجرام تتطلب العمل على استئصالها في موازاة تحقيق التنمية لأنه لا تنمية من دون سلم ولا سلم دائمًا من دون تنمية. وأكدت رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي انكوزانا دلاميني زوما من جهتها التزام إفريقيا ببذل ما في وسعها لتطبيق قرارات القمة العربية الإفريقية الثالثة ودعم التعاون مع الشركاء العرب من أجل تحقيق طموحات شعوب المنطقتين بالتعاون مع جامعة الدول العربية. وأعربت زوما في كلمتها خلال افتتاح القمة عن تقديرها للمبادرات التي أطلقها الشيخ صباح في القمة من أجل دعم العلاقات طويلة الأمد بين إفريقيا والعالم العربي. جانب من اجتماع القمة العربية - الأفريقية بالكويت (ا ف ب) وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي من ناحيته عن تقديره لمبادرة الشيخ صباح بشأن تقديم قروض ميسرة بقيمة مليار دولار لأفريقيا مؤكدًا أن هذه المبادرة تجسد شعار القمة العربية الأفريقية الثالثة "شركاء في التنمية والاستثمار". وقال إنه يعبر عن إرادة مشتركة حريصة على تحقيق التقارب بين شعوب المنطقتين اقتصاديًا وتاريخيًا وترجمتها إلى برامج تعود بالنفع الملموس على الشعوب. وأوضح أن تحديات اليوم تتطلب من الدول العربية والإفريقية مشاركة أكبر بين الدول العربية والأفريقية. وقال العربي إن هناك تحولات سياسية وأمنية أثرت على دولنا وعلى مستوى متابعة برامج التعاون المشترك المطروحة على القمة وفي مقدمتها الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة. وفيما يتعلق بالشأن السوري أكد أن الجهود التي لا تزال متواصلة لعقد مؤتمر "جنيف 2" في أقرب وقت ممكن لوقف شلالات الدم والدمار في سوريا وعودة سوريا إلى دوره المعروف إقليميًا ودوليًا. وقال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني من جانبه إن القمة العربية الإفريقية الثالثة تأتي لتعطي العلاقة بين المنطقتين بعدًا جديدًا وانطلاقة واعدة نحو مستقبل أكثر أملاً وإشراقًاً. وأوضح الزياني في كلمته أن انعقاد القمة يجسد العلاقات التاريخية الراسخة التي تربط بين دول المنطقتين فيما يجمع بينهما من صلات ثقافية واجتماعية وقرب جغرافي يمثل أساسًا صلبًا لقيام شراكة قوية وتعاون بناء يعود بالنفع والخير على شعوبنا. وأضاف أن بناء علاقة شراكة استراتيجية في التنمية والاستثمار بين الدول العربية والإفريقية سيعود بلا شك بالنفع على هذه الدول وشعوبها. من ناحتيه قال وزير الشؤون المدنية رئيس الوفد الصيني إلى القمة العربية الإفريقية لي لي قوه في كلمته إن القمة تعكس الرغبة المشتركة للدول النامية بما فيها العربية والإفريقية في تحقيق التنمية. وأعرب قوه عن ثقته بأن هذه الدول ماضية في ذلك قدمًا إلى الأمام مؤكدًا أهمية هذه القمة خصوصًا لناحية تعزيز مفهومي التنمية والسلام بوصف أن لا تنمية دون سلام والعكس صحيح. ولفت رئيس الوفد الصيني الانتباه إلى التوجه المهم للسياسة الخارجية الصينية في الحرص على دفع التعاون والشراكة الاستراتيجية الجديدة نحو تحقيق مزيد من التطور. وأعرب ممثل رئيس وزراء بريطانيا إلى القمة العربية الإفريقية ألن دنكن بدوره عن ثقته بأن تتوج القمة بشراكة جديدة بين المنطقتين العربية والإفريقية وبريطانيا. وقال دنكن في كلمته إن القمة فرصة لمناقشة التنمية التي تشغل الجميع مستعرضًا ريادة بريطانيا في مجال التنمية وحقوق الإنسان. ودعا ممثل رئيس وزراء بريطانيا إلى الاستعداد لمؤتمر المانحين الثاني الذي تستضيفه الكويت مطلع العام المقبل من أجل مساعدة السوريين الذي يمرون بظروف صعبة. وأعرب رئيس البرلمان العربي أحمد الجروان بدوره عن تطلعه بأن تحقق القمة العربية الإفريقية تعزيز العلاقات البرلمانية العربية الإفريقية لما لها من دور فاعل في ترسيخ البعد الشعبي في مسيرة العمل المشترك. وقال إن القمة تنعقد في ظل تحديات وتطورات إقليمية وعالمية بالغة الدقة والأهمية تتطلب العمل على تعزيز التعاون العربي الإفريقي بما يحقق لشعوب المنطقتين التقدم والازدهار في جميع المجالات. بعد ذلك رفع الشيخ صباح الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الإفريقية الثالثة التي تستضيفها الكويت على مدى يومين. ومن المقرر أن يعقد القادة جلسة مغلقة لبحث الملفات والمشاريع التي رفعها المجلس الوزاري المشترك للقمة العربية الإفريقية.