يعد "العقاب الإلكتروني" أحدث الوسائل في تطبيق النظام بكل صرامة دون استثناء أحد، شريطة أن يكون هناك ثقة في التعامل مع المستفيد، ومن أبرز الميزات التي يتمتع بها "العقاب الإلكتروني" أن التعامل هنا يكون مع النظام مباشرة دون تدخل بشري؛ مما يزيد من تقبل الجمهور له، خاصة إذا سلَّمنا بخلوِّه من المحسوبيات والواسطات على الأقل ظاهرياً. ومع ذلك فإننا لا نستطيع الجزم بخلوِّه من التدخل البشري فالنظام الإلكتروني بشكل عام عبارة عن مُدخلات قابله للتغير والتعديل والحذف والإضافة، الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام عن إمكانية دخول الواسطة والمحسوبيات من جديد على خط التعاملات الإلكترونية والعقاب الإلكتروني تحديداً، ومن هنا فإننا نتساءل –والحال كذلك- عن ماهية المعايير الرقابية التي تطبق في هذا الجانب؟، وكيف يمكن للمستفيد أن يتأكد من ذلك؟. زيادة الوعي وأوضح "عبدالحكيم العمار" -رجل أعمال- أن العقاب الإلكتروني يعد أفضل وسيلة حديثة للتخلص من العقاب التقليدي، مشيراً إلى أن العقاب التقليدي يعتمد على الورق والخطابات وتدخل فيه الواسطة والمحسوبيات، موضحاً أن الخطوات التي اعتمدتها بعض الجهات الحكومية في عقوباتها بحق بعض منشآت القطاع الخاص مؤخراً كان له الأثر الايجابي في تصحيح أوضاعها المخالفة، لافتاً إلى أن تعميم العقاب الإلكتروني على جميع المؤسسات والجهات الحكومية سيكون له الأثر الإيجابي في تحسين الخدمات والقضاء على الواسطة، مؤكداً على أن زيادة الوعي لدى المتلقيّ تكون أهم من العقوبة في كثير من الأحيان. مخالفات مرورية وأشار "محمد العبدالله" إلى أن النظام الجديد لسداد المخالفات المرورية يرفض قبول السداد المالي ما لم يكن مصحوباً بإشعار يثبت إيقاف السائق (24) ساعة في إدارة المرور التي أصدرت المخالفة، مستشهداً في ذلك بمراجعته للمرور مؤخراً لتجديد رخصة القيادة التابعة له، مضيفاً أنه تم إشعاره أن النظام المسجل على الكمبيوتر يرفض التجديد ما لم يسدد مخالفة ارتكبها سابقاً وهي قطع الإشارة الضوئية، على أن يكون تم إيقافه نظير ما ارتكبه من مخالفة، مؤكداً على أنه حاول جاهداً إسقاط هذه العقوبة عبر عدد من معارفه دون جدوى، الأمر الذي جعله يسدد المخالفة مرغماً وينهي كافة الإجراءات المترتبة على ذلك، ومن ثم أُصدرت له رخصته الجديدة. مردود إيجابي وبيَّن "إبراهيم الشهري" -خبير في التعاملات الإلكترونية- أن المردود الايجابي للعقاب الإلكتروني يعود على سلوك كل من المراجع والموظف في احترام النظام؛ مضيفاً أن التعاملات الالكترونية كفيلة بتنظيم وقت كل من الطرفين، إلى جانب أنها تحفظ حقوق كل شخص دون تداخلات بشرية قد تؤثر على سير المعاملات والإجراءات، مشيراً إلى أن "وزارة التجارة" بدأت في التعاملات الالكترونية الشاملة سواء في إنهاء الإجراءات أو معرفة المخالفات أو حتى وضع الشخص على النظام الإلكتروني بناءً على وجود مانع من الإفادة من الخدمات أو عدمه. يتحقق النجاح بفرض رقابة صارمة على مشغلي الأنظمة ومنع التدخل البشري نظام رادع وأضاف "الشهري" أن إيجابيات العقاب الإلكتروني كثيرة جداً مقارنة بالسلبيات، حيث أن تطبيق العقاب والنظام الصحيح إلكترونياً سيقضي نهائياً على المحسوبيات إذا وضع نظام رادع لا يمكن التلاعب به، على أن تظهر نتائجه مباشرة لدى المسؤولين عن هذا النظام، مشيراً إلى أن السلبيات توضع حلولها في النظام بشرط التقييم المستمر للنظام وترقيته، فمثلاً في "البنوك" إذا كان النظام لا يستجيب في معاملة ما لعقوبة أو غيرها فإن النظام يحيل العميل إلى صاحب الصلاحية مثل توقيع (أ) أو توقيع (ب)، موضحاً أن ذلك يتم إلكترونياً. ولفت إلى أن المخالفات والعقوبات والمعاملات التي تُنجز في "المملكة" يمكنها التحول مباشرة إلى نظام الكتروني، مضيفاً أن احصاءات استخدام الحاسب والأجهزة الذكية في "المملكة" ليست بالشكل المأمول مقارنة بالدول التي لا تمتلك أبسط المقومات التي تمتلكها "المملكة"، ومع ذلك فإنها نجحت في هذا المجال، مبيناً أنه يوجد في كل منزل على الأقل ثلاثة أجهزة حاسب، إلى جانب الهواتف الذكية التي من الممكن أن تغنينا عن المحسوبيات والبيروقراطية، ناهيك عن أن الثقة تزداد لدى المواطن في كل ما هو إلكتروني. بوابة وطنية وأكد "عبدالله رضوان" -محلل اقتصادي- إلى أن مسألة التثقيف والتوعية يشوبها الكثير من القصور على الرغم من أهميتها في ظل التوجه الكبير لمعظم القطاعات الحكومية لتطبيق جميع تعاملاتها إلكترونياً، داعياً إلى وجود بوابة وطنية حكومية واحدة تُمكن المواطن أو المقيم من إنهاء كافة تعاملاته عن طريقها، على أن يتم تثقيفهم وإرشادهم بطريقة التعامل معها، مشيراً إلى أن النظام الآلي بشكل عام ومن ذلك العقاب الإلكتروني يحتاج إلى وعي من كافة المستخدمين سواءً المستفيد أو الجهة الحكومية المُطبقة للنظام، لافتاً إلى أن العقاب الإلكتروني يزيد من هيبة النظام. وأضاف أن الجزاء أو الغرامة عندما تُطبق من خلال التعاملات الإلكترونية التفاعلية فإنها تصبح أكثر دقة وفائدة، خصوصاً عند تحويل الشركات والمؤسسات التجارية أنظمتها الداخلية لتكون متوافقة مع تلك الأنظمة التي تطبقها الجهات الحكومية الخدمية. كوادر بشرية وتساءل "د. جاسم الرميحي" عن إمكانية نجاح وسرعة تطبيق العقاب الإلكتروني في مجتمع ظل طيلة ال (30) عاماً الماضية يُنهي جميع تعاملاته الحكومية بطريقة يدوية، مشيراً إلى عدم إمكانية نجاح تطبيق العقاب الإلكتروني طالما أن الجانب التوعوي يكاد يكون معدوماً ولا يذكر، مبيناً أن القائمين على الأنظمة الإلكترونية هم في نهاية الأمر كوادر بشرية، وبالتالي لا يمكن القول إنها ستقضي على المحسوبيات بهذه السهولة، مطالباً في الوقت نفسه بفرض رقابة صارمة وشديدة على القائمين والعاملين على الأنظمة الإلكترونية إذا أردنا أن نجني ثمار هذه التطبيقات الإلكترونية. قضاء على الفساد وقال "د. محمد بن سعيد القحطاني" -عميد تقنية المعلومات والتعليم عن بعد بجامعة سلمان بن عبدالعزيز-:"سعت العديد من دول العالم خلال السنوات الأخيرة إلى الانفتاح والشفافية مع مواطنيها في الكثير من الشؤون والأعمال والتعاملات اليومية"، مضيفاً أن تقنية المعلومات والتعاملات الالكترونية تعد في نظر الكثيرين الأفضل للوصول إلى الشفافية مع التعاملات، مؤكداً على أنها تعلب دوراً محورياً وهاماً في القضاء على الفساد، إلى جانب سرعة ودقة التعاملات وتبادل المعلومات. وأضاف أن القضاء على الفساد يتحقق في اتجاهين أو جانبين، أحدهما القضاء على التجاوزات التي قد تأتي من المتنفذين أو الإخفاقات التي قد تأتي من الموظفين في جانب القطاع الحكومي، والآخر المحسوبيات التي قد يستفيد منها القطاع الخاص أو الأفراد، موضحاً أن اللوائح والتشريعات التي تنسج في نظام إلكتروني محكم ستساهم بشكلٍ كبير في الحد من التجاوزات والمحسوبيات فضلا عن الإخفاقات التي قد تحصل بإهمال أو تقاعس بشري. برنامج يسر وبيَّن "د. القحطاني" أن معظم القطاعات الحكومية تحتاج إلى بناء أنظمتها وخدماتها إلكترونياً؛ للوصول إلى هذا الهدف السامي، مضيفاً أن الكثير منها نجحت في هذا بفضل الله -سبحانه وتعالى- أولاً ثم بفضل التوجهات الحقيقية لدى حكومة خادم الحرمين الشريفين في تحفيز وتمكين وتمويل كافة القطاعات الحكومية لتتحول إلكترونياً بالكامل عبر برنامج "يسر"، إلى جانب جهود المخلصين العاملين في هذه القطاعات، متسائلاً، هل وجود الخدمات الحكومية الالكترونية كافٍ للقضاء على فساد التجاوزات والمحسوبيات؟، وقال:"أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال قد نجدها لدى الجهات الرقابية، خاصة الخارجية منها، مثل ديوان المراقبة العامة وهيئة مكافحة الفساد". وأشار إلى أن دور هذه الجهات يجب أن يكون مراقبة بناء هذه الأنظمة والخدمات الالكترونية ومدى التزام ذلك البناء باللوائح والتشريعات والإجراءات ذات العلاقة، مضيفاً أن الأهم من ذلك هو مدى دقة المعلومات والتقارير التي يمكنهما الحصول عليها مباشرة من هذه الأنظمة والخدمات؛ للحكم على الجهة ومدى التزامها بالتعليمات والأنظمة، ومن هنا يمكننا التساؤل هل هناك شفافية وانفتاح بين القطاعات الحكومية ذاتها قبل أن يكون ذلك مع المواطن أو المقيم أو القطاع الخاص؟. حوكمة الأنظمة ولفت "د. القحطاني" إلى أن ما يتعلق بدقة مخرجات هذه الأنظمة سواء التسهيلات أو العقوبات الالكترونية يعتمد في الأصل على حوكمة بناء هذه الأنظمة وفعالية الأجهزة الرقابية الداخلية والخارجية عليها دون تشكيك في أحد ودون تعطيل في إطلاق ما يحتاجه الوطن والمواطن، مشيراً إلى أن فاعلية الأجهزة الرقابية مهم جداً بيد أن فاعلية المواطن في مراقبة أداء القطاعات الحكومية يلعب أدواراً مهمة في معركة الفساد باستخدام تقنية المعلومات والتعاملات الالكترونية، موضحاً أن السبب في ذلك يعود إلى أن الفساد أصبح قضية اقتصادية تؤثر في حياته، إلى جانب أن لديه المعلومات التي قد تفضح بعض الممارسات والتجاوزات والمحسوبيات، وبالتالي ينبغي عليه أن يقدمها للجهات الرقابية؛ ليكون مُعيناً لها في مساعدته وحفظ حقوقه وحقوق أبنائه ومستقبلهم بمنعها والحد منها. ربط المخالفة برقم الهوية ساعد كثيرا على الحد من التجاوزات عبدالحكيم العمار إبراهيم الشهري عبدالله رضوان د. جاسم الرميحي د. محمد القحطاني