لا يخلو أي مشهد من المشاهد التي عرضت ولا تزال تعرض على أغلب أو على كافة وسائل الإعلام المختلفة والقنوات الفضائية المتعدّدة من حضور وظهور، لمشهد مؤلم مؤرق، ومحزن مبكٍ، لطفل من أطفالنا في سورية الجريحة والمغدورة، والتي، وللأسف، لا تزال مشاهد القتل والدّمار وإزهاق الأرواح البريئة فيها مستمرّة ومتواصلة، ليلاً ونهارا، صباحاً ومساء، وعلى مرأى ومشهد ومسمع من جميع دول العالم، بلا ضمير حيّ، وبلا إحساس صادق، إلا من شاء الله من بعض الدول الصادقة، والتي بذلت ولا زالت، تبذل الغالي والنّفيس من أجل إيقاف مسلسل القتل الوحشيّ، والدمار الهمجيّ المروّع، من النظام الظالم الحاكم وأتباعه القتلة، والمرتزقة، والذين يتم أزّهم أزّاً من قِبل شياطينهم ومِللهم المفسدين في الأرض، والذين تسبّبوا في حِرمان أكثر من مليونيّ طِفل سوريّ تتراوح أعمارهم ما بين السادسة والخامسة عشرة، من العيش بسلام، ونيل حقوقهم الطفولية المعروفة ومن التعلّم والدراسة، واكتساب العلم والمعرفة في مستهلّ حياتهم، ومقتبل عمرهم، ليصبح جيلهم "الجيل الضائع" والذي حذّرت منه الكثير من المؤسسات والمنظمات الدولية المعنيّة برعاية الطفولة وحمايتها، ولكن وعلى الرّغم من جميع أنواع الجهود المبذولة والمساعي الحثيثة والمتعددة من أجل توفير التعليم وتأمين الدراسة غير المنقطعة لأولئك الأطفال المحرومين بلا ذنب ولا خطأ، ولكن للأسف بقيت هذه المشكلة واحدة من المشاكل البارزة على الساحة السورية، نظراً لقلّة العطاء وشح التمويل، ولكثرة أعداد الأطفال، والذين هم في سن التعليم، حيث تمثل نسبتهم أكثر من نصف عدد اللاجئين السوريين، حسب إحصاءات الأممالمتحدة، وهذا مما ينذر بكارثة إنسانية تعليمية لهؤلاء الأطفال المظلومين ولأسرهم مستقبلاً، حيث إن حرمانهم من التعليم يؤدي بالتالي إلى تقويض نموهم الفكري والعقلي والمعرفي، وبالتالي يؤدي ذلك إلى نشوء جيل غير متعلم، وجاهل، وبالتالي ينعكس ذلك مستقبلاً على الكيفية التي سوف يقومون بها بناء ما تم تدميره خلال تلك الحرب الطاحنة في سورية، والتي أتت على الأخضر واليابس، وعاثت في ثروات البلاد ومقدراتها وبنيتها التحتية، وهذا كله وللأسف، يتم أمام صمت مذهل وعجز مخز من قبل المجتمع الدولي، والمؤسسات الدولية المسؤولة، وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، والذي لم يحرّك ساكناً في هذه القضية منذ بدايتها وحتى هذه اللحظة، حيث شارفت الآن على مرور ثلاث سنوات، والأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي عاجزان عن حل هذه الكارثة الإنسانية والدولية، والتي راح ضحيتها الملايين من الشيوخ والنساء والأطفال، ما بين قتيل وجريح ولاجئ ونازح مشرد، يفتقرون لأبسط حقوق العيش الإنسانية الأساسية والضرورية، من مياه الشرب والأكل واللبس والصحة والتعليم والمأوى المناسب، هذا بالإضافة إلى الانتهاكات اليومية الصارخة لحقوق الطفل، مما جعلهم الفئة الأكثر معاناة وتعرضاً لآثار تلك الحرب المدمّرة، لذلك فإنه لابد من إيجاد حلّ سريع وعاجل من جميع الهيئات والمنظمات واللجان الدولية، من أجل توفير الحماية الشاملة اللازمة والضرورية لأولئك الأطفال، والإسهام في مساعدتهم، ووضع حد لتلك الانتهاكات الممارسة ضدهم من قبل قوات النظام ومن معه ومن يسانده في الداخل والخارج، ويجب على صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة(اليونيسيف) الإسراع في توجيه مساعداته في توفير الطعام والمأوى والدواء لأولئك الأطفال الذين يتضورون جوعاً ويعانون آلآماً بشكل يومي، ومساعدتهم على استيفاء حاجاتهم الأساسية والأولية وحماية حقوقهم والضغط على المجتمع الدولي لاستصدار قرارات عاجلة تسمح بوصول المساعدات الضرورية للأطفال المتواجدين في داخل سورية، والذين يعانون الأمرّين، شتاء قارس وحربٌ ضروس، وليس لهم من ناصر أو معين إلاّ الله. ختاماً أقول: يجب على الهيئات والمنظمات الدولية المعنية والمسؤولة عن حماية المدنيين وحقوق الطفل، يجب عليها الإسراع وبشكل عاجل وفوري في التدخل لحماية أولئك الأطفال ومساعدتهم في الحصول على أبسط الحقوق الأساسية والضرورية من توفير الطعام والمأوى والدواء داخل العمق السوري المكتوي بنيران جيش النظام الظالم وأتباعه، ومحاولة إنقاذهم وإسعافهم وإمدادهم بما يحتاجونه قبل فوات الأوان وضياع حياتهم ومستقبلهم.