دعا سفير سورية لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري إلى وقف التلاعب والمتاجرة بمصير سورية ودماء أبنائها، وقال إن الأزمة في بلاده كشفت عيوباً خطيرة في منظومة العلاقات الدولية، وازدواجية في المعايير غير مسبوقة ونفاقاً سياسياً فاضحاً في التعامل مع الأزمة. وقال الجعفري في جلسة لمجلس الأمن إن الأزمة السورية كشفت عيوباً خطيرة في منظومة العلاقات الدولية، وكذلك في آليات تطبيق مبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق، حيث يتم التعامل مع كل التحديات والمخاطر التي تواجهها سورية "بازدواجية في المعايير لا سابق لها"، وبنوع من "النفاق السياسي الفاضح". وتحدث عن "الإرهاب الأعمى" الذي يضرب البلاد ويجد مناصرين متحمسين له، يعملون على شرعنته إعلامياً وسياسياً ودبلوماسياً، كمن يعترفون به كجزء من الحراك في البلاد، في الوقت الذين يحاربونه في جزء آخر من العالم مثل مالي ومنطقة الساحل الأفريقي. وأضاف "نقول اليوم إنه لا يوجد بعد اليوم عذر لأي حكومة غربية يبرر تجاهلها لعبور إرهابيين من مواطنيها الحدود الدولية وصولا إلى سورية للإمعان في سفك الدم السورية. لن يغفر الشعب السوري بعد اليوم تسهيل تنقل آلاف الإرهابيين والجهاديين الأوروبيين والغربيين، برعاية أجهزة استخبارات معروفة عبر حدود العشرات من الدول من أستراليا إلى الولاياتالمتحدة وصولا إلى الحدود التركية واللبنانية والأردنية مع سورية". واشار إلى انه يتم إيواء هؤلاء في معسكرات تدريب ليدخلوا بعدها سورية "ويعيثوا فيها فسادا ودمارا وتخريبا ويسفكوا الدماء البريئة فيها. ناهيك عن شراكة إسرائيل مع المجموعات الإرهابية السلفية التكفيرية والسماح لمسلحي هذه المجموعات بعبور خط الفصل في الجولان المحتل لا بل وعلاج جرحاهم في المشافي الإسرائيلية". وأشار الجعفري إلى الحصار الاقتصادي الذي يخنق مقدرات البلاد وينال من الظروف المعيشية لشعبها في الوقت الذي يناقش فيه الاتحاد الأوروبي شراء النفط السوري من "مجموعات الإرهاب التي سطت على بعض من آبار النفط". وأكد السفير السوري أن بلاده لن تسمح بتمرير سايكس- بيكو ثانية على حساب شعوب المنطقة، وستكون الحلقة الأقوى التي ستواجه كل محاولة لفرض أي واقع جديد غريب عن المنطقة وعن شعوبها التي عاشت وتناغمت وتآلفت مع بعضها البعض على مدى قرون من الزمن. وقال "أود أن أقول كفى كفى. بعد عامين من المتاجرة بمصير سورية ودماء أبنائها، يجب العمل بشكل جدي على مساعدة بلادي شعبا وحكومة للمضي قدما في طريق الحل السياسي الذي أقرته الأممالمتحدة بقراريها 2042 و2043 لعام 2012، والذي أقره أيضا بيان جنيف". واشار إلى أن هذا الحل السياسي تصر الحكومة السورية على تطبيقه من خلال حوار وطني شامل، بقيادة سورية يكون فيه جميع أبناء سورية ممثلين، وصوتهم مسموعا داخليا وإقليميا ودوليا، "صوتهم الذي سيقول للعالم أجمع، كفى كفى كفى تلاعباً بوطن لم يمد أبناؤه في حياتهم إلا يد الخير والمحبة لجميع مواطني العالم". وكانت منسقة الأممالمتحدة للإغاثة الطارئة فاليري آموس، قالت اليوم في الجلسة، إن الوضع في سورية يعد كارثة إنسانية وإن المدنيين يدفعون ثمن الفشل في إنهاء الأزمة، وذكرت أن ما يزيد عن 6 ملايين و5 مائة ألف سوري بحاجة للمساعدات. واضافت أن "تدمير البنية التحتية الأساسية بما فيها المدارس والمستشفيات وتراجع قيمة العملة وارتفاع أسعار الغذاء ونقص الوقود والكهرباء وعدم توفر المياه أثر على غالبية السوريين. إن الاحتياجات تتزايد بشكل سريع وتشتد حدتها في مناطق الصراع وتلك التي تسيطر عليها المعارضة". وذكرت أن أطراف الصراع تتجاهل بشكل كامل آثار الحرب على حياة الناس، فيما لم يتمكن مجلس الأمن من الوصول إلى الإجماع الضروري لدعم التوصل إلى حل سياسي للأزمة. وقالت إن الأرقام تفيد بأن ستة ملايين وثمانمائة ألف شخص بحاجة إلى المساعدات، وبأن نحو أربعة ملايين ومائتي ألف شردوا من ديارهم فيما لجأ مليون وثلاثمائة ألف إلى الدول المجاورة. وتطرقت إلى الصعوبات على الأرض أمام توصيل المساعدات للمحتاجين في سورية، مشيرة إلى موافقة الحكومة السورية من قبل على السماح بالوصول الإنساني إلى جميع المناطق والإسراع بالإجراءات الإدارية. وقالت "يؤسفني أن أبلغ المجلس أنه منذ زيارتي لسورية في يناير/ كانون الثاني تزايدت العقبات البيروقراطية لتقوض قدرتنا على الاستجابة. ما زلنا بانتظار إصدار 21 تأشيرة دخول ينظر في الكثير منها منذ أكثر من شهرين". وأضافت أن تسيير القوافل الإنسانية يتطلب تقديم إشعار مسبق قبل 72 ساعة من موعد القافلة، كما تقلصت قائمة منظمات المجتمع المدني المسموح لها بالعمل في سورية من 110 منظمات إلى 29. وقالت آموس إن الوضع يقترب من نقطة اللاعودة، مشددة على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي وبخاصة أعضاء مجلس الأمن معا بشكل عاجل من أجل دعم الشعب السوري. وأكدت على ضرورة أن يجد المجلس السبل الكفيلة بخفض مستويات العنف ووقف سفك الدماء، وتذكير الأطراف بالتزاماتها تجاه حماية المدنيين، ومطالبة الأطراف بضمان الوصول الإنساني بدون إعاقات للمحتاجين بجميع المناطق في سورية. وتحدث في الجلسة عدد من كبار مسؤولي الأممالمتحدة منهم المفوض السامي لشؤون اللاجئين والممثلة الخاصة المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة عن تأثير التطورات في سورية على المدنيين.