«رجال أعمال يطلقون قناة فضائية (اقتصادية) من دبي تهتم بتداول الأسهم والسوق المحلي» . هذا هو عنوان الخبر الاقتصادي الذي نشرته جريدة (الرياض) الأسبوع الماضي. والخبر وإن كان يبدو طبيعياً بالنسبة لدبي فإنه في الواقع لا يبدو كذلك بالنسبة لنا هنا في المملكة . فتفاصيل الخبر تفيد أن التركيز سيكون على سوقنا المحلي وأن اختيار دبي جاء «بعد محاولات فاشلة مع وزارة الثقافة والإعلام بالمملكة لاحتضان هذه القناة الخاصة » . إذاً الخبر ليس كغيره من الأخبار فمؤسسو القناة « 20 رجل أعمال أغلبهم من أعضاء الغرف التجارية الصناعية بالمملكة» ، وتركيز القناة سيكون على » الاقتصاد السعودي وتداولات الأسهم المحلية بشكل خاص والاقتصاد الخليجي والعربي بشكل عام» . وبالتالي فإن السؤال الذي ينبغي أن يطرح نفسه هو لماذا تستضيف وترحب دبي بهذه القناة ، بينما نرفضها ونرفض معها «القيمة المضافة» لاقتصادنا ؟ هل السبب رجال الأعمال ؟ أم الأجهزة الحكومية ذات العلاقة ؟ إن المسألة ليست أموالاً تستثمر أو قناة تؤسس ، فالأموال كثيرة والقنوات عديدة . لكن استضافة دبي لهذه القناة يعني في الواقع فرص وطنية - وليست تجارية - يفقدها البلد ويفقد معها استثمارات تابعة لا تقل أهمية عن القناة نفسها . فالأعلام أصبح صناعة وتجارة رائجة تفتح فرصاً وظيفية وأعمالاً مساندة يتعدى نفعها إلى الاقتصاد الكلي للبلد. إضافة إلى ذلك فإن المتابع للقنوات الاقتصادية العربية يدرك تماماً أن تغطيتها تنصب بالدرجة الأولى على السوق السعودي ، كما أن غالبية محللي تلك القنوات والمشاركين فيها هم من أبناء هذا البلد. فهل القضية قضية مقر رئيسي أو فروع . لا شك أن القضية أكبر من ذلك فبلادنا - ولله الحمد - تعتبر منطقة جذب استثماري من الناحية الاقتصادية ومن الناحية الديموغرافية ، فلماذا نمنح غيرنا فرصة الحديث عن اقتصادنا بينما نحن قادرون بكل ثقة على توضيح وجهة نظرنا فنحن كما يقال أعلم «بشعابنا» . إن ما نسمعه عن جذب الاستثمارات الأجنبية يتنافى تماماً مع هروب مثل هذه الاستثمارات الوطنية ويؤكد في نفس الوقت أن كثيرا من المشاكل الاقتصادية لا تحتاج إلى أموال لإصلاحها ، وإنما تحتاج إلى إدارة تتلمس المشاكل قبل حدوثها، ومن ثم تضع الخطط المناسبة لتفاديها . ومع ذلك فإن قرار عدم استضافة هذه القناة أصبح تاريخاً ينبغي ألا نتباكى على أطلاله أو على شاشاته، ولكننا ينبغي في نفس الوقت أن ندرسه ونراجعه حتى لا نكرر الأخطاء ونفقد استثمارات الأبناء كما فقدنا استثمارات الآباء. ٭ اكاديمي قسم المحاسبة جامعة الملك سعود