فاجأتنا رابطة دوري المحترفين السعودي عندما رفعت توصيتها إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب برفع أسعار التذاكر بنسبة 100 في المئة إذ سيصبح بمقدور الأندية رفع قيمة التذكرة الواحدة في الدرجتين الأولى والثانية إلى 40 ريالاً بعد أن وافق عدد من أندية دوري "جميل" السعودي للمحترفين على توصية الرابطة، ويُعد القرار مفاجئاً عطفاً على ما تمر به الكرة السعودية خلال الأعوام الأخيرة من انخفاض وتراجع في المستوى أثر بشكل واضح على معدل الحضور الجماهيري للمباريات إذ ما استثنينا عددا من المباريات الكبيرة سواء كانت "الديربي" أو "الكلاسيكو" أو المباريات الحاسمة. الحضور تراجع والبيئة غير مشجعة.. والزيادة تهدد الأندية مستقبلاً متوسط أعمار الجماهير التي تحرص على الحضور في الملاعب لمساندة فرقها لا يتجاوز ال 21 عاماً وهو ما يعني أن الغالبية العظمى منهم من فئة "الطلاب" الذين سيجدون صعوبة في توفير قيمة التذكرة لاسيما وأنهم كانوا يطالبون في وقت سابق بتخفيض قيمتها إلى 15 ريالاً أو عشرة ريالات، حتى المقتدرين من الجماهير لا أعتقد أنهم سيتقبلوا هذا القرار بصدر رحب وقد يلجأوا لمقاطعة المدرجات والاكتفاء بمشاهدة المباريات من خلال شاشات التلفزيون قياساً على بيئة الملاعب السعودية. قضية عزوف الجماهير عن الملاعب والمدرجات أُشبعت طرحاً خلال الفترة الماضية خصوصاً بعد قرار الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بسحب نصف مقعد من السعودية في دوري أبطال آسيا قبل عامين بسبب معدل الحضور الجماهيري، وبالرغم من الحلول التي طُرحت من خلال وسائل الاعلام إلا أن المسؤولين اكتفوا بتحركات خجولة لم تقدهم إلى تحقيق الهدف. عندما تُطرح توصية تتعلق بزيادة أسعار تذاكر المباريات فلابد أن تُقنع الفئة المستهدفة (الجماهير) بتقبل قرار من هذا النوع، بيئة الملاعب السعودية لا تشجع الجماهير على الحضور وسبق لهم أن اشتكوا من ذلك مراراً وتكراراً ومن خلال قنوات عدة بيد أن الحال ظل على ما هو عليه، والخدمات في ملاعبنا لا تليق بحجم المنشآت وإمكاناتها فعلى سبيل المثال دورات المياة حالها غير مقبول من ناحية النظافة وأعدادها لا تتناسب مع عدد مقاعد المدرجات، أيضاً الوجبات المناسبة غير متوفرة وإن توفرت فإن المعروض لا يقارن بالطلب وهو ما يسبب زحاماً شديداً على محلات البيع يجبر الجماهير على الابتعاد والبقاء في مقاعدهم، ليس كذلك فحسب بل أن المشجع لا يزال يشتري تذكرته بالوسيلة القديمة وهي التي تعتمد على حضوره إلى الملعب منذ وقت باكر في المباريات الجماهيرية لا أبالغ إن قلت من قبل صافرة البداية بأكثر من ست ساعات وذلك لحجز مقعده وقد لا يتمكن من ذلك بسبب الإزدحام الشديد، فأين المسؤولين عن البوابات الإلكترونية في ملاعبنا وتفعيل شراء التذاكر عن طريق الشبكة العنكبوتية؟، أليس من الأفضل أن يعملوا بجدية على هكذا قضية بدلاً من تبني وطرح توصيات غير معقولة. حضور المباريات لم يعد يستهوي عشاق الكرة أعلم جيداً بأن الأندية السعودية تعاني مادياً في هذا الموسم بعد انسحاب شركة الاتصالات من سوق الاستثمار الرياضي وإحجام الشركات الأخرى عن الدخول في السوق الرياضي السعودي، وقرار كزيادة قيمة التذاكر ظاهرياً سينعش خزائنهم، لكن برأيي أن هذا القرار قد ينعكس سلبياً ومن شأنه أن يزيد من مشكلة عزوف الجماهير وبالتالي ستفتقد الأندية للأموال التي كانت تأمل فيها إضافة إلى أنها ستحرم فرقها من الدعم الجماهيري. لغة الأرقام عودتنا على أنها لا تكذب وهي الفيصل دائماً، لذلك سنلجأ لها لتحليل معدل الحضور الجماهيري في العامين الأخيرين، في موسم 2011م حضر 796,158 مشجعاً للملاعب السعودية في دوري "زين" بمعدل 4,374 مشجع في كل مباراة، وفي موسم 2012م (الموسم الماضي) تراجع الحضور الجماهيري في دوري "زين" إلى 644,922 بمعدل 3,544 مشجع في كل مباراة، بعد هذا التراجع أليس من الحكمة والمنطق أن تُراجع حساباتك كمسؤول وتسأل عن أسباب هذا التراجع وتعالج المشكلة وتحلها؟، هذا هو المعقول والمنطقي لكن مسؤولي الأندية وبمعاونة رابطة دوري المحترفين فضلوا اللامنطق وضربوا بهذه الأرقام عرض الحائط وطرحوا توصية غير معقولة أبداً ووافقوا عليها جعلتني أشك بأنهم سنة أولى في المسابقات السعودية وبالتحديد في الدوري. تركي الغامدي الموقع الرسمي للاتحاد السعودي لكرة القدم طرح في وقت سابق إستفتاء حول سبب العزوف الجماهيري في المسابقات المحلية وشارك فيه أكثر من 600 مشجعاً، 74.6 في المئة أكدوا بأن ذلك يعود إلى ضعف مستويات الفرق، أما 25.4 في المئة فأشاروا إلى أن ذلك يعود لقلة النجوم، لماذا لا تؤخذ هكذا استفتاءات في عين الاعتبار لا سيما وأنها من أعلى سلطة في كرة القدم السعودية؟!. لا تزال الكرة في ملعب المسؤولين عن رياضتنا سواء في الرئاسة العامة لرعاية الشباب أو في اتحاد القدم كون التوصية لم تُعتمد بعد، وكل ما أتمناه أن تكون هنالك دراسة دقيقة قبل الموافقة على طلب رابطة دوري المحترفين والأندية خصوصاً أن أوضاع دورينا فنياً ليست على ما يرام ففرق عدة ليست في كامل عافيتها ودورياً تكاد المنافسة تنحصر بين فريقين أو ثلاثة وهو ما سيؤثر على تواجد الجماهير.