يختار الباحث غازي بن أحمد الفقيه فترة تاريخية مهمة لمدينة القدس ويقدم خلالها دراسة عميقة تكشف عن تتبعه لما كتب عن القدس في الوثائق والمصادر والارشيفات السياسية ويرصد الصراع الفلسطيني مع اليهود وبداية هجراتهم غير الشرعية. الكتاب جاء بعنوان "تاريخ القدس الشريف.. 1336 – 1368ه" يقول الدكتور محمد على حلة في تقديمه للكتاب: وقد بسط الباحث تلك الفترة الزمنية وعرضها عرضاً واضحاً بل وأسرف على نفسه كثيراً في التمهيد لدراسته، وإن كان كل ذلك في صالح القارئ الذي سوف يجد معلومات جديدة توصل إليها الباحث الفقيه بجهد جهيد، وكلف نفسه فوق طاقتها زمناً ومالاً. ويوضح مؤلف الكتاب اختياره لهذا البحث في مقدمته قائلاً: كان الباعث على اختياري هذا الموضوع دون غيره، تلك المكانة الدينية والتاريخية التي تميز بها القدس الشريف والظروف المحيطة بها في عصرنا الحاضر، ولما تمثله هذه المكانة في نسيج وحدة الوطن العربي والإسلامي المتآكل الذي من البدهي أنه إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، وحريّ بي وأنا العربي المسلم - إن شاء الله - قد اتيحت لي هذه الفرصة العلمية، فقد رأيت أن من واجبي الديني أن أخص القدس الشريف بهذه الدراسة قدر استطاعتي بتقديم المستندات التاريخية التي تثبت الحق العربي الإسلامي في القدس - كل القدس - في الوقت الراهن، وذلك من وجهة نظري، أن الدراسات التاريخية وخاصة فيما له علاقة بالعقيدة يجب أن تكون في المراتب الأولى من اهتماماتنا. الكتاب الذي جاء في قرابة الستمئة صفحة ضمت تسعة فصول كانت موضحة للتفاصيل الدقيقة لتاريخ هذه المدينة وما حدث فيها من هجرات وانتفاضات وثورات ومقاومة المغتصبين للأرض الفلسطينية، وقد استهل الفقيه كتابه بتمهيد قدم فيه نبذة جغرافية وتاريخية عن فلسطين وقدسها الشريف وكذلك عروبتها وهويتها الإسلامية، بعد ذلك استهل أولى الفصول عن الاستيطان اليهودي للقدس حتى قبل عام (1336ه -1917م) وجعله كمدخل للدراسة أما الفصل الثاني فقد كان عن القدس تحت الإدارة العسكرية البريطانية عام (1337ه - 1918م) أبرز فيه أطماع بريطانيا في فلسطين نظراً لموقعها الإستراتيجي وضم الفصل الثالث دور المقاومة الوطنية في القدس على عهد الإدارة العسكرية البريطانية ودور عرب فلسطين تجاه هذه الإدارة وانحيازها لجانب اليهود، وأوضح في الفصل الرابع مدينة القدس في ظل الإدارة المدينة البريطانية حينما وافقت عصبة الأمم على منح بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، وجاء الفصل الخامس مبرزاً مقاومة عرب القدس ضد المخططات الصهيونية على عهد حكومة الانتداب البريطاني حتى ثورة البراق، في حين درس في الفصل السادس مقاومة عرب القدس ضد حكومة الانتداب البريطانية وتحولها إلى مسار المقاومة الوطنية وعن المؤتمر الإسلامي العام الذي انعقد في القدس الشريف، بينما حمل الفصل السابع أحوال القدس العامة على عهد حكومة الانتداب البريطانية وسياسة الاضطهاد التي مارستها حكومة الانتداب ضد الفلسطينيين وانحيازها لصالح اليهود، وتناول الفصل الثامن القدس في الإطار الدولي ذاكراً فيه مؤتمر الصلح الذي أبرم عام (1338ه - 1919م) وتخلي بريطانيا عن قضية فلسطين وإعادة القضية للأمم المتحدة وحوى الفصل الأخير حرب (1368ه - 1948م) وتقسيم القدس وبين فيه ردود الأفعال من الطرفين العربي واليهودي. الباحث الفقيه اعتمد في هذا الكتاب على جمهرة من المصادر والمراجع العربية وغير العربية من كتب نادرة ومخطوطات ووثائق عربية وأجنبية.