مع بَدْء انطلاق حملات تقصي مخالفي أنظمتي الإقامة والعمل ظهر لنا آلاف من المخالفين الذين لم يتجابوا لنداءات التصحيح في رسالة تؤكد بأنهم يعتقدون أن هذه الإجراء مجرد تحذير إعلامي لن ينفذ على أرض الواقع؛ لكون السعوديين لن يستطيعوا الاستغناء عنهم. وتجددت مطالب الآراء غير الصائبة بالتدرج في تصحيح أوضاع المخالفين، متجاهلة الأضرار التي عانت منها البلاد طيلة السنين المنقضية؛ على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية في ظل عدم معالجة جذور الخلل المتفاقم الذي أوصل الحال إلى ما هو عليه الآن. وجاءت أحداث الشغب والتخريب والتعرض للآمنين التي نفذها بعض من مجهولي الهوية من الجنسية الأثيوبية يوم السبت الفارط في حي منفوحة بالرياض اعتراضا على الحملات، لتعطي دلالة واضحة على خطورة التساهل مع هؤلاء من أرباب الجرائم الخفية المتحولة في هذه الواقعة إلى مستوى الجرائم الإرهابية المرئية المتحدية للسلطة الأمنية. وعطفاً على ذلك ينبثق عدة تساؤلات عن المتسترين المسئولين عن إيواء إرهابيي حي منفوحة وأشباههم من المخالفين: لماذا لم يبلغوا الجهات الأمنية عن هؤلاء؟ هل أغرتهم المادة؟ ألا يعلمون بأن تسترهم عن المخالفين يُعد خيانة وطنية؟ وهل سنسمع نبأ عقابهم الفوري لردعهم وجعلهم عظة وعبرة لغيرهم؟ ورغم فداحة وشناعة ما قام به إرهابيو منفوحة، إلاّ أن ذلك أبرز لنا سلوكيات وطنية صالحة تجلت في مساندة أبناء الوطن لرجال الأمن أثناء حادثة منفوحة، لكننا نناشدهم في مسانداتهم القادمة أن يتحلوا دائما بأخلاقياتنا الإسلامية، حتى نُفوت الفرصة على من يريد الاصطياد في الماء العكر، ومن ذلك ما بثته قناة الجزيرة في تقرير يدعي سُوء معاملة رجال أمننا مع المخالفين اليمنيين حين تم القبض عليهم تمهيداً لترحيلهم لبلدانهم. # ماذا لو قررت وزارتا الداخلية والعمل أن تكون هذه الحملة ممارسة دائمة مع تطوير ألياتها لاسيما وأنها الركيزة الأساسية للأمن بمفهومه الشامل، مما يستوجب علينا جميعاً المضي قُدماً في التصحيح وعدم التراجع فمرارة انكشاف المستور خيرٌ من مواصلة الانخداع بتذوق عسل الراحة المسموم.