أزمة ثقة، وشك وريب بدأت تعتري رجال الأعمال في القطاع الخاص جراء تعثر التوطين في مؤسساتهم وشركاتهم المختلفة، فطيلة سنوات التجارب في عملية التوطين، تعثرت تجارب كثيرة في المضي قدماً بالتوطين في تلك المنشآت، وقد كان رجال الأعمال آنذاك يلقون باللوم على الشباب وعدم جديتهم، إلا أن شركات ومؤسسات كبرى عرفت السر، واكتشفت أصل المشكلة مؤخراً، فعالجتها. لم يكن الحل صعباً البتة، ولم يكن معجزة من معجزات علم الإدارة، وإنما كان يتمحور في توطين الرؤوس كما يقال، فقد عمدت شركات ومؤسسات كبرى في السوق السعودي إلى توطين إدارة الموارد البشرية بشكل كامل، بحيث يتعامل سعوديون مع سعوديين في التوظيف والإدارة والمتابعة، مما عزز من نجاح التوطين في تلك المنشآت بشكل لافت. فهد المطيري وفي الوقت الذي يرى فيه متفائلون مبررات هذا النجاح بأنه يكمن في قدرة مدراء الموارد البشرية السعوديين على فهم طبيعة مواطنيهم، والاستحواذ على ثقتهم، يرى متشائمون أن مدراء الموارد البشرية من المقيمين لا يملكون حماساً لنجاح السعودة، ولا يهمهم نجاحها، ويبالغ أولئك المتشائمون في المضي بعيداً إلى حد القول إن المدراء الأجانب قد عملوا جاهدين على إجهاض السعودة في كثير من الشركات وهي لا تزال جنيناً. وما بين الرؤيتين تبقى التجارب الحية التي يعيشها شباب التحقوا بشركات ومؤسسات في القطاع الخاص تحت إدارة مواطنين من مدراء الموارد البشرية شاهد على أهمية عدم تسليم المواطنين لإدارة الأجانب ثم المطالبة بنجاح التوطين. فهد المطيري – مدير تطوير الموارد البشرية بمجموعة الجديعي التجارية – يتفق مع من يقول ان مدراء الموارد البشرية السعوديين هم الأقرب إلى فهم احتياجات الشباب، والقدرة على التقريب بين احتياجات الشركة وإمكانيات الشباب بما يضمن نجاحه في وظيفته، لكنه يشير إلى أن السعوديين لديهم هاجس مؤثر في مسيرتهم العملية في القطاع الخاص، فهم قد يرضون برواتب لا ترقى إلى تطلعاتهم ولكنهم يريدون الاحترام كذلك. ويضيف المطيري: لقد وجدنا من خلال دراسة أكثر من ملف وظيفي لشباب مواطنين تنقلوا بين شركات مختلفة أن السبب في عدم نجاحهم هناك كان بيئة العمل التي تخلوا من الاحترام، والتي تحفل بالضغوط الكبيرة مما يجعلها منفرة لأولئك الموظفين. وشدد فهد المطيري على أن توطين القيادات في إدارة الموارد البشرية تمثل مفتاح النجاح لسعودة الوظائف في القطاع الخاص، مبيناً أن التجارب في القطاع الخاص تؤكد ذلك. وأشار إلى أن السعوديين من مدراء الموارد البشرية الذين تولوا إدارة التوطين في شركات القطاع الخاص قد استطاعوا أن يؤسسوا لعملية توطين ناجحة، وإن واجهتهم بعض المشكلات إلا أنهم استطاعوا أن يتجاوزوها من خلال روح المواطنة، وفهم طبيعة الموظف السعودي، وحرص تلك القيادات على نجاح مسيرة التوطين وإتاحة فرص العمل للمواطنين في البلاد.