«سأمضي مع ثيراني كما في كل صباح أعرف أنها صحراء أعرف.. أعرف» ٭ ليس الصباح كما تصورته.. بشارة حياة جديدة وحفاوة بأحلام أو آمال تصغر كلما كبرت وكانت أكبر مني في طفولتي.. لكأن أرقا طويلاً تبتلعني ليلته منذ البارحة ظل يمد أثره على خيوط الفجر مع ما في صباحي من ضوء.. أكوام صدأ لتقاليد لم أستطع أن أعتاد عليها تبدو مقاومتها بالنسبة لي رهناً للذات المترفعة عن رغباتها في أن لا أكون سوى نفسي وليس هم. في ذروة جدبها وصدمتها المستمرة تستغيث نفسي ولا أرتضي لها اللجج.. إلهامي يتطلب أن أقرأ كتباً أخرى يفيض إزاءها بقصائد جديدة تنقي دمي وروحي من إحباطاتها ولكن كيف والمشهد اليومي ذاته والناس هم والمدينة التي تحرق بوحنا ولقاءاتنا وتتقد كلما تعطشنا لسلامها.. فكيف أتجدد بوجود ما يبعث على التقليد!.. أحياناً يكون المساء بشارة تتخايل ولا تفصح بابتسامها وتنتظر أن تتحسس تحفزي وشوق حفاوتي بها وعندما تشبعني بأسى أعجز معه عن تبين رغباتي وما أطمح إليه تتضخم كآبتي فتبدو ناطحة زجاجية أخشى وقوعها علي فألوذ بذاتي إلى كوب قهوة.. أحبسني في قاعة بعض بُن داكن لا يحتمل قلقي. وأما هذه الوظيفة التي لا أعرف كيف انتسبت إليها لا تنتهي إلى وظيفة غيرها تناسب تجربتي الجديدة، لا ترضى وظيفتي انتسابي إلى سواها مع أنها لا تشبهني.. وكنت أؤكد لها ذلك مراراً ولكنها لا تستمع إلي. عذابنا وجع متنوع يبدأ بالوظيفة التي لا نتمناها، والمكان الذي يضيق بنا، والأسباب التي تتجاهل قدراتنا، والأشخاص الذين نراهم ولا يروننا، فنخون حقيقتنا لنبدو حقيقة أخرى مختلفة لا تعرفنا. ٭ (شعر: إبراهيم الحسين) [email protected]