الألوان هي عبارة عن الموجات الكهرومغناطيسية التي يراها الإنسان في مجال الضوء المرئي. فالسماء تبدو لنا زرقاء والأشجار خضراء والصحراء يغلب عليها اللون الأصفر، أما الليل فيسوده الظلام الدامس. والألوان هي الطيف الرائع الذي يتمتع برؤيته الإنسان فلقد أنعم علينا الخالق العظيم بالقدرة على تمييز الألوان مع نعمة البصر. ويرتبط الإحساس بالألوان بالانطباعات التي تنقلها الأعصاب من العين إلى المخ بشكل مذهل. وهناك عدد من المؤثرات على إحساس العين بالألوان، وأحد أهم هذه المؤثرات هو المسافة. فالسيارة التي يمكن تمييز ألوانها في الطريق، لا يستطيع قائد الطائرة أن يرى ألوانها كما تراها أنت عن قرب. كما أن الأرض المغطاة بالأشجار الخضراء وأنت قريب منها لا يستطيع رائد الفضاء أن يميز خضرتها من سفينة الفضاء. ويعود السبب إلى المسافة الشاسعة بين رائد الفضاء والأرض، مما يجعل من المتعذر أن يميز تفاصيل الأشياء، وخاصة وضوح ألوانها. وعندما ينظر رائد الفضاء إلى الأرض، فإنه يراها كما نرى القمر من سطح الأرض. لكن الألوان التي تحيط بالأشياء في القمر تكون مختلفة تماماً عن تلك التي نميزها على سطح الأرض، والسبب يعود إلى غياب الغلاف الجوي. وعندما هبط رواد الفضاء إلى القمر، كان عليهم الاستعانة بأطالس خاصة للألوان، لأن القمر ليس له غلاف جوي مثل الغلاف الجوي للأرض. ولذلك فقد وضعت في الأطالس جداول توضح اللون الذي يُرى على سطح القمر واللون الحقيقي الذي يضاهيه على سطح الأرض. وتظهر الأرض من القمر ككرة مضيئة، إذا كان نصفها الذي يواجه سفينة الفضاء أو القمر مضاءً بضوء الشمس. كما أن قرص الشمس يظهر مستديراً ويحيط به الظلام من كل جانب. أما النجوم المتلألئة فتظهر كبقع مستديرة مبعثرة وكأنها أقراص مضيئة. أما صفحة السماء التي نراها على الأرض زرقاء أثناء النهار، فإنها تكون سوداء، لأن ضوء الشمس لا يتشتت في الفضاء، نظراً لانعدام ذرات الغبار، كما لا توجد أي طبقات من الهواء المختلف الكثافة الذي يظهر الألوان. ولا شك أن القمر الذي يبدو رائعاً وذا سحر خلاب في الليالي المقمرة سيبدو كئيباً مملاً عندما يراه الإنسان عن قرب. ولن يرى الإنسان أي ألوان بل سيرى صخوراً قاتمة حالكة السواد. وسوف يدرك الإنسان الموجود على سطح القمر أن الأرض هي أجمل كوكب في المجموعة الشمسية بلا منازع. إنها بحق كوكب الألوان الزاهية التي خلقها الله من أجل الإنسان لتكون بيئته المثالية. فهل يستطيع الإنسان أن يحافظ عليها؟! وإذا استطاع أن يفعل هذا، فإلى متى ستظل الأرض بيئة مثالية للإنسان..؟!