تبدو حجة تملأ الأفواه تلك التي يتحجج بها رجال الأعمال في مسألة التوظيف، حينما يعترفون أن حسهم التجاري الربحي يدفعهم إلى توظيف من هم أقل تكلفة بغية مزيد من الربح، وهو ما كان يعني لعقود مضت أن تكلفة السعوديين على التجار تعد عالية، ما جعل الوظائف تنقاد طواعية للمقيمين في البلاد. إلا أن الأمور فيما يبدو قد تغيرت، فقد أدت تغيرات على خارطة سوق العمل السعودي إلى ارتفاع تكلفة الموظف المقيم بشكل لافت، أبرزها رفع تكلفة الإقامة بواقع 200ريال شهرياً، كما أن محاصرة مخالفي نظام الإقامة، ومحاولة السيطرة على فوضى سوق العمل ستؤدي بدورها حسب مراقبين إلى قلة العرض من الموظفين المقيمين الباحثين عن عمل، مما سيساهم في زيادة رواتب العاملين من المقيمين بشكل يجعلها أعلى من رواتب السعوديين، خاصة في ظل ما تم التعارف عليه بأن الحد الأدنى لرواتب السعوديين لا يتجاوز الثلاثة آلاف. عصام مجلد وتبدو شرائح الموظفين المقيمين المرشحين لأن ترتفع رواتبهم أولئك الذين يعملون في وظائف إدارية وتنفيذية كمدراء التسويق والمبيعات، والمدراء التنفيذيين. يأتي هذا في وقت أشار فيه مراقبون إلى أن الأيدي العاملة من المقيمين العاملين في قطاع المقاولات سيرفعون التكلفة على المواطنين في مجال الإنشاءات بواقع 20% جراء الحملة التصحيحية، لكن مختصين في مجال التوظيف يرون من جانب آخر أنه في ظل تلك التحركات الحكومية، فإن توظيف السعوديين سيشهد فترة ذهبية خلال الأشهر القادمة، فالتوجه الحكومي من خلال رفع رسوم العمالة، ومحاصرة مخالفي نظام العمل، سيجعل الموظفين السعوديين الخيار الأقرب لشركات ومؤسسات القطاع الخاص. المهندس عصام مجلد – الخبير في مجال التوطين- قال من جانبه ان السعوديين من طالبي العمل هم اليوم في أحسن حالاتهم من حيث المؤهلات، ومن حيث الرغبة في العمل، مبيناً أنه آن الأوان لأن يوظف رجال الأعمال أبناء بلدهم، وأن يمنحوهم أولوية مطلقة. وأشار إلى أن الفرصة مواتية لأن تستقطب شركات ومؤسسات القطاع الخاص السعوديين من طالبي العمل في الوظائف التي تناسب مؤهلاتهم، مؤكداً على أن تكلفة السعوديين اليوم باتت متساوية أو ربما أقل من بعض المقيمين بعد الإجراءات الحكومية الأخيرة. وأكد أن الفترة القادمة ستشهد ارتفاع تكلفة العامل المقيم مقارنة بالمواطن، مشدداً على أن عدم تعيين حد أدنى للأجور بشكل رسمي يترك فراغاً أحياناً في تصنيف ومعرفة مستوى الأجور، إلا أن الطلب على السعوديين في الفترة القادمة ستفرضه ضوابط سوق العمل القادمة. وقال إن الإجراءات التي تمت مؤخراً، والتي ستحدثها الحملة الأمنية سيكون لها انعكاسات تصحيحية على سوق العمل في المملكة بشكل عام.