لم يكن أكثر الهلاليين تشاؤماً يتوقع أن يصل الحال بفرق الناشئين والشباب في النادي الأزرق يوما ما كما وصلت إليه الآن من التضعضع والرداءة في المستوى والنتائج ونوعية المخرجات، وبعد أن كان زعيم الأندية السعودية والآسيوية مضرباً للمثل في الاهتمام بالقاعدة وتفريخ النجوم المؤثرين في الكرة السعودية؛ باتت فرقه السنية تحمل هم المشاركة في المسابقات المحلية نظراً لكثرة الإخفاقات المتتالية، ولولا أن المتابع يشاهد اللونين الأزرق والأبيض وعليهما شعار الهلال في الملعب لاعتقد أن الفريق الذي أمامه أحد فرق المناطق. ومن كان يتابع المسابقات السنية منذ سنوات يدرك جيداً بأن الفئات السنية في النادي الأزرق الآن مريضة بل وعلى فراش الموت ومرضها ذلك قد يطول ويؤثر على مستقبل الفريق الأول، وحينها سيضطر مسيرو النادي بعد سنوات إلى الاعتماد على شراء اللاعبين من أندية أخرى وفي جميع الخانات، إذا لم يبادر المحبون والغيورون على الكيان الأزرق للتدخل ووضع حد للتدهور الحاصل الآن، فصوت الجماهير أصبح عالياً ولم يعد الأمر خافياً على أحد. وضعها أشبه بناديين في مقر واحد! ليس كل ما يعلم يقال: فكرة كتابة الموضوع طرأت بعد متابعتي لما يطرح مؤخراً عن تلك الفئة المهمة وأوضاعها المتردية في نادي الهلال؛ خصوصاً وأنني سبق أن اطلعت على خفايا تحدث في طريقة عمل الجهات المشرفة عليها وكلها تؤكد بأن الأمور في طريقها للتدهور أكثر فأكثر، ولعل ما أكد لي تلك المعلومات حديثي مع أحد من عملوا في تلك الفئات وإن كنت لا أحتاج لذلك التأكيد نظراً لتجربة اطلعت عليها شخصياً وأكدت لي، أن الأمور تمشي بالبركة وأحيانا أكثر بالفزعة. لا حل سوى الرحيل أو منح الصلاحيات بندر بن محمد.. ما الذي تغير؟ الغريب في الموضوع هنا أن المسؤول الأول عن الفئات السنية في الهلال هو الرئيس الذهبي وصديق البطولات والرجل المحبوب في البيت الأزرق ورئيس مجلس أعضاء الشرف في النادي الأمير بندر بن محمد بل وصاحب فكرة أول أكاديمية سعودية لتخريج المواهب في الأندية السعودية والتي سميت آنذاك "مدرسة الهلال الكروية" وهي الأكاديمية التي خرجت أبرز نجوم الكرة السعودية أمثال يوسف الثنيان وعبدالرحمن التخيفي وسعد مبارك ومنصور الموينع وسامي الجابر وخالد التيماوي وصفوق ومحمد التمياط وفهد الغشيان وفيصل ابواثنين ونواف التمياط، وغيرهم ممن مثلوا المنتخبات السعودية، حتى بات النادي الملكي محطا للأنظار ومضرباً للمثل؛ إذ من النادر أن يمر موسم دون أن تشهد المنافسات السعودية بزوغ نجم هلالي جديد، ولكن يبدو أن شيئا ما تغير!! فإما أن الدعم للفرق السنية قل عن السابق!! أو أن الأمور فيها أوكلت لغير أهلها!!؛ إذ إن المنطق يقول ان انشغال الأمير بندر وبقاءه في جدة "مقر سكنه" يتطلب تواجد شخصيات مدركة لأهمية العمل في الفئات السنية وتعرف جيداً متطلباته وأصوله وبالتالي بإمكانها أن تقدم عملاً دؤوباً على أصعدة عدة مختلفة، سواء في تجنيد الكشافين للبحث عن المواهب أو تكليف بعض المدربين بمتابعة البطولات المجمعة في الحواري والمدارس، أو في احتواء المواهب والقدرة على التعامل معهم ومع أولياء أمورهم، وانتهاء بتوفير المادة ممثلة بالتعاقد مع خيرة المدربين على مستوى العالم وتوفير الأدوات والأجهزة والأهم إعادة نظام المكافآت لهؤلاء اللاعبين وتسليم مستحقاتهم أولاً بأول وليس آخراً توفير العلاج للمصابين منهم، والعارفون ببواطن الأمور يدركون جيداً أن معظم ما ذكر أعلاه إن لم يكن كله ليس متوفراً في الوقت الحالي في الفئات السنية بالنادي الأزرق، وأن الفرق السنية تلعب فقط باسم الهلال، فلا اهتمام ولا مواهب تبرز، ولا قدرة على تسجيل المميزين وبالتالي جاءت النتائج كما شاهدها الجميع لأن "فاقد الشيء لا يعطيه". وإذا سلمنا بصعوبة الإشراف المباشر من الرجل القدير الأمير بندر بن محمد لتباعد الأمكنة فإن من الأهمية بمكان إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة من الجهتين وأقصد بالجهتين الأمير بندر بن محمد رئيس هيئة أعضاء الشرف والمسؤول الأول عن الفئات السنية بالنادي من جهة وإدارة الزعيم من الجهة الأخرى بدلاً من مجاملة الطرفين لبعضهما البعض والسكوت لاعتبارات لا تمت للعمل الاحترافي بأي صلة والضحية في النهاية النادي الكيان ومستقبله القريب؛ إذ ان الوضع بات أشبه بناديين تديرهما إدارتان مختلفتان في مقر واحد وباسم واحد بينهما تناحر وتباعد كبير يمثل عاملا سلبيا في كرة القدم الزرقاء. إما الابتعاد أو منح الصلاحيات والحل من وجهة نظري لا يتعدى أحد أمرين ؛ فإما أن يتفرغ الأمير بندر بن محمد لمسؤولياته الشرفية ويترك الإشراف على الفئات السنية بالنادي نهائياً ويبتعد عن مسؤولياتها إلا من ناحية الاستشارات بالطبع لكونه الرجل الخبير، وتشرف إدارة النادي بقيادة الأمير عبدالرحمن بن مساعد إشرافاً مباشراً عليها كما يتم الصرف عليها من مبلغ رعاية النادي السنوي الذي تقدمه الشركة الراعية، وتمنح الصلاحيات لها "الإدارة" لتعيين من تراه مناسباً للإشراف على الفئات السنية من محبي النادي وهم كثر وضخ الكوادر الإدارية المميزة وتوفير الأجهزة والكوادر الفنية والإشراف على تنظيم الأمور المالية في الفرق السنية، ولا يمنع أن يكون ذلك باطلاع منه. المكابرة ستهدم الكيان الأزرق أما إن مارس الطرفان المجاملة، والمكابرة.. كل على حدة فإن المتضرر هو الكيان الأزرق ومستقبله وبالتالي جماهيره التي (قد) تتحسر يوما ما على مجد تليد ضاع بسبب الحرص على البقاء في دائرة الأضواء. فمن الواضح أن الحل يتمثل في أن تشرف على الفئات السنية إدارة واحدة وهي إدارة النادي التي ستضطر إلى الالتفات لها ورعايتها والاهتمام بمواهبها وحث الجهاز الفني على منحها الفرصة. عبدالوهاب الوهيب