في قصيدة للشاعر محمد القاضي قال: حمام ناح قاصرني بداره يجر الصوت بغروس ربيبة ينوح وزاد بالنوح انذعاره يذكرني ويجرحني نحيبه يذكرني هوى طفل سفاره تعرض لي ولي قلب بلي به أرى قلبي الى ما ارخي خداره كما الجني الى ما شاف ذيبه جاك الذيب جاك وليده وأصل عجز البيت الأخير مثل شعبي "جني شاف ذيب" ومنشأه خرافة مازال هناك من يتداول قصصاً قد يكون أكثرها (متخيلاً ) أو على أقل تقدير مبالغات في وصف أحداث ومواقف بسيطة ضُخمت في ظل عدم إدراك خلفياتها وتفسيراتها الحقيقية، وغالبا ترتبط المبالغة بالبسطاء، فيشاع بينهم أن الذئب ينفرد عن غيره من السباع بقدرته على تتبع الجن وأكلهم، وأن الجني إذا "شاهده" الذئب لا يستطيع الحركة فلا يهرب بواسطة الغوص في باطن الأرض بل يبقى متسمرا بلا حول ولا قوة منتظرا الذئب ليفترسه بكل سهولة! بل قيل إن للذئب تراتبية غذاء متنوعة بين "اللحم والهواء والتراب والجن"!. ومن هذه الخرافة يُفسر المثل الشعبي (جني وشاف ذيب) الذي يضرب لمن يتصف بالشدة والبأس في تعامله مع عامة الناس لكنه يجبن أو تذهب هيبته أو يحتار فلا يحسن التصرف أمام شخص بعينه أو موقف محدد يذهل منه. ولعل الذئب أبرز الحيوانات الفطرية المتوحشة الحاضرة منذ القدم في "الثقافة المحكية" لأبناء الصحراء، حتى أن القصص والأمثال الشعبية تجعله رمزا لمعانٍ وقيم بعضها يعتريها شيء من التناقض كالغدر والوفاء، والإقدام الذي يقتضي (المواجهة) والحيلة القائمة على (المخاتلة). وفي تقديري أن السرّ يكمن في طبيعة علاقة أبناء الصحراء بالذئب فهي عبارة عن مزيج من الخوف منه والإعجاب به. وعلى أي حال فالمعروف أنه سبع يتصف بالبطش، ولهذا يرمز إليه بالمصائب في المثل الشعبي (جاك الذيب جاك وليده)، ودلالة المثل تشير إلى الحيرة والترقب وتوقع حدوث مواقف أو مصائب سيئة أو أقل سوء.