إن أثر فقد الرجال يأتي على قدر إنجازاتهم وأعمالهم وآثارهم، والملك فهد - رحمه الله تعالى - رجل استثنائي في مرحلة من أحلك المراحل وأشدها أزمة وأصعبها تقلبات.. وقد مكنه الله تعالى من قيادة وطنه في تلك المرحلة وفي ظل ظروف عاصفة بكل حنكة.. واستطاع بتوفيق الله عز وجل أن يجنب الوطن تلك الأزمات ويخفف من آثارها.. كان رحمه الله تعالى رجل المرحلة بما وهبه الله من صفات القائد الملهم والسياسي المحنك والراعي الأمين القائم على مصالح البلاد والعباد بأمانة وإخلاص فكان أخاً للكبير وأباً للصغير.. وحق للوطن أن يحزن لرحيله وحق له أن يدعو بالرحمة والمغفرة لمن بذل وقته ولحظات عمره على حساب صحته في مصلحة الوطن والمواطن.. لقد كان رحمه الله ذا قلب كبير يسع لهموم الوطن فاستوعبها وقام على حلها وعلاجها من خلال تنمية شاملة ونقلة حضارية ارتقت بالمجتمع إلى مصاف المجتمعات المتقدمة معيشة وذوقاً وتعاملاً مع معطيات الحضارة الحديثة ومع التزام واعتزاز بقيم الدين الحنيف ومبادئه.. كان رحمه الله يسلك منهجاً وسطاً في مواقفه وتعامله مع الأحداث - وهو منهج المملكة التي تميزت به منذ عهد المؤسس رحمه الله - وسطاً لا إفراط ولا تفريط مما جعل تلك السياسة الحكيمة ملاذاً للأشقاء والمنكوبين عند اشتداد العواصف والأزمات؛ ثم إنه رحمه الله تشرف بخدمة بيت الله المعظم ومسجد نبيه صلى الله عليه وسلم فقام على صيانتهما وعمارتهما بعمل أصبح أعجوبة الدهر ثم خدم الدين بعمل لم يسبق إليه فخصص للمصحف الشريف مطبعة تنتج منه ملايين النسخ مترجمة معانيه إلى اللغات العالمية الحية فأسهم بهذا العمل المبارك في نشر الدين وتوعية الأمة والتوسعة عليها. والمملكة - بفضل الله تعالى - أجمعت على مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله- حفظه الله- بعد أن بادرت الأسرة الكريمة بمبايعته وباركت اختياره لأخيه الأمير سلطان- حفظه الله- ولياً للعهد، وهذا من نعم الله على بلادنا حيث تحصل المبايعة بيسر وسهولة لا مثيل لها في المجتمعات الأخرى. ومما يبعث على الاعتزاز أن مسيرتنا التنموية ماضية بتوفيق الله تعالى في نجاحها وإنجازاتها بعد أن استلم الملك عبدالله حفظه الله القيادة بهدوء؛ ليكمل ما بدأه والده المؤسس الملك عبدالعزيز ومن بعده أبناؤه سعود ثم فيصل ثم خالد ثم فهد عليهم رحمة الله جميعاً. والملك عبدالله حفظه الله قائد فذ وسياسي محنك.. أذهل كل من التقى به بما يتمتع به من رؤية حكيمة وبعد نظر وهدوء في التعامل مع الأحداث وقدرة على التأثير.. إضافة إلى اهتمامه بقضايا المواطنين ومتابعته الدؤوبة لعلاجها.. إن اختيار خادم الحرمين الشريفين أخاه الأمير سلطان ولياً للعهد لما يتمتع به من خبرة واسعة على جميع الأصعدة اكتسبها طيلة توليه لمناصب قيادية في الحكومة، إضافة إلى ما تتسم به شخصيته من صفات قيادية كالحكمة في معالجة القضايا والأحداث. والهمة العالية والثقافة الثرية. أسأل الله تعالى أن يتغمد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بواسع رحمته وأن يجزيه عما قدم للإسلام والمسلمين خير ما جزي إماماً عن أمته وراع عن رعيته، كما أسأله أن يبارك في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وولي عهده الأمير سلطان وأن يمدهما بعونه وتوفيقه إنه سميع مجيب. ٭ محافظ المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني