في أسبوع عطلة عيد الأضحى كلّ شيء مجمّد في لبنان بدءاً من تشكيل الحكومة وصولًا الى اجتماعات حكومة تصريف الأعمال للبتّ بموضوعين أساسيي: تلزيم "بلوكات" النفط العشرة وإقرار تمويل المحكمة الدّولية الخاصّة بلبنان. وحده المشهد الأمني يبدو متحرّكا على وقع الأزمة السورية حيث تتوارد الحوادث وأعمال القتل في سورية التي تتهم فيها أطراف لبنانية في مقدمها "حزب الله". من طرابلس الشمالية الى عرسال البقاعية تبدو الحدود اللبنانية المشتركة مع سورية في حال من الغليان الذي ينذر بالأسوأ. في طرابلس، وبعد أن أوقفت شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي منذ يومين يوسف دياب (ينتمي الى "الحزب العربي الديموقراطي" العلوي) في جبل محسن وهو مشتبه به بأنه تولى قيادة السيارة المفخخة التي وضعت امام مسجد السلام، في حين كانت التحقيقات السابقة بينت ان الموقوف احمد مرعي هو من تولى قيادة السيارة الاخرى التي انفجرت امام مسجد السلام. ونظرا الى هذا التوقيف، عاد التوتّر الى محوري باب التبانة (ذي الغالبية السنية) وجبل محسن (ذي الغالبية العلوية) ما أدى الى جرح شخصين واستدعاء تدخل الجيش اللبناني. وقالت أوساط سياسية في طرابلس ل"الرياض" أن "من شأن هذا التوتّر أن يجهض الخطة الامنية التي بدأ الجيش بتطبيقها في المدينة والتي تواجه عراقيل جمة بفعل تعدد القوى المسلحة الممسكة بالأرض". وكان مسؤول العلاقات السياسية في"الحزب العربي الديموقراطي" رفعت عيد قال إن توقيف دياب محاولة لإلغاء الطائفة العلوية". مهدداً بأن "الأمر لن يمرّ مرور الكرام". وسابقاً ادّعى القضاء العسكري على الشيخ الموقوف أحمد الغريب في انفجار المسجدين كما على ضابط الاستخبارات السورية في طرطوس النقيب محمد علي ورئيس مجلس قيادة حركة التوحيد الاسلامي (القريبة من النظام السوري) الشيخ هاشم منقارة الذي عاد وتُرك بسند إقامة. من جهة ثانية، في البقاع شيعت بلدة عرسال عمر الأطرش وسامر الحجيري اللذين قتلا في منطقة نعمات على الحدود اللبنانية - السورية بصاروخ استهدف سيارتهما في جرود البلدة وقد نجا شخص ثالث كان برفقتهما. وعمّ الغضب البلدة (سنية) إذ أن الحجيري اتهم من قبل "حزب الله" بتفجيري بئر العبد والرويس في ضاحية بيروت الجنوبية، وسط مخاوف من أعمال انتقامية في حال ثبت أن "حزب الله" قام بتصفيته، وبات الحجيري يوصف في عرسال بأنه "شهيد الثورة السورية". وسط هذا المشهد الأمني القاتم، يبقى تشكيل الحكومة مجمّدًا الى أجل غير مسمّى، وبعد احتدام السجال بين"تيار المستقبل" والنائب وليد جنبلاط حول الصيغ الحكومية المعتمدة فضلا عن انتقاد جنبلاط للثورة السورية، رشح عن أوساط الرئيس المكلّف تمّام سلام أنه " قد يكون هنالك أمل بتذليل العقبات أمام تشكيل الحكومة قبل عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني المقبل". ولفت رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أمس الى أنّ "هذا التأخير الحاصل في التأليف يقتل نظامنا الديمقراطي والدستوري"، سائلاً: "ماذا ينتظر الرئيسان بعد ستة أشهر لتشكيل الحكومة ولاسيما بعد أن مواقف كل الفرقاء باتت واضحة تجاه أي تشكيلة حكومية؟"