جمعية أسر التوحد تطلق أعمال الملتقى الأول للخدمات المقدمة لذوي التوحد على مستوى الحدود الشمالية    سلمان بن سلطان: نشهد حراكاً يعكس رؤية السعودية لتعزيز القطاعات الواعدة    شركة المياه في ردها على «عكاظ»: تنفيذ المشاريع بناء على خطط إستراتيجية وزمنية    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع    "موسم الرياض" يعلن عن النزالات الكبرى ضمن "UFC"    رينارد يواجه الإعلام.. والدوسري يقود الأخضر أمام اليمن    وزير داخلية الكويت يطلع على أحدث تقنيات مركز عمليات 911 بالرياض    عمان تواجه قطر.. والإمارات تصطدم بالكويت    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان    الجيلي يحتفي بقدوم محمد    جسر النعمان في خميس مشيط بلا وسائل سلامة    تيسير النجار تروي حكاية نجع في «بثينة»    الصقارة.. من الهواية إلى التجارة    زينة.. أول ممثلة مصرية تشارك في إنتاج تركي !    "الصحي السعودي" يعتمد حوكمة البيانات الصحية    مستشفى إيراني يصيب 9 أشخاص بالعمى في يوم واحد    5 طرق لحماية أجسامنا من غزو البلاستيك    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي بابا الفاتيكان    26 مستوطنة إسرائيلية جديدة في عام 2024    استدامة الحياة الفطرية    قدرات عالية وخدمات إنسانية ناصعة.. "الداخلية".. أمن وارف وأعلى مؤشر ثقة    إعداد خريجي الثانوية للمرحلة الجامعية    "فُلك البحرية " تبني 5600 حاوية بحرية مزود بتقنية GPS    محمد بن سلمان... القائد الملهم    البرازيلي «فونسيكا» يتوج بلقب بطولة الجيل القادم للتنس 2024    برنامج الابتعاث يطور (صقور المستقبل).. 7 مواهب سعودية تبدأ رحلة الاحتراف الخارجي    العقيدي: فقدنا التركيز أمام البحرين    قطار الرياض.. قصة نجاح لا تزال تُروى    تعاون بين الصناعة وجامعة طيبة لتأسيس مصانع    5.5% تناقص عدد المسجلين بنظام الخدمة المدنية    وتقاعدت قائدة التعليم في أملج.. نوال سنيور    «بعثرة النفايات» تهدد طفلة بريطانية بالسجن    رشا مسعود.. طموح وصل القمة    فريق علمي لدراسة مشكلة البسر بالتمور    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    غارات الاحتلال تقتل وتصيب العشرات بقطاع غزة    تنمية مهارات الكتابه الابداعية لدى الطلاب    منصة لاستكشاف الرؤى الإبداعية.. «فنون العلا».. إبداعات محلية وعالمية    محافظ جدة يطلع على برامج "قمم الشبابية"    تشريعات وغرامات حمايةً وانتصاراً للغة العربية    سيكلوجية السماح    عبد المطلب    زاروا معرض ومتحف السيرة النبوية.. ضيوف «برنامج خادم الحرمين» يشكرون القيادة    آبل تطور جرس باب بتقنية تعرف الوجه    هجوم ألمانيا.. مشهد بشع وسقوط أبشع!    استراتيجية الردع الوقائي    التشريعات المناسبة توفر للجميع خيارات أفضل في الحياة    تجويد خدمات "المنافذ الحدودية" في الشرقية    خادم الحرمين يرعى منتدى الرياض الدولي الإنساني    سعود بن بندر يلتقي مجلس «خيرية عنك»    ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة يصلون مكة ويؤدون مناسك العمرة    القبض على شخص بمنطقة الحدود الشمالية لترويجه «الأمفيتامين»    كافي مخمل الشريك الأدبي يستضيف الإعلامي المهاب في الأمسية الأدبية بعنوان 'دور الإعلام بين المهنية والهواية    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    تجمع القصيم الصحي يعلن تمديد عمل عيادات الأسنان في الفترة المسائية    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. الوهابي: جوائز الرواية موجهة.. ومن يحقق أهدافها ينال الجائزة
منتقدا كثرة ملتقيات الأدب.. وكاشفاً لثقافة اليوم
نشر في الرياض يوم 05 - 10 - 2013

الحديث مع الدكتور عبدالرحمن الوهابي عن الأدب اليوم، لا يمكن إلا أن يكون عميقاً. فأستاذ النقد الأدبي الحديث في جامعة الملك عبدالعزيز، لم يعتد النظر إلى الظاهرة الأدبية منفصلةً عن السياق الثقافي والاجتماعي والسياسي العربي والعالمي لإنتاج الفكر والرؤى؛ من هنا يعلن تشككه في بعض الجوائز الأدبية وما وراءها، ناقداً المناهج التعليمية في تعاطيها مع مخيلة الطفل، أدبيا وفنياً، ومبيناً أن كثيراً مما أثير حول المنتج الأدبي في صحافتنا للاستهلاك الصحافي، رافضاً تسمية منتج روائي محلي واحد، حاز على رضاه من الناحية الأسلوبية والفنية.
حداثة الثمانينيات غلب عليها الإثارة
هكذا إذاً، سيقلب صاحب كتاب (نقد الحضارة وثقافة العولمة)، أوراق المشهد الأدبي في حوار أجري معه بُعيد رجوعه من "سوق عكاظ":
* حضرت أخيراً سوق عكاظ فهل ترى أن هذا السوق حقق أهدافه المرجوه؟
- لا أظن أن السوق حقق أهدافه حتى الآن، لأنه مشروع حضاري كبير ومهرجان ثقافي اجتماعي وهذا هو عامة السابع، بدأ من لا شيء، فهو ينمو سنة بعد سنة لينضج في صورته النهائية، سوق عكاظ كما أراه وكما هو في رؤيته مشروع يتناول المفهوم الثقافي الشامل فهو لا يقف عند حدود الأدب من مفاهيم الثقافة بل إلى الثقافة في خدمة الفكر العربي والإنساني عامة، هو مهرجان ذو أنشطة متنوعة وكونه في مصيف مهم وجميل في المملكة فإن هذا من دوافع أن يكون كما هو مخطط له محطة سياحية متنوعة الأنشطة الترفيهية والشبابية والأسرية والتثقيفية والأدبية، وكلنا نسعد بأن يستمر هذا البناء النهضوي الحضاري في بلادنا الذي يدلل من خلاله على رؤية تطلعية لمصادرنا الحضارية المتنوعة وشكر يستحقه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الذي لم تعطه الثقافة العربية والمحلية ما يستحقه وهو يقدم لها الكثير بعمق ورؤية إسلامية وعربية وإنسانية.
*كيف تنظر وتقيم تجربة متلقى الأدباء السعوديين والذي اختتم في المدينة المنورة قبل مدة قصيرة؟
- ليس عندي أي معلومات كي أتحدث عن هذا الملتقى.
*لأنك لم تُدعَ؟
- نعم لم تقدم لي دعوة، وليس هذا المهم. والأهم هو أن الملتقيات كثرت في المملكة ودعوة جميع المهتمين بالأدب واستدراجهم ربما يكون أمراً صعباً.
* مؤتمر يعقد كل سنتين لمرة واحدة، يصعب عليه دعوة أكاديميين في صلب المجال الأدبي؟
- هذا يوجه للملتقى. أعرف أن الأندية الأدبية تقيم أيضاً ملتقيات وتقوم ببعض الأنشطة، إلا أن هنالك ملحوظة على مستوى الدعوات في المملكة تتعلق بوجود انتقائية وكما قيل، أن هناك "تجار شنطة" تجدهم في كل نادٍ وملتقى. أضف إلى ذلك أن الدعوات لابد ألا تقتصر على المهتمين بالأدب والفكر، بل أن تطعم هذه الملتقيات بأشخاص يختلفون عنهم بالرؤية، على اعتبار أن الثقافة في الأساس تصب في خدمة المجتمع الذي نحن فيه. كما حدث في سوق عكاظ، عندما أقيمت ندوة علمية كاملة عن "الجينوم"، وهو ما يعكس مستوى الثقافة وانعكاسها على المجتمع بصورة عامة.
الملتقيات الأدبية كثرت بشكل كبير!
* الأدب حالة إبداع فردي.. ما الذي يمكن للمؤسسات الحكومية أن تقدمه لدعم الفنون الأدبية؟
- الأدب فردي المصدر، هذا صحيح من الناحية الأولية، ولكن الأدب الجيد هو الذي ينقل تجربته إلى أنساق مختلفة من المجتمعات، وهذا من أهم وظائف العمل الأدبي والفنون عامة، ومن وجهة نظري إن توسيع مفهوم وظيفة الأدب أمر نحن في حاجة إليه على المستويين المحلي والعالمي، لم تعد النظرة للأدب كما نراها ونلاحظها، وهناك مجموعة من الجهود التي يمكن أن تدفع من الأدب شريطة أن يدفع الأدب من مستواه، هناك مؤسسات تعليمة وإعلامية وتجارية وغيرها، المؤسسات الإعلامية أرى أنها في حاجة لرفع مستواها الفكري والثقافي والموضوعي عند تناول الأدب وما يتعلق به علميا، نعم الأدب والفنون تعكس المجتمعات ومرحلتها الفكرية والتثقيفية ولكن مفاهيم ذلك تطورت مع الأدب العولمي ووظيفته، كما أن التعليم العام بخاصة يمكنه دعم المواهب المبكرة وتوظيف الإنشاء الأدبي لتطوير المادة التعليمية والعلمية، توظيف الأدب من العوامل المهمة في العالم المتقدم، ولا نريد أن يكون الأدب فردياً ذاتياً بكائياً يخلق العقلية السلبية التي تعيش على الوهم والخيال المحبط، نريد أدباً يناقش جميع المشاعر والأحاسيس الإنسانية التي يمر بها الإنسان، نريد توظيفاً لإنشائية الأدب بصورة سليمة، على سبيل المثال لا أدري لماذا لا يشارك المؤلفون والمؤلفات من المبدعين الجيدين في المناهج التعليمية، ووضع مسابقات مجزية للتأليف في ذلك تتضمن عناصر تربوية وتعليمة لا تغطي فقط جوانب العلوم النظرية فقط، بل حتى العلمية، في دول كثيرة مناهج العلوم والقراء ونحو ذلك يوظف فيها الأدب بعناصر صناعية متقدمة وتكون هناك مسابقات في ذلك، نحن لا نريد أن نجعل من المجتمع يعيش في وهم الأدب الخيالي، الأدب يصنع تربية الخيال عند النشء، وهكذا يتطور الخيال ليوظف في جوانب مختلفة، ومن المهم الإشارة أن دعم الأدب والجوانب الثقافية عندنا هي حكومية، ونرجو أن يكون هناك دعم أكبر من القطاع الخاص الذي لا يمكن أن يدعم الأدب ومفهومه الثقافي إذا كان هذا الأدب يعيش في بوتقة ضيقة من تأليف ونشر.
نجيب محفوظ
* ترجو ان يكون هنالك دعم أكبر من القطاع الخاص.. تقصد من خلال الجوائز التي تحمل اسماء رجال أعمال.. وتروج لهم على الأغلب؟
- لا أنظر إليها من هذا المنظور، من الجوائز الكبرى في المملكة المتحدة جائزة الأورنج. وهي شركة اتصالات كبيرة. من حق الراعي بأن يقوم بدعاية لمؤسسته أو الجهة الداعمة، وليست دعاية شخصية، هنالك دعم ولكن نرجو أن يكون أكبر. يجب أن يكون هنالك اهتمام أكبر من القطاع الخاص. المسألة الأخرى، هي ضرورة أن يعكس القائمون على الثقافة، مفهوماً للثقافة محاكياً لأغلبية المجتمع. وليس مع جزيئات عددية بسيطة بالمئات أو العشرات.. وذلك كي يتفاعل معك الناس. أي من خلال فن تسويق المنتج نفسه.
*ولكن إذا أردنا إرضاء الناس والجمهور العريض، ربما لجأنا إلى تقديم أدب مسالم، مجامل وعام؟
- كلام جميل، وافهم ما تعنيه. نحن لا ندعو لتوجيه الأدب من خلال مشاركة القطاع الخاص. القطاع الخاص يكسب من خلال توجيه دعايته عبر المحافل الأدبية والفكرية، لأنه أمام مجموعات علمية وفكرية كبيرة تهتم بالمجتمع. وماذكرته موجود، من أن القطاع الخاص يدعم الأدب، لهدف معين، هذا موجود في جوائز أدبية عالمية.
* تقصد توجيه المحتوى من خلال الجائزة؟
- لاشك. إلى درجة أن من يستطيع تحقيق أهداف الجائزة، يستطيع الحصول على الجائزة.
* تحدثت عن التعليم ودوره في دعم المواهب المبكرة.. لكن نظرة عاجلة للمناهج فضلًا عن أغلب المعلمين، اليوم، تشير إلى عكس ما تطمح؟
- لا أنظر بهذه النظرة السوداوية، مجال التعليم مجال مرهق، جداً. لكن جانب دعم المواهب الأدبية من الشبيبة من الجنسين في التعليم العام، يحتاج إلى دعم أكبر لتنمية المواهب. هنالك جهود كبيرة في هذا المجال من قبل وزارة التربية والتعليم. ما نلحظه من مخرجات التعليم العام للتعليم العالي أن هنالك ضعفاً في الاهتمام بالمواهب للشباب. لذلك لا يتطلب علينا أن نطلب من المعلمين والمعلمات جهداً أكبر لأنهم في عمل شاق ومرهق. بعضهم يدرس 24 حصة. والمدارس الحكومية تشتمل على أعداد طلاب كبيرة جداً في الفصول وغير مقبول في أي معيار عالمي فمن الصعب أن نطلب مخرجات متميزة إلى المخرجات الفردية التي تخرج بذاتها مع التربية الخاصة في المدارس.
* ولكن ماذا عن المناهج التعليمية، هي بعيدة عن روح الأدب اليوم، ولا تدخل الطالب في المشهد المعاصر للأدب؟
- المناهج فيما يخص الجوانب المتعلقة باللغة العربية، ورغم تطورها في العشر سنوات الأخيرة إلا أنني أتصور أنها في حاجة إلى مراجعة، إذ قد يذهل البعض من بعض الموضوعات التي نجدها في مناهج المرحلة الابتدائية. ليس هناك اهتمام بتوسعة خيال الطفل ومشاركته. أطالب بأن تخضع المناهج الدراسية إلى مسابقات تأليفية علمية تفتح للرأي العام ويشترك فيها من يشترك وفقاً للقوانين والمعايير المطلوب توفرها وإقامة شراكات مع الجامعات في النواحي الاستشارية.
* شهدنا في التسعينيات موجة تحول من الشعر إلى الكتابة الروائية، برأيك ماهو الدافع وراء هذا التحول؟
- هذا سؤال ناقشته في عدة مواضع وناقشه بعض النقاد المهتمين بنحو ذلك، ومجمل القول من وجهة نظري إننا نتعامل ونرصد ظواهر أدبية تتغير وتتطور، وهذا من طبيعتها، لأنها من الحقول الإنسانية الممتزجة بثنائية العقل والعاطفة، بروز الرواية عربياً يختلف عن ظاهرتها في بعض الشعوب كالغربية مثلا، فنحن لم نتوجه للشعور العقلي كثيراً، ولم تبرز الرواية مع عوامل اجتماعية تضمنت صراعات متنوعة وتطور تقني أثر على المنتج كما في الغرب الذي يرتبط منتجه حتى بالجوانب الترفيهية والاقتصادية وليس هناك عوامل تجارية تدعم المد التأليفي بتوسع بل في نطاق ضيق تجاري وشبه مؤدلج. ولا يمكن أن نتجاهل جائزة نوبل لنجيب محفوظ في الأدب عام 88 فقد تحول الكثير من الكتاب للرواية في العالم العربي، وحتى على مستوى تناولها النقدي الذي تابع الظاهرة بتفاوت معرفي، وكل ذلك ساعد على توسع الكتابة الروائية وهي كظاهرة منطلقة يدخلها الكثير من الحماس والاندفاع سواء إبداعاً أو نقداً تطبيقياً.
* انتقلت جائزة البوكر للرواية العربية، في السنوات الأخيرة إلى الضفة الخليجية.. كيف تقرأ هذا الانزياح.. هل حقاً في الخليج روايات أهم من روايات الوطن العربي.. أم ثمة ما يستحق التنقيب؟
- أي جائزة لها أهداف ومستوى محدد من نيل الجائزة، ومتى توفر ذلك تمت الجائزة، هناك جوائز متعددة في العالم تهتم بالأدب وهناك شركات تقدم نوعا مثل ذلك في الغرب لأغراض دعائية وترويجية، هناك لوازم لكل جائزة يمكن التحضير لها والاستعداد لها وهذا حق مشروع، ومن يأخذ الجائزة ينالها من جانبها التقديري، أما الجوانب التي تقف خلف ذلك فقد يجهلها البعض وحتى من يأخذ الجائزة نفسه.
* كيف..؟ وما الذي يجهله من يأخذ الجائزة وتعرفه أنت؟
- (يطلق ضحكة) هذا سؤال خبيث ياعلي (يضحك)..
* ماذا نفعل ؟
- ما أشير إليه أنه لا يمكن أن تخرج أي جائزة يدفع لها مبالغ كثيرة إلا وتكون هناك جهات تدعم هذه الجائزة. وهو ليس سراً. يجب أن يكون لدينا وعيٌ فيما وراء بعض الجوائز في ما يعرف وما لا يعرف وهو ما نكتشفه من خلال السياقات. لو أجرينا دراسات علمية على الروايات التي نالت جوائز معينة لوجدنا أن هنالك خطوطاً عريضة تتوفر في المادة الروائية التي منحت الجائزة. ويمكن أن يقاس ذلك على غير الرواية أيضاً. إنها جوائز تتناول بدقة المسألة الفكرية والعقلية. لايمكن أن نتجاهل التوجه نحو الشرق الأوسط في العشر سنوات الأخيرة من الغرب. لايمكن أن نتجاهله في الجوانب الفكرية والثقافية ولايجب أن نحمله أكثر من اللازم كي لا نجلد الذات. ولكن يجب أن لا نتجاهله كي نضع الحصان أمام العربة وليس العكس.
* تريد القول إن فوز رواية من الروايات هو بمثابة تسليط الضوء على محتوى فكري معين، لإعادة صياغة وعي رأي عام باتجاه قضية محددة؟
- أنت لماذا تريد أن تدقق على هذه السؤال ياعلي.
* مهم جداً أن ننتقل من منطقة اللا مفكر فيه إلى المفكر فيه؟
- هل لديك تصفيات حسابات مع أحد؟
* لا أبداً.
- حسناً، القراءات تبقى متعددة في هذا الجانب. ومهما كانت التوجهات لأي جائزة سوف تتغير مع الوقت، حسب الظروف.
* تميل إلى أن فوز نجيب محفوظ بنوبل الآداب، حول الأدباء العرب إلى الكتابة الروائية، هل الأمر بهذه الإغرائية؟
-لا بد أن نقرأ الموضوع في سياقه. في تلك المرحلة لم تكن للرواية مجال واسع ويمكن دراسة ذلك على مستوى الثقافة العربية بشكل عام والثقافة المحلية. في الجامعات السعودية لم تكن تدرس الرواية إلا ضمن بعض المناهج، الآن أصبحت تدرس وهناك جوائز متعددة وفي أكثر الجامعات. لكن الأدب لم يتوجه للفن السردي كثيراً.. أجل، لا شك أن نجيب محفوظ يستحق الجائزة وهو أكبر منها بجهوده وحرفيته في الكتابة بشكل عام.
* إلى أي مدى أضر استعمال الرواية كمنصة للبوح والتعبير الفردي والاجتماعي، على ولادة رواية متفوقة إبداعيا وفنياً؟
- لعل من أجمل ما في الرواية الجيدة أنها تناقش العقل والقلب الجمعي بسردية أدبية خيالية تحلل دواخل النفس البشرية بمهارة وتفكك القضايا الاجتماعية برؤية عميقة، حقيقة إن كثرة الكتابات الروائية الضعيفة فنيا ومحاولة الترويج لها لعوامل مختلفة أضر بتطورها، ولكن هذا أيضا من طبيعة الأدب وأجناسه لاختلاف وتنوع التجربة، وتثقيف الرأي العام مهم في هذا الجانب، وأنا لا أرى مثل هذا مضراً سوى لمن يروج له فضلا عن أن ذلك عبارة عن تراكم تجارب متعددة نحو توسيع دائرة الأمل الذي سيتحقق ومتحقق منه القليل محلياً وهو مقبول على مستوى التجربة، وقد يكون تمهيداً لاحتراف كتابة إبداعية تستدرك وتدرك وتخلق إبداعاً فنياً وموضوعاتياً.
* أزعم أن تناول الروايات "نقدياً" في الصحافة من جانب غير أسلوبي وفني ك (النقد الثقافي) ساهم في تسويق الرواية الضعيفة فنياً، على حساب تطوير المنتج الروائي؟
- لا أظن أن الاهتمام الصحفي هو من جانب يتناول مفاهيم الرؤية الثقافية (النقد الثقافي)، ولو كان كذلك فهذه رؤية إيجابية. الصحافة تناقش الرأي العام وتتعامل بحرفية إعلامية في ذلك، والسوق الأدبي ليس بكبير بصراحة، ولكن اهتمامها بالموضوعاتية هو ما يمكن تشخيصه كونه أسهل وأقرب للمتلقي والصحافة، ولا يجب أخلاقياً رفع المواد الأدبية التي لا تستحق ولا يعني هذا أيضا عدم تشجيعها، ولا يصح إلا الصحيح، أكرر أن الإعلام الثقافي لدينا في حاجة لأن يكون مهنياً وواعياً، والجميع له حق الظهور بطرق ذات قيمة ومبدأ، نعم التسويق جعل بعض الروايات التي تشوه مجتمعنا تترجم ويتناولها البعض لمجرد ذلك، هذا يتجاوز المبدأ الفردي إلى الجهل والاندفاع، ويظل الأدب الرفيع رفيعاً مع كل العصور.
* قلت رؤية ثقافية وليس نقداً ثقافياً؟
- أجل لأن لدي موقف من هذا المصطلح. أنظر، الإعلام لديه رؤيته، وانت تريد أن تسلط الضوء على عمل ما، الإعلام يهدف إلى جوانب معينة، بطبيعة المهنة الصحفية نفسها، ولكن لايجب أن نضخم المعايير أكثر من حاجتها. وهذا مررنا به مرحلة الثمانينيات.. زمن الحداثة. والآن الحداثة ماتت، ما يعني أنه لم تظهر تجربة ناجحة.
* تعني أنها كانت فقاعة إعلامية كبيرة؟
- لاشك أنها كانت سوء فهم من الجانب الإعلامي وتوظيف الإعلام للإثارة، فضلًا عن أن مفهوم الحداثة لم يعكس بطريقة سليمة وصحيحة، كانت صورة يغلب عليها الإثارة والمخالفة والمصطلحات الإثارية.
* استبدلت التناول الثقافي.. بالموضوعاتية، ما الذي تعنيه بهذا المصطلح؟
- أي الاهتمام بالموضوعات والثيمات، بمعنى أنك تناقش موضوع المرأة أو أي موضوع في أي نوع من الكتابة، سواءً قصة قصيرة أو رواية.. فيلم،.. الخ. ولكن الموضوع أمر والقضية الفنية والأسلوبية أمر آخر. لأن الجانب الفني جانب صعب. والرواية لها تقنيات فنية في الكتابة الروائية، يبتعد عنها لأن اهتمامها تخصصي أكثر قد يعجز عنه بعض الكتاب الموضوعاتيين الذين يلجأون لكتابة موضوعات نثرية تدخل فيها الاثارة والمخالفة والتشويق المرحلي حتى على المستوى النقدي.
* إذاً صار النقد الموضوعاتي مكاناً للهروب من النقد الأسلوبي والفني، عند الكتابة عن الأدب في الصحافة؟
- ليس هروباً بقدر ما هو تناول صحافي مهني يوضع في سياقه. لكن أين هو التناول العلمي والفني للرواية المحلية. أينهم هؤلاء المهتمون بالجوانب الثقافية من الاطلاع على البحوث الفنية والأسلوبية في الرواية لكي يطوروا من مستواهم ولكي ينقلوا نقلاً يهدف تطوير الأجيال القادمة والمتلقية ليتوجهوا نحو معرفة أعمق بالأدب وبما يستحق القراءة والاطلاع.
* بوصفك أستاذًا للنقد الأدبي الحديث، ومشتغلاً في النقد الأسلوبي، هل ثمة أعمال أدبية سعودية لفتك تفوقها الفني في هذا الجانب؟
- أتمنى أن أجد ذلك بما يشبع رغبتي الفنية. هنالك بلا شك مجموعة روايات بها جودة ما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.